• صانع الفخار الإماراتي أحمد راشد محمد الحيمر يحيك الفخار من التراب(خاص 24)
    صانع الفخار الإماراتي أحمد راشد محمد الحيمر يحيك الفخار من التراب(خاص 24)
  • الشباب المتطوعين يلازمون "الشيبة" لتعلم مهنة الأجداد(خاص24)
    الشباب المتطوعين يلازمون "الشيبة" لتعلم مهنة الأجداد(خاص24)
  • تجفيف الفخار آخر مراحل تصنيعة(خاص24)
    تجفيف الفخار آخر مراحل تصنيعة(خاص24)
  • جمع أنواع من التراب النظيف من الجبال هو أول مراحل تصنيع الفخار(خاص24)
    جمع أنواع من التراب النظيف من الجبال هو أول مراحل تصنيع الفخار(خاص24)
  • وادي حقيل يحتوي على 30 محرقة قديمة لصناعة الفخار، لا زالت موجودة(خاص24)
    وادي حقيل يحتوي على 30 محرقة قديمة لصناعة الفخار، لا زالت موجودة(خاص24)
الخميس 18 أبريل 2013 / 15:13

مبادرة شعبية تعيد الحياة إلى الفخار الإماراتي

أحيا مواطنون، من أبناء إمارة رأس الخيمة، صناعة الفخار التاريخية في الإمارة، والتي يعود زمانها إلى نحو 600 عام، وذلك في مبادرة شعبية خالصة منهم بهدف تأصيل هذه الصناعة التي بدأت تختفي منذ نهاية ستينات القرن الماضي.

الفعالية الحية أقيمت في منطقة جبلية بوادي حقيل، حيث الموقع ذاته، الذي شهد صناعة الفخار في الدولة لسنوات طويلة، قبل أن تختفي تدريجياً.

وتولى (الشيبة) المواطن أحمد راشد محمد الحيمر، حوالي 70عاماً، من أبناء شمل ووادي حقيل، وهو المواطن الوحيد في المنطقة، الذي لا زال يمارس المهنة التاريخية، التي تعرضت للانقراض في رأس الخيمة والدولة.

وقدم "صانع الفخار" بصورة حية ومباشرة تجرية عملية لمراحل صناعة الفخار كما عرفها الآباء والأجداد.

الحيمر، سرد لـ 24 تفاصيل صناعة الفخار في التاريخ الإماراتي، موضحاً أنها كانت تمارس في الماضي بهدف توفير مستلزمات الحياة اليومية واستخدامها في تخزين الغذاء، بجانب أنها مصدر رزق لمحترفيها آنذاك.

حكاية الفخار
وقال "تبدأ عملية تصنيع الفخار بجمع أنواع من التراب النظيف من الجبال، وهو نوعان، الأول يعرف ب"طين يهموري" يميل لونه للاخضرار، والثاني يسمى "طين صنع" ويميل للاحمرار، ويستخدم كل منهما بمقدار محدد، 70% من الأول، و30% من الثاني، ثم يضربونه بعصا تسمى "مدقة"، بهدف تنعيم التراب، الذي ينقى أكثر باستخدام "منخل"، ثم يبل التراب الصافي بالماء لتحويله إلى طين، تبدأ بعدها عملية تشكيل الجرار والأواني الفخارية في "عريش" يسمى الكوشة".

وتابع المواطن أحمد راشد محمد الحيمر "يترك الطين بعد تشكيله، بحسب الرجل المتخصص، مدة يومين صيفاً، وما بين 4 إلى 5 أيام في فصل الشتاء، لكي يجف، وتستكمل صناعة الفخار تالياً في المحرقة (الفرن)، ويشكل (الشق)، وهو الزخرفة على الفخار، آخر مراحل صناعته، وهي مهمة تقوم بها النساء في السابق".

وأضاف: "تختلفت أصناف الفخار القديمة في الإمارات، من بينها (الخرس) الذي كان يستخدم في تخزين التمر والماء والشعير والقمح، و(اليحلة) أو (الجحلة)، المستخدمة في الماضي في نقل الماء من الينابيع وسواها، و(الحب)، الخاص بشرب الماء، و(القدر) الخاص بطهي الطعام، و(الكوز) لحفظ العسل والسمن، و(المصب)، ويأخذ شكلاً مخروطياً، لصب الماء من خلاله في الأوعية الكبيرة عبر فتحاتها الضيقة، و(المزبد) لتحضير القهوة على النار، و(الوعية) لوضع الخبر وسكب بعض أنواع الطعام فيها، و(معجن) لصنع العجين، بالإضافة إلى دلة القهوة".

وذكر الحيمر "رغم أن الصناعة التاريخية فقدت بريقها وأهميتها الكبيرة في الحياة اليومية في الإمارات، إلا أنها لا زالت تحتفظ في المقابل بشيء من ألقها، من خلال اهتمام المؤسسات التراثية والجمعيات الشعبية وإقبال محبي التراث على شرائها واقتنائها في منازلهم ومتاحفهم الخاصة في منازلهم".

