• مصطفى دمير عمدة أهم أحياء اسطنبول تلقى رشاوى لبيع رخص بناء في منطقة محظورة(أرشيف)
    مصطفى دمير عمدة أهم أحياء اسطنبول تلقى رشاوى لبيع رخص بناء في منطقة محظورة(أرشيف)
  • رضا سراب، اكتشاف دوره في فساد حزب أردوغان يحول النموذج التركي إلى مجرد سراب(أرشيف)
    رضا سراب، اكتشاف دوره في فساد حزب أردوغان يحول النموذج التركي إلى مجرد سراب(أرشيف)
الأحد 29 ديسمبر 2013 / 16:52

لوموند: النموذج التركي من حلم 2003 إلى فضيحة 2013

إعداد- سليم ضيف الله

كلمة واحدة: "المؤامرة"، هذا كل ما بقي من النموذج التركي، ففي الوقت الذي تعصف به الفضائح السياسية والمالية بقي أردوغان وحده يصدح بالمؤامرة.

النموذج التركي قام على التوفيق بين المول والمسجد، برعاية حزب اسلامي محافظ وقريب من الولايات المتحدة

سوريا ومصر وصراع الأجنحة والصراع مع فتح الله غولن، مطبات أنهكت أردوغان

أجواء قاتمة لنهاية عصر أو نهاية ولاية حكم،أو لعلها نهاية مسيرة ورحلة

بعض العناوين الصحافية المؤيدة لأردوغان تدعوه إلى طرد السفير الأمريكي من أنقرة

هكذا قدمت لوموند الفرنسية في تقرير وافتتاحية خصصتها لتركيا، ولكل ما بقي من النموذج التركي، قاصدة به ما يعرف بالإسلام السياسي التركي.

وصفة لم تدم طويلاً
وقالت لوموند: "بعد سنوات مثّل فيها الحلم الممكن، وقدم نفسه نموذجاً مختلفاً خاصة عن النموذج الإيراني الاستبدادي والمعادي للغرب، كان التركي يقدم نفسه على أساس شراكة جيدة بين الديموقراطية والرأسمالية، برعاية حزب إسلامي محافظ وقريب من الولايات المتحدة".

وتضيف الصحيفة "نجح النموذج الجديد في المصالحة بين المول والمسجد، في توليفة ناجحة ومثيرة للاهتمام". وبعد أن تعرض للوضع التركي، تضيف الصحيفة "لكن النموذج التركي يعاني منذ فترة من الرصاص المصبوب في أجنحته الذي يمنعه من الاستمرار في الطيران، ومنذ أسبوع يقاوم الترنح حتى لا ينهار".

قبس من حريق
ماذا حدث في تركيا ليتحول النموذج إلى كابوس في بضع سنوات هي كل المدة التي استغرقها النموذج التركي، بين وصول رجب طيب أردوغان المظفر إلى السلطة في 2003 وبين الفضيحة التي تكاد تطيح به منذ 17 ديسمبر(كانون الأول).

في البداية لابد حسب الصحيفة "الانتباه إلى أن الوضع التركي المنهار ليس وليد الأمس، وكانت أحداث تقسيم الشرارة الأولى التي انطلقت في حريق شعبي للتنديد بالانحرافات الديكتاتوري لرئيس الوزراء، واتجه الوضع للتصعيد أكثر بعد الصراع بين الأجنحة المتناقضة داخل الحزب الحاكم، العدالة والتنمية في الوقت نفسه الذي اندلعت فيه معركة حياة أو موت بين أردوغان وفتح الله غولن، الرجل القوي في الحركة الاسلامية التركية، وكأن مصائب أردوغان ترفض أن تأتي فرادى، فتهافتت على تركيا المشاكل الخطيرة بسبب مواقف أردوغان والمطبات التي وقع فيها مثل الفخ السوري، والمأزق المصري وهي المطبات التي أنهت الود القديم مع الولايات المتحدة والعلاقات الخاصة التي كانت لأردوغان مع أوباما نفسه"، حتى وصل الأمر "ببعض العناوين الصحافية المؤيدة لأردوغان  تدعوه اليوم إلى طرد السفير الأمريكي من أنقرة".

