الأحد 13 أبريل 2014 / 20:39

نظرية الثقب الأسود



رغم وقوفهما على طرفي نقيض، في نظرتهما لتطورات أوضاع المنطقة، يلتقي حزب الله اللبناني مع جماعة الإخوان المسلمين، عند الميل إلى استحضار نظرية "الثقب الأسود" في إخفاء محطات تاريخية كانت أساساً لبناء علاقة ما، وباتت عبئاً، على تفسيرهما للأحداث، وانحيازاتهما الإقليمية.

توصيفات الأمين العام المساعد لحزب الله نعيم قاسم، حول علاقة حزبه مع فروع جماعة الإخوان المسلمين، أقرب إلى فرضيات تنساق إلى مناطق الظل المسكوت عنها.

العلاقة مع فرع الجماعة في الأردن لم تخرج عن التواصل العادي مع بعض الشخصيات، لتنتهي بالقطيعة، حسب ما يقول قاسم، في الوقت الذي يأمل القيادي الحزبي بأن تتجه العلاقة مع حماس نحو الأفضل، وينفي وجود علاقة سابقة مع إخوان سوريا، ويرغب بالتواصل مع إخوان مصر .

لا يخلو تمييز حزب الله بين فروع جماعة الإخوان المسلمين من استخدامات سياسية، تأخذ في اعتبارها حرصاً على البحث عن قواسم مشتركة لمواجهة خصوم مشتركين، ومصادرة التاريخ إرضاء لموقف سياسي راهن، وفي جميع الأحوال تبقى علاقة الحزب مع إخوان الأردن الأكثر لفتاً للنظر .

ففي وصف العلاقة مع الفرع الأردني للإخوان الكثير من اللبس، لا سيما وأنها في بعض مراحلها تجاوزت التواصل العادي مع بعض الشخصيات، إلى التبرك الإخواني من ظاهرة حزب الله وسط جمهور أردني، تراجع حسه المذهبي، أمام رغبة المواجهة مع إسرائيل .

بذلك أخذ التقارب بين الطرفين منحى الالتفاف على الشارع في الحالة الإخوانية، والحصول على جماهيرية عابرة للحدود في حالة حزب الله .

وفي غمرة ركوبهم الموجة، أصدر إخوان الأردن فتوى شرعية توجب نصرة حزب الله، لتتحول الفتوى بعد سنوات لا تزيد عن الخمس، إلى هجوم علني في شوارع عمان، يشنه مراقب عام الجماعة همام سعيد على الحزب "المقاوم"، ويضعه في سلة واحدة مع الولايات المتحدة.

ارتدادات العلاقة بين الحزب وفروع الجماعة لا تخلو من تفاصيل تتكئ على معطيات بررت للطرفين الصمت عن القمع الذي يتعرض له الشعب السوري منذ عقود .
العداء المشترك لإسرائيل كان المبرر الأساس للصمت عن ذلك القمع إلا أنه لا يكفي وحده لغض الطرف عن قهر السوريين، وشعور فئات واسعة منهم بالتمييز الطائفي الذي انفجر فوضى عارمة حينما طفح الكيل، لا سيما وأن لغة الممانعة التي يستخدمها النظام السوري حافظت على حضورها في خطابه الرسمي بعد اندلاع الأزمة، فيما ظهرت أصوات معارضة تبدي قدراً أكبر من الاعتدال حين يتعلق الأمر بالتوصل لتسوية مع الجانب الإسرائيلي حول قضية الجولان، ما أثار الشبهات مجدداً حول ارتباطات وتحالفات الجماعة .

المنفعة المتبادلة من "زواج المتعة" بين حزب الله وإخوان الأردن تغلبت مرحلياً على "مذهبية" الحزب وفروع الجماعة، التي بقيت أقرب إلى جزء مخفي من "جبل جليد" سرعان ما تكشف مع إفرازات اضطرابات ما بات يعرف بالربيع العربي .

يكشف شكل وآليات انقلاب فرع الإخوان الأردني على حزب الله، بعد اندلاع الأزمة السورية، وتنصل الحزب من الفرع، عن هشاشة السياسي أمام المذهبي، وسرعة انكشاف الهشاشة. لكن هشاشة السياسي وسرعة انكشافه لم تحل دون بحث الحزب عن صيغ استخدامية، للفرعين المصري والفلسطيني في الجماعة، ليعيد إلى الأذهان مغازلة علي أكبر ولايتي لنظام الرئيس محمد مرسي، ومقاربات عباس خامة يار لتاريخية العلاقة بين إيران والإخوان المسلمين، وطبيعة الأداء الحمساوي في محور الممانعة بصيغته الأولى .

نزعات الاستخدام السياسي التي تطفو على سطح الانزياحات المذهبية في كثير من الأحيان، تترافق مع غياب المراجعة عن قوس بدايات وانكفاءات العلاقة، وتخفي إلى جانب الحس المذهبي، حسابات حزب الله الإيرانية والسورية، والمراهنة الإخوانية على ضعف ذاكرة الشعوب المبتلاة، وتعويم الروايات التاريخية، التي حولت الجماعة إلى لغز، استقر بعضه، في ثقوب التاريخ .