السبت 19 أبريل 2014 / 18:23

"السيلفي"... أكثر مما ينبغي

في عرس "خمس نجوم" دعيت إليه، وبينما كان المصورون منهمكين في مرافقة العروسين والمدعوين بعدساتهم لحظة بلحظة، تفاجأت بمجموعة من صديقات العروس أنيقات "على آخر طرز" منهمكات في التقاط صور "السيلفي"، فتحولت أنظاري من متابعة خطوات العروسين، إلى الفتيات اللواتي تحولن إلى محط اهتمام لكل مدعو بحركاتهن المتمايلة المثيرة للانتباه.

وبعد ساعتين على هذا المنوال، اضطرت العروس إلى مغادرة عريسها من "الكوشة"، متوجهة نحو طاولتهن القريبة منها ورمقتهن بابتسامة تخفي بين سطورها نظرة "عتاب"، أملاً في أن يغادرن عالم الـ "السيلفي"، ويشاركن بالاحتفال الذي من المفترض أن يكون الهدف من "مجيئهن" إلى العرس.

أثار هذا المشهد دهشتي واستغرابي من عدوى الـ "السيلفي" التي انتقلت من عالم النجوم إلى أعراسنا، وكل جزء من حياتنا اليومية، إذ لم أكن أتخيل أن قيمة صورة "سيلفي" الأوسكار التي التقطها براد بيت وأنجلينا جولي وجوليا روبرتس وبلغت مليار دولار، ستفوق أضعافاً مضاعفة بالنسبة لهذه العروس التي كانت تعتمد على أصدقائها المقربات لتكن واجهتها أمام عائلتها وأقربائها، إذ تكبدّت من الصور الـ "السيلفي" لصديقاتها في العرس خسائر تفوق المليار دولار لصورة "سيلفي" الأوسكار لأنها لا تنسى بأنها صديقاتها كانوا "السيلفي" في هذه الليلة التاريخية من حياتها.

أما مواقع التواصل الاجتماعي فشكل بيئة مسببة وحاضنة لأشخاص من جميع بلاد العالم يتنافسون ويتزاحمون على التقاط لأنفسهم وأصدقائهم صوراً بطريقة الـ "السيلفي" حتى تحولت من عدوى إلى ظاهرة متفشية تسببت وأظهرت العديد من المشكلات على أكثر من اتجاه. وتوقع محرك البحث "ياهو" أنه في العام 2014 ستلقط نحو 880 مليار صورة أي 123 صورة لكل واحد من سكان الأرض. ويتوقع أن يكون الكثير منها من نوع "سيلفي".

ونفسياً، "إدمان السلفي" أصبح مرضاً جديداً بحسب دراسة جديدة أجراها باحثون في الرابطة الأمريكية للطب النفسي وتبنّتها العديد من الصحف البريطانية مستشهدة من حالات وقعت ضحايا صور "السلفي" المرضية. ومن أعراض هذا المرض بحسب الدراسة، النرجسية المفرطة أو ضعف الثقة بالنفس أو اضطرابات نفسية أخرى.

كما أظهرت الدراسة أن من يميل إلى التقاط صوراً ذاتية متتالية وبكميّة كبيرة يسعى إلى تحقيق أهدافاً بعيدة المنال كالتشبّه بفنانين أو شخصياتٍ مشهورة، بالمقابل اعتبروا أنّ هذه السلوكيات قد تعرّض أصحابها لمشاكل ذهنية وفكرية في المستقبل بالأخصّ مشاكل متعلّقة بالثقة بالنفس.

ومن أسوأ مرضى صور "السيلفي" على الإطلاق بحسب تصنيف صحيفة ميرور البريطانية الأسبوع الماضي، توثيق انتحار شاب وتسجيل حريق مستودع ومراهق يضحك في عزاء جدته، وإطفائي في مهمة إنقاذ وزوج في غرفة الولادة، وآخر كاد أن يضحي بحياته ليتلقط لنفسه صورة أمام قطار متوجه نحوه.

وأضرار عدوى الـ "السيلفي" طالت أيضاً الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إذ باتت مسألة الصورة الـ "السيلفي" لأحد لاعبي البيسبول مع أوباما والتي تبين أنها التقطت بهدف الترويج لإحدى العلامات التجارية للهواتف، أصبحت بين أيدي المحامين، بحسب ما أعلن البيت الأبيض منذ أسبوعين.

لكن "ولع" أوباما بهذه الصور جعله يتخطى الجانب القانوني لا بل الرأي العالمي بأسره، إذ لم يتردد في التقاط صورة لنفسه على طريقة الـ سيلفي مع نائبه جو بايدن، وهما يضحكان أثناء ركوبهما السيارة الخاصة بالرئاسة الأمريكية وكتب بايدن أسفل الصور : "وجدت صديقاً لمشاركة أول صوري الـ "سيلفي" على انستغرام، شكراً على المتابعة".

وهاجمت الصحف الأمريكية بعنف ولع أوباما "الجديد" بتصوير نفسه أو مع آخرين بهذا الشكل، لما قد يحمله من مخاطر قد يهدد صيته أو حتى وجوده في السلطة. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان أعلى منصب في العالم يتعامل مع هذه الظاهرة "المرضية" بهذا الشكل فما شأن كل من عداه؟"