  "إنها مأساة أردوغان"، وتضيف الصحيفة  أن الألوان الكئيبة المسيطرة على إسطنبول اليوم "أشبه بالأجواء القاتمة لنهاية عصر أو نهاية ولاية حكم، أو لعلها نهاية مسيرة ورحلة".

"سراب" أردوغان
ولكن كيف وصل النموذج إلى هذه المرحلة من "التردّي"، هل هو طول البقاء في السلطة؟ أم طبيعة المشروع واعتماده على قوة الشعارات لاستمراره في ممارسة الحكم؟ يبدو الأمر كذلك بعد تفجر الفضحية المالية السياسية التي تهزّ بعنف نظام أردوغان وتعصف بكل أحلامه ومستقبله السياسي.

انطلقت الفضحية بإيقاف عدد من الشخصيات البارزة المقربة من أردوغان بعد تحقيقات سرية استمرت أكثر من سنة، وكان المنطلق في هذه القضية المتشعبة، عمليات تهريب واسعة النطاق والتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على إيران بواسطة رجل أعمل إيراني من أصل أذري رضا سراب، ثم كشفت التحقيقات تورط أحد أكبر البنوك (بنك خلق الحكومي) في التمويل والتغطية على هذه العمليات.
 
دمى روسية
ولكن تورط البنك كشف أيضاً عدة خروقات وتجاوزات خطيرة أخرى، فتحت ملفاً متفجراً جديداً يتمثل خاصة في تسهيل الحصول على الجنسية التركية وتأشيرات إقامة وزيارة وعمل لعشرات الأجانب في مقابل وساطة بين رجل الأعمال الإيراني وأبناء عدد من الوزراء الكبار في حكومة أردوغان، في سلسلة قضايا مترابطة تخفي الواحدة الأخرى مثل الدمى الروسية الواحدة، تحتوي الأخرى.

أما الفصل الثالث في هذه المسرحية الحارقة فكان "الأخطر على الإطلاق بعد وصول التحريات إلى فرع ثالث في القضية نفسها، ما استوجب فتح تحقيقين منفصلين، يهتم الأول بدور شخصيات من الصف الأول في التلاعب بالصفقات العمومية العقارية، وتورط فيها ابن وزير البيئة المستقيل، ويشمل الثاني دور بعض القيادات الكبيرة في الوزارة نفسها في بيع تصاريح بناء في مقابل عمولات ضخمة تدفعها شركات عقارية تركية كبيرة".
ولم تنته أحزان أردوغان عند هذا الحدّ، إذ "كشفت التحقيقات الفرعية الأخرى عن تورط مصطفى دمير، عمدة أحد أهم أقاليم إسطنبول، في بيع تراخيص بناء في منطقة يحظر فيها التعمير بسبب وقوعها في منطقة النفق الحديدي تحت مضيق البوسفور"، بحسب لوموند.

إلا بلال
ورغم الزلزال الذي تسببت فيه هذه الفضيحة "كان القضاء التركي يستعد لإطلاق موجة جديد تشمل ما لا يقل عن 30 شخصية من رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين البارزين، لمساءلتهم عن دورهم في صفقات عقارية ضخمة ومشبوهة، ولكن أردوغان وفي محاولة منه لتطويق الحريق، سارع إلى عزل وتجميد القيادات الأمينة المشاركة في هذه التحقيقات، ومنع المدعي العام معمر آكاس من استكمال تحقيقاته".

وخلصت الصحيفة إلى القول: "لم يكن أردوغان يسعى لوضع حدّ للتجاوز القضائي كما قال، بل كان يسعى إلى قطع الطريق على الوصول إلى شخصيات من محيطه المباشر، وفي طليعتها ابنه بلال، أحد كبار المسؤولين عن المنظمة غير الحكومية تورغاف، لدورها في صفقات مالية مشبوهة كبيرة".