صفحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العربية على تويتر
صفحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العربية على تويتر
الثلاثاء 5 فبراير 2013 / 15:01

إسرائيليون يغردون بالعربية على تويتر

24 – وجدان بوعبدالله

يجيدون لغة الضاد أفضل من الكثير من العرب، لغة وصرفاً ونحواً، وإن كانت العبرية لغتهم الأم فإن العربية لغتهم الثانية التي تعلموها من باب "اعرف عدوك".

يستعرضون عضلاتهم اللغوية أمام وسائل الإعلام العربية. عربيتهم لا ركاكة فيها، لغتها سلسة وأفكارها احتلالية، لا يترددون في الدفاع عن أسطورة "الشعب المختار"، وهم يتوجهون بالخطاب إلى الشعب العربي عدوهم اللدود منذ 70 عاماً.

على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أكثر من حساب بالعربية لمسؤولين إسرائيليين، منهم رئيس الوزارء بنيامين نتنياهو والناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الذي يغرد بنفسه على تويتر، يروج لأسطورة  الجيش الذي لا يهزم وللشعب الذي ينشد السلام.

نتنياهو بالعربية: نسخة مكررة من العبرية
فتح نتنياهو حسابه العربي على "تويتر"  يوم 14 ديسمبر 2012 وكتب" الهدف من هذا الحساب هو تعميق الحوار معكم"، ثم أعقب تغريدته بأخرى "تحية من القدس وأطيب التمنيات من الأرض المقدسة للمحتفلين بأعياد العيد".

رعب نتنياهو من الربيع العربي وخشيته من أن يمتد إلى الداخل الفلسطيني وجواره، حوله إلى مغرد "بالعربية" على مضض، فحسابه بالعربية هو خطوة للتواصل مع الجمهور العربي بعد أن غاب بعض حكامه، إسرائيل المعزولة في الشرق الأوسط، مفاوضات السلام بينها وبين العرب معطلة منذ سنوات، وربما كان التغريد بالعربية فرصة لجس نبض الشارع العربي وتمرير رسالة إسرائيل الاستعمارية.

وسبق لنتنياهو، أن فتح صفحة على "فيس بوك" باللغة العربية، تتضمن أخباره، وقراراته وتصريحاته، إضافة إلى نصوص المقابلات الصحفية التي يدلي بها لوسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، وصوره صحبة كبار المسؤولين الذين زاروا إسرائيل وبعض الشخصيات العامة.

وسجل حساب نتنياهو على تويتر بالعربية منذ تدشينه متابعة قرابة 1170 مغرد من العالم العربى.

كتب نتنياهو يوم 27 يناير (كانون الثاني) الماضي: "بمناسبة حلول اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة: إيران تنكر المحرقة وتستعد لارتكاب محرقة أخرى بتدمير إسرائيل بالأسلحة النووية". وقبلها بثلاثة أيام كتب: "رئيس الوزراء نتنياهو مستعد في أي لحظة للعودة إلى المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين دون شروط مسبقة".

ودافع نتنياهو عن الاستيطانـ فكتب يوم 20 يناير (كانون الثاني): "المشكلة ليست البناء في أريئيل أو في أورشليم القدس بل محاولة إيران تصنيع أسلحة نووية والأسلحة الكيميائية في سوريا".

اللهم قوي إيمان أفيخاي
أفيخاي أدرعي، ذلك الشاب المبتسم على الدوام على شاشات القنوات الإخبارية العربية، ابتسامة عريضة لا يعرف إن كانت تلقائية تنم عن روح طيبة بالطبع أم تكشف دواخل النفس المرتبكة، المتعودة على الاستنفار الحربي في كل لحظة.

إنه المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي، يسميه البعض قائد "الدعاية الصهيونية" الموجّهة للعالم العربي.

يحاضر أدرعي تلفزيونياً على الداوم، وعلى تويتر أيضاً، فهو يغرد بشكل منتظم، ويكتب تغريداته بنفسه، لديه أكثر من 49 ألف متابع ويتابع بدوره حوالي 300 مغرد من بينهم حساب الرئيس المصري محمد مرسي وإعلاميين عرب معروفين مثل باسم يوسف وجمانة نمور وأسعد طه وتوفيق ماجد، إلى جانب متابعته لحسابات الجزيرة والعربية وغيرها من المؤسسات الإعلامية العربية.

