الأربعاء 2 أبريل 2014 / 21:19

الديمقراطية العراقية .. بدلة المالكي الإيرانية!



لم أكن أتخيل أبداً، ومعي ربما ملايين المثقفين العرب، أن يكون بديل ديكتاتورية صدام حسين، ديكتاتورية أخرى أكثر خطورة، وأعمق فتكاً ليس في عضد الدولة العراقية فحسب، بل في عظم المجتمع العراقي كله، لما تحمله هذه الديكتاتورية الجديدة من تعصب طائفي، وتحيز فئوي وحزبي.

العراق الجديد الذي كنا ننتظره كنبراس للحرية وشعلة للفن والأدب وعنوان للتطور والتقدم لم نره بعد، فنحن الآن وبكل أسف نشاهد عراقاً لا يملك رغم عظم الثروة النفطية والموارد الطبيعية والثراء المالي أبسط مقومات الدولة، لا كهرباء ولا ماء صالح للشرب، ولا أمن ولا أمان، ولا حرية دينية، ولا حرية اجتماعية، بلد يكاد يكون مقسماً على أساس طائفي وقومي وهو واقع جعل دولة قوية ومحورية كالعراق تتحول إلى بلد فاشل، وذلك وفق تصنيف مجلة السياسة الخارجية الأمريكي (foreign policy)، ومؤسسة صندوق السلام المتخصصة The Fund For Peace في 2012 .

صدام ترك العراق بلداً بلا حرية، ولكنه لم يتركه كما هو عليه الآن من عجز وفشل وفساد وفوضي، فمن يتحمل مسؤولية ذلك؟

إنها الديمقراطية الجديدة التي صنعتها إيران بالتوافق مع واشنطن، والتي بموجبها ضُربت القوى الوطنية، وأُنتجت قوى الإسلام السياسي المتعصبة والعدمية بشقيهما السني والشيعي، وكرست طهران سيطرتها بفرض إرادتها على كل مخرجات ما سمي بالعملية الانتخابية التي كان من المفترض أن تكون هذه العملية ومخرجاتها مسنودة بقوة القانون والقضاء اللذين تحولا بسبب النفوذ الإيراني وقوته إلى مجرد ديكور يتم اللجوء إليه لتزيين بعض القرارات ليس أكثر.

وربما تكون تجربة وصول نوري المالكي كرئيس للوزراء الدليل الأوضح على هذه الديمقراطية العراقية "المنزوعة الدسم".

لا أريد الدخول في تفاصيل وملابسات خطف صناديق الاقتراع في مارس (آذار) 2010 حيث فازت كتلة العراقية برئاسة إياد علاوي بالانتخابات وحصلت على 91 مقعداً، بينما حصلت كتلة نوري المالكي على 89 مقعداً، وكلنا يعرف كيف أفشلت طهران بتواطؤ أمريكي وصول علاوي لرئاسة الحكومة العراقية، ورمت بثقلها، وأعادت المالكي رئيساً للوزراء في أكبر لإهانة ربما يسجلها التاريخ لمفهوم الديمقراطية، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، ومبدأ احترام إرادة الشعب.

ولأنها ديمقراطية على الطريقة الإيرانية، ومبدأ ولاية الفقيه، فإن خسارة نوري المالكي في الانتخابات التي ستجري نهاية الشهر الحالي بالعراق، أشبه ما تكون بالحلم أو الوهم، فمنذ أن تولى المالكي رئاسة الحكومة العراقية مختطفاً نتائج الانتخابات في 2010 وهو يعد العدة للبقاء رئيساً للوزراء إلى أجل غير مسمى، وكل الممارسات التي كان يمارسها من تعدي على صلاحيات القضاء وتهميش فاضح لشركائه في العملية السياسية أو في الحكومة من القوى الأخرى أو في استخدام تهمة الإرهاب كوسيلة للاقتصاص من خصومه السياسيين علاوة على تحويل الجيش والشرطة لمليشيات تخدمه وتخدم حزبه، كل هذا كان بهدف هذا اليوم الذي يجب أن يعود فيه المالكي رئيساً للوزراء للمرة الثالثة.

لا أستطيع نسيان خطبته الشهيرة التي كان يقلد فيها خطب صدام حسين ويأتي بالمطبلين والمزمرين والهتيفة، عندما قاطعوا خطبته مطالبينه بأن "لا ينطيها"، وهنا يقصدون أن لا يفرط في السلطة والحكم، فرد عليهم قائلاً بكل غرور وباللهجة العراقية متسائلاً "هو يكدر واحد يأخذها حتى ننطيها بعد".

إنها بدلة المالكي الإيرانية التي لا يستطيع أحد نزعها عنه!

لمشاهدة الفيديو: