الخميس 6 مارس 2014 / 13:18

قطر ودول الخليج.. تاريخ من الأزمات تصنعها الدوحة

لم يكن سحب سفراء الإمارات والسعودية والبحرين من قطر، أول الغيث في أبعاد الأزمات بين دول الخليج والأخت الصغرى قطر التي ما برئت تضرب بعلاقاتها الدبلوماسية معهم عرض الحائط في كل مرة.

فيما مضى عقدت السعودية والإمارات والبحرين وقطر 4 اتفاقات أمنية للدفاع عن المصالح العليا لبلادهم، ومواجهة الإرهاب في المنطقة، وهو أمر لا يتجزأ بطبيعة الحال، لكن الأخت الصغرى ورغم موافقتها الشكلية، انطلقت لا تلوي على شيء سوى تناسي اتفاقاتها، وكان لها موقف آخر تجاه عاصفة الأزمات في المنطقة، وأخذت تكيل الدعم لجماعات إرهابية لها وزنها في عرف القتل والدم والعنف والظلامية.

ولادة
وربما يعد القرار التاريخي الأخير بسحب السفراء من الدوحة هو الأكبر على مستوى العلاقات بين قطر وأخواتها، إلا أنه جاء بعد صراع وأزمات طويلة، ضاربة في العمق الخليجي.

قطر كانت في وقت ما مهددة باللاسيادة، حين طالبت السعودية بضمها باعتبارها جزءاً من إقليم الإحساء عام 1913، لكن الصديق البريطاني ألح للاعتراف بحدود قطر بعدها بعامين، وبالطبع استمر الدعم البريطاني اللامحدود بعد ظهور النفط في الدولة الصغيرة، لتحوز الأحقية في التنقيب عنه بمساعدة الشركات الأجنبية، ومن ثم توقيع اتفاق يقضي بترسيم الحدود بين السعودية وقطر في 1965.

وبقي الشرخ عميقاً بين قطر والسعودية، وتفاقمت الأمور منذ حادث الخفوس عام 1992، حين زعمت الحكومة القطرية بأن قبيلة آل مرة ساندت القوات السعودية، وقامت بمواجهة القوة القطرية.

يد السعودية
وحاولت السلطات السعودية احتواء الأزمة في وقت لاحق، عن طريق استرضاء بعض رجال قبيلة آل مرة واستمالة بعضهم الموجودين في قطر، وبحسب الرواية القطرية، فإن السعودية عمدت إلى استغلال بعض أفراد القبيلة في عملية الانقلاب عام 1995 ضد الحكومة القطرية الحالية، بالتعاون مع الأمير الأسبق خليفة آل ثانٍ، وتبقى مشكلة قبيلة آل مرة جزءًا من الخلاف القطري- السعودي ضمن ملفات أخرى لم تُحسم بعد.

وفي العام التالي، وتحديداً ديسمبر 1996 اختارت القمة الخليجية التي عقدت في مسقط الشيخ جميل الحجيلان أميناً عاماً لمجلس التعاون الخليجي، مقابل مرشح قطر في ذلك الحين عبدالرحمن العطية، الأمين العام السابق، فاحتج أمير قطر حمد بن خليفة على ذلك، وقاطع الجلسة الختامية لقمة مسقط الخليجية في ذلك الوقت.

ومما زاد في الأزمة المحاولة الانقلابية الفاشلة على الأمير حمد التي رتّبها والده الأمير الأسبق الشيخ خليفة سعياً للعودة للحكم بعد انقلاب ابنه عليه العام 1995، فرغم أن الأمير الوالد ،الحاكم السابق، رتّب المحاولة وهو موجود في أبوظبي واستعان بقطريين من أتباعه كانوا موجودين في أبوظبي وآخرين داخل قطر، إلا أن الدوحة اعتبرت أن لبعض الأطراف السعودية يد في هذه المحاولة، ومن هنا بدأت الأزمة الحقيقية التي شهدت الكثير من الإشكاليات واستخدمت قطر وسائل الإعلام ودعمها مالياً مناوئون للسعودية.

جوهرة قطر
وبالطبع كان لجوهرة قطر قناة "الجزيرة"، دور محوري في ألاعيب معقدة، ففي 2002 تطرق برنامج تليفزيوني بثته تلك القناة لمؤسس المملكة الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود، وأدى هذا البرنامج لسحب السعودية سفيرها صالح الطعيمي من الدوحة دون إعلان.

وأرسل أمير قطر بعد تلك الأزمة بفترة رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثان، إلى السعودية عارضًا فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المملكة بشرط أن تكف وسائل الإعلام القطرية عن التطرق لشؤونها.

وتابع أمير قطر عمله لإعادة العلاقات الطبيعية مع السعودية والتقرب إليها حين قام بزيارته للسعودية، وقيل في حينها إن السبب وراء ذلك هو رغبة قطر في عدم مقاطعة العاهل السعودي الملك عبد الله للقمة الخليجية التي استضافتها الدوحة.

جنود أبوظبي
ولسيل الأزمات بين قطر ودول الخليج حكايات كثيرة، فبالعودة للبحرين بدأ تدهور العلاقات بينهما منذ عام 1860 بنزاعات صغيرة، وبعدها بسبع سنوات ألقى الجيش البحريني القبض على مجموعة من بدو قطر في بر البحرين (الزبارة والمناطق المجاورة لها حاليًا)، وأبعدهم إلى جزيرة البحرين، وقامت بعض القبائل القطرية بالهجوم على الجيش البحريني الذي كان متمركزًا في شبه الجزيرة القطرية ونجحوا في طردهم.

وفي أكتوبر من العام نفسه، أرسل حاكم البحرين 2000 جندي وأدى هذا الهجوم إلى تدمير أجزاء واسعة من الدوحة والوكرة مركز آل ثان، وردت قوات آل ثان على الهجوم الأول عام 1868 ما أسفر عن تدمير 600 سفينة بحرينية وقتل 1000 شخص.

أطول نزاع إقليمي
واستمرت الحروب بين الطرفين طوال القرن العشرين، إلى أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي في عام 1992 حكماً ملزماً وغير قابل للاستئناف، بشأن النزاع الحدودي بين قطر والبحرين الذي استمر قرابة 50 عاماً، فقد أعلنت المحكمة بأن دولة قطر لها السيادة على الزبارة وجزيرة جنان وحد جنان وفشت الدبل، كما حكمت للبحرين بالسيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة، وحكمت بأن يكون لسفن قطر التجارية حق المرور السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار والبر البحريني، واستمر تداول المحكمة للقضية 9  سنوات فيما يعد أطول نزاع إقليمي ورد إليها.

وبحلول 2014 تدهورت العلاقات بين الإمارات وقطر، فتلك الأخيرة لم توفر جهداً في دعم جماعة الإخوان المسلمين، وبين شد وجذب وصلت الأمور للأسوأ بعدما تسببت تصريحات الداعية يوسف القرضاوي في خطبته الأسبوعية التي بُثت على التليفزيون القطري الرسمي، والتي قال فيها إن "الإمارات تقف ضد أي حكم إسلامي، وتسجن المتعاطفين معه" بأزمة غير مسبوقة بين دولتيّ الإمارات وقطر، واستدعت الإمارات على إثرها سفيرها من قطر في الثاني من فبراير الماضي.

وفي 5 مارس 2014، قررت الدول الثلاث، السعودية والإمارات والبحرين، سحب سفرائها من قطر، لتصل الأزمة لسنامها.