سفيرة أمريكا الجديدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت (أرشيف)
سفيرة أمريكا الجديدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت (أرشيف)
الخميس 12 سبتمبر 2019 / 18:45

تعيين متبرعة ترامب سفيرةً لأمريكا لدى الأمم المتحدة

يمكن اختزال المشوار الدبلوماسي لكيلي كرافتس في بضعة أسطر، إذ عينها جورج بوش الأصغر في 2007، ولمدة قصيرة نائبة مندوب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم مر وقت طويل دون أي أحداث تذكر، قبل أن يصبح دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة، والذي تبرعت له كرافت، التي تقدم خدمات استشارية للشركات، وزوجها ملياردير الفحم جو كرافت، بأكثر من مليوني دولار، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".

وحسب الصحيفة، كان الزوجان يتمتعان بعضوية ذهبية في وقت ما، في مجموعة فنادق ترامب، وتسارعت وتيرة الصعود نسبياً منذ 2017، عندما أصبحت كرافت سفيرة أمريكا في كندا، وبدأت الآن عملها سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أين ستلتقي في مجلس الأمن بمندوبي روسيا والصين.

ولكن من المتوقع أن توكل كرافت أمر السياسة الخارجية العظيمة للرجال الكبار في واشنطن، وقالت في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي إنها ستشغل المنصب الجديد بـ "تواضع" وأنه لا يزال عليها أن تتعلم الكثير عن الأمم المتحدة.

وينظر البعض في واشنطن إلى إرجاء ترامب شغل هذا المنصب مدة طويلة رغم شغوره منذ 8 أشهر بعد أن تركته نيكي هالي، على أنه دليل على قلة اهتمام ترامب بالأمم المتحدة، وأن كرافت لن تحصل على وظيفة في مجلس وزراء ترامب، تجعلها أكثر اعتماداً على الخط السياسي الذي ينتهجه وزير الخارجية، مايك بومبيو.

ويرى خبراء في ذلك دليلاً أيضاً على إضعاف الولايات المتحدة في مجلس الأمن، الذي لا تدخل قراراته حيز التنفيذ غالباً، وعلى أي حال فإن ناقدي كرافت ينظرون إليها على الصعيد السياسي، على أنها من الوزن الخفيف، وبلا لون، فهي لا تمتلك التوصيات اللازمة والمعلومات أو الخبرات التي تجعلها قادرة على تمثيل مصالح الولايات المتحدة، وقيمها والدفاع عنها في الأمم المتحدة، حسب تقرير للديمقراطيين للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ.

ويبدو أن مؤهل كرافت الوحيد لشغل هذا المنصب، كان المال الذي تبرعت به هي وزوجها لترامب، وأقر مجلس الشيوخ الأمريكي تعيين كرافت، بأصوات الأعضاء الجمهوريين.

وتسلطت الأضواء أخيراً على موقف كرافت من قضية المناخ، بعد أن تسببت في مستهل عملها سفيرةً لأمريكا في كندا في صخب إعلامي بسبب قولها إنها تتفهم "موقفي العلم تجاه التغير المناخي".

وفي هذا السياق يُذكر أن لزوجها، قطب الفحم، تأثير كبير على سياسة حكومة ترامب المثيرة للجدل تجاه المناخ، بينما بدأت كيلي كرافت نفسها تعترف بأن المناخ يتغير، كما أن هناك بعض الدبلوماسيين أيضاً يرون أن كرافت ليست اختياراً موفقاً لشغل منصب سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة، خاصةً إذا قورنت بهالي، التي كانت تتمتع في البداية بقدر كبير من الحرية، وكانت تضع أجزاءً من مواقف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، دون الرجوع لترامب.

ورغم ذلك فإنهم يحتاجون كرافت، ربما ليست الأفضل، ولكن سفراء أمريكا في أوروبا وغيرها من الحلفاء المحوريين، لا يستطيعون انتظار أن تبدأ كرافت عملها لدى الأمم المتحدة، حسب الخبير في مجموعة كرايزيس غروب للخدمات الاستشارية، ريتشارد جوان، لأن البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أصبحت بلا رأس منذ رحيل هالي، وتثير في بعض الأحيان استغراب حلفاء أمريكا أنفسهم.

ويأمل المراقبون أن تعود كرافت بالولايات المتحدة إلى سابق عهدها الدبلوماسي في الأمم المتحدة، على الأقل من الناحية التنظيمية، علاوة على ذلك فإن سمعة كرافت الشخصية محل احترام يجعل دبلوماسيين يأملون العمل معها انطلاقاً من مبدأ مراعاة الواقعية.

ويصف الذين يعرفون كرافت، الأم لأكثر من ابن، بامرأة ذات قلب حنون، وقدرات اجتماعية فائقة، وهي التي استغلتها كرافت عندما كانت سفيرة في كندا خلال المفاوضات الصعبة على اتفاقية نافتا للتجارة الحرة في أمريكا الشمالية، إذ كانت حريصة على أن تكون أجواء التفاوض متوازنة و بعيدة عن التشنج، عندما كانت حدة التفاوض تزداد بين المندوبين الأمريكيين والكنديين، ما ساهم في نجاح المحادثات في النهاية.

ورغم ذلك يبقى السؤال مطروحاً عن القضايا التي يمكن أن تتبناها كرافت لنفسها خلال فترة شغل المنصب، خاصةً عندما تضع الولايات المتحدة على عاتقها أن تكون الرائدة في كبريات قضايا السياسة الدولية، إذ لا يُتوقع أن تلعب كرافت دوراً كبيراً فيما يتعلق بإيران، أو بخطة جاريد كوشنر للشرق الأوسط، أو كوريا الشمالية، حسب الخبير جوان.

ولن يتبقى بعد هذه القضايا سوى نزاعات من الدرجة الثانية، مثل الصراع في اليمن، والسودان، أو الكونغو، كما أن هناك تكهنات، يذهب أصحابها إلى أن كرافت يمكن أن تركز على الإغاثة الإنسانية في الأزمات، وهو مجال لا يتضمن الكثير من احتمالات الدخول في خلاف مع إدارة ترامب.

وهناك اختبار كفاءة ينتظر كرافت بالفعل خلال أسبوعين، وذلك عندما تلتقي النخبة السياسية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إذ يُفضل ترامب لفت الانتباه هناك أكثر من الناحية التنظيمية نفسها، حسب رأي الخبير جوان، وستكون كرافت هي من يمهد المسرح له، وإذا لم تكن الأمور على ما يرام فسيحملها المسؤولية عن ذلك، حتى وإن لم يكن هناك ما تستطيع فعله بهذا الصدد.