يضع أدرعي على خلفية حسابه صورة لجنود إسرائيليين وأعلاها نجمة داوود السداسية وشعار "جيش الدفاع الإسرائيلي".

هناك حسابات مزورة تحمل إسم أفيخاي أدرعي، كثير منها يسخر منه، وهو يذكر من حين لآخر بأن حسابه العربي هو حسابه الوحيد الموجود على تويتر ويحمل علامة زرقاء.

يخصص أدرعي وقتاً كافياً للرد على المغردين ويعلق على ما يكتبون، يدخل أحيانا في حوارات مع العرب لتبرير موقف حكومة  بلاده بشأن قضية ما أو ضربة ما.

في حرب إسرائيل الأخيرة على غزة، غرد أدرعي بكثافة بل كتب حتى عن "سماحة الدين الإسلامي التي تتعارض مع استغلال المساجد لبث الكراهية" على حد تعبيره. تعليقه ذلك أثار موجة امتعاض من قبل المغردين العرب فهاجموه.

كتب أدرعي عن العملية العسكرية "عامود السحاب" ووضع لها وسماً "هاشتاغ" وغرد بإسهاب عنها مدافعاً عما يعتبره الشرعية الإسرائيلية والدفاع عن النفس، وخصص بعضاً من تغريداته للحديث عن "مزايا القبة الحديدية".

ولم يتردد أدرعي في نشر تغريدة بها آية قرآنية من سورة البقرة متهماً حماس بالظلم واستغلال المساجد على حد تعبيره، الأمر الذي جعل مئات المغردين العرب يهاجمونه بتهكم. ورد أحدهم قائلا "اللهم قوي إيمانك. اللهم أعز الإسلام بأفيخاي. يا واد يا مؤمن".

وقالت مغردة أخرى "وحياة أمك ما تعملنا فيها المؤمن الورع وتسيب القرآن في حاله! أبوس إيدك" وأضاف آخر "بدأت تحط آيات؟ إخوان ولا سلف؟". وعلقت مغردة بسخرية "أنت أسلمت يا أفيخاي  ؟؟؟؟ مبروك يا وله".

لغة العدو
إذا كانت إسرائيل دولة يحكمها اليهود الأوروبيون والغربيون أولاً، فإن ربع سكانها من اليهود لا يجيدون العبرية، بل يتحدثون لغات الدول التي نشؤوا فيها قبل أن يهاجروا إلى إسرائيل.

ويصعب التسليم بالتناقض بين عداء إسرائيل للغة العربية واستخدامها في التخاطب مع الجمهور العربي.

وسبق للكنيست الإسرائيلي أن أقر سنة 2011 مشروع قرار بإلغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية ثانية لدولة إسرائيل، وهي اللغة الأم لأعداد كبيرة من اليهود الشرقيين (السفارديم) الذين ينحدرون من أصول عربية، من يهود العراق وسوريا واليمن والمغرب. وتعتبر العربية اللغة الأم لنحو 22 بالمائة من سكان إسرائيل. 

وبينت دراسات اسرائيلية أجريت قبل سنوات أن نسبة قليلة من اليهود الإسرائيليين يدرسون العربية حتى مستوى متقدم، لأن دراستها اختيارية وغير مطلوبة في المدارس العليا.

وساهم الموساد الإسرائيلي بقدر كبير فى تراجع أعداد من يجيدون اللغة العربية داخل إسرائيل، وتتناقض إجراءات وزارة التربية في إسرائيل مع قرار إلغاء العربية لغة ثانية فيها, إذ أطلقت الوزارة مشروع "يا سلام" بالتعاون مع "مبادرات صندوق إبراهيم"، في نحو 220 مدرسة ابتدائية لتشجيع تعلم العربية منذ الصغر في صفوف سكان إسرائيل.

وإذا كانت العداوة بيّنة بين العرب والإسرائيليين، فإن "التطبيع الإلكتروني" عبر استخدام اللغة العربية والتواصل مع العرب على تويتر أمر يشق طريقه نحو التحقيق. يكفي أن تراقب حساب بعض المنتسبين للجيش الإسرائيلي لتعرف أنه على  تويتر أيضاً يمكن تجنيد "عملاء" دون أن ينتبه أحد، فقط عليك أن تجيد العربية.