ومن تفاصيل الصناعة المنقرضة في الدولة، يشير الحيمر إلى استخدام (الحطب) في إشعال (المحارق) أو الأفران القديمة المتخصصة في تلك الصناعة، وهو يجمع من المناطق الجبلية والسهلية (السيح)، ويؤخذ من أشجار المنطقة، وأشهرها أشجار الهباب والأسبق، ويرمى الحطب في داخل الفرن عبر فتحة صغيرة تقع أسفله، مخصصة لهذا الغرض.

ويتحدث "تستخدم في صناعة الفخار الإماراتي أدوات بسيطة وبدائية، منها قطعة من صدف المحار، المأخوذ من سواحل رأس الخيمة، تستعمل في تنعيم وتسوية الطبقتين الخارجية والداخلية لأواني الفخار خلال عملية صنعها".

ووفقاً لآخر الفخاريين في الدولة، كانت الصناعة التاريخية تمارس في الإمارات في الماضي بهدف توفير مستلزمات الحياة اليومية في المنزل وخارجه أحياناً، لاستخدامها في تخزين الغذاء والماء، بجانب كونها مصدراً للرزق، من خلال بيعها بعد الانتهاء من صناعتها، إذ كنا نتوجه لهذا الغرض إلى الأسواق، بينما يحضر بعض الناس إلينا، حيث يصنع الفخار في المنطقة، لشرائها.

ويؤكد الحيمر أن "صناعة الفخار ليست بالمهنة البسيطة، بل هي متعبة وتتطلب جهوداً كبيرة تمتد لساعات عمل طويلة تستهلك معظم ساعات اليوم، يبقى خلالها الصانع محني الظهر، وتبدأ بحسب الطريق القديمة للمهنة، منذ ساعة مبكرة من اليوم، بعد الفجر مباشرة، إذ يبدأ صانعو الفخار أولى مراحل العمل، ويستمرون إلى المغرب".

مهنة متوارثة
يقول (الشيبة)، إنه "تعلم فنون المهنة وأصولها من والده، رحمه الله، الذي بدأ معه خطواته الأولى في عالم صناعة الفخار"، فيما كان يحرص على مراقبته خلال انهماكه في العمل، ورصد كل كبيرة وصغيرة في الحرفة، بغرض تعلم المهنة وتشرب فنونها، وكان دوره في البداية مساعدة والده، قبل أن يتحول إلى محترف.

وتابع "لا تقتصر صناعة الفحار في الإمارات في الماضي على فصل محدد، بل تمارس في (القيظ) صيفاً وفي الشتاء، ويحتاج إلى إنجاز إلى أيام متفاوتة، حسب درجات الحرارة".

ويبدي الحرفي المتخصص في صناعة الفخار الحسرة على ما تواجهه صناعة الفخار في الإمارات من إهمال خلال السنوات الطويلة الماضية، وهو ما تعاني منه المهن التراثية إجمالاً، مؤكداً أن إنتاج الفخار من أقدم الصناعات والمهن في الدولة، لكنها تواجه حالة من اللامبالاة من قبل الجهات المختصة، وتصطدم بإحجام الشباب والأبناء عن ممارستها وتعلم أصولها، باستثناء فئة قليلة جداً، تظهر حماساً لافتاً تجاه هذا التراث الوطني والشعبي، دون أن تترجم الحماس إلى واقع ملموس، ودون أن يبادر معظمهم إلى التعلم أو التدريب عليها والممارسة الفعلية.


تاريخ وآثار

من جهته، أكد مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة محمد الكيت، الذي شهد الحدث التراثي، أن "صناعة الفخار عرفت في 4 مناطق في الإمارة، هي شمل ووادي حقي، وغيلان، القريبة من مدينة الرمس، ووادي شعم، حيث موقع يضم (تنور) واحد لصناعة الفخار".

وأوضح الكيت أن "صناعة الفخار في رأس الخيمة ترجع إلى حضارة جلفار التاريخية"، لافتاً إلى أن الدائرة تدرس حالياً تاريخ صناعة الفخار في رأس الخيمة وآثارها، من خلال الأفران القديمة، التي يقدر عددها في الإمارة بما يقارب 200 (محرقة)، واشتهرت منطقة شمل ووادي حقيل بهذه الصناعة الشعبية العريقة، وعرفت قبيلة بني شميلي، التي تقطن المنطقة، بامتهانها صناعة الفخار منذ زمن قديم.

وأوضح خبير الآثار في دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة، كريستيان فيلده، الذي يتحدث "العربية"، أنه وبعد نحو 27 عاماً قضاها في الدولة، عمل قبلها في دولة عربية أخرى، أن وادي حقيل يحتوي على 30 محرقة قديمة لصناعة الفخار، لا زالت موجودة، إما كاملة أو بقايا وأطلال، وهي عبارة عن حفرة في الأرض.