الخميس 5 يونيو 2014 / 16:33

هزاع بن زايد: المواطن هو البوصلة


يصدر الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في حواره الأخير مع مجلة كلية القيادة والأركان المشتركة عن وعي واضح وحاسم بمحورية دور المجتمع الإماراتي، والأفراد الإماراتيين، ولاسيما الشباب منهم، في رسم السياسات الأمنية والتنموية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليؤكد بقناعاته الراسخة هذه، التي نراها أفعالاً على الأرض، ومبادرات تذهب في كلّ اتجاه، سداد الموقف، والرؤية، وعمق البصر والبصيرة، لدى قيادة الدولة، والتي شكّلت ولا تزال، عنصر القوة الأقوى، في مسيرة الدولة وتطورها وازدهارها.

فالمواطن الإماراتي، هو المحور، والأساس، وهو البوصلة التي تهتدي بها قيادة الإمارات وتعمل من أجلها، ومن هنا لم يكن مستغرباً أن يشير الشيخ هزاع بن زايد، في أكثر من موضع، وقضية رئيسية إلى دور المواطن ووعيه، خصوصاً في التصدي للفتن والمؤامرات والوقوف في وجه المخططات الإرهابية، حيث يقول سموه "أن التعويل في المقام الأول هو على وعي المواطنين بمثل هذه المخططات المشبوهة، وعدم انجرارهم وراء الأفكار الهدامة التي تسعى إلى تقويض أمنهم واستقرارهم ومنجزاتهم"، بما يعكس ثقته البالغة بأبناء الإمارات كصمام أمان حقيقي يصون الوحدة، ويحرس مسيرة التنمية، ويقف سداً منيعاً أمام جميع التحديات التي تواجه مستقبل هذا البلد الآمن المطمئن.

ولا يغفل الشيخ هزاع بن زايد في موضع آخر من الحوار، التذكير بأن هذه الرؤية هي في صلب تأسيس وقيام دولة الإمارات، إذ يقول "منذ قيام دولة الإمارات، حرص الراحل الكبير المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على أن يكون الإنسان الإماراتي في صلب جميع السياسات التي تضعها الدولة والقرارات التي تتخذها، وهو النهج الذي سارت عليه قيادة الإمارات دوماً، لإدراكها أن الثروة الحقيقية تتمثّل في الإنسان، وأن التنمية الفعلية لا تقوم إلا من أجله، ولا تقوم وتتقدم إلا من خلاله".

ولدى تطرقه إلى مسألة الهوية الإماراتية، لا يغفل الشيخ هزاع بن زايد أيضاً دور المجتمع الإماراتي في الحفاظ على هذه الهوية والتعريف بها، فبحسب قوله "ليس من شعب ينمو ويتقدم بمعزل عن هويته وانتمائه وولائه إلى أرضه ووطنه، وقد أثبتت التحولات الكثيرة، بما فيها حركة التقدم والبناء السريعة في الإمارات، أن شعب الإمارات حريص أشدّ الحرص على حماية قيمه وتقاليده، وأنه لم يمض قدماً في طريق التطور العلمي والمعرفي والعمراني، إلا مهتدياً بهويته، جاعلاً منها الأساس الصلب الذي يحقق عليه أحلامه وتطلعاته ويبني مستقبله".

إنها الرؤية المتعددة الجوانب، المتماسكة الأطراف، التي تنظر إلى كلّ عنصر ومكوّن من مكونات الدولة والمجتمع، بوصفه مكمّلاً لبقية المكونات، وهي الفلسفة التي تسمو بمفهوم الأمن إلى آفاق جديدة، فالأمن لا يتجزأ، وبقدر ما تقوم الأجهزة المعنية بدورها وواجباتها في حماية الوطن ومنجزاته، فإن للإعلام دور، وللمؤسسات والهيئات دور، وللمجتمع كل الأدوار، وهو التوصيف، بل التجربة، التي صنعت التفرّد الإماراتي، وأقامت تلك العلاقة الاستثنائية بين القيادة والشعب، علاقة لا يشوبها زيف، ولا مجاملة، ولا رياء، بل تقوم على الشفافية والصراحة والمكاشفة، ومن هنا تأتي قوتها، تلك التي لا يستطيع أحد المسّ بها، أو التشكيك فيها، والتجربة خير برهان.

وفي خضم ذلك كله، فإن الشيخ هزاع بن زايد لم يفته التحذير والتنبيه إلى ما يحوكه بعضهم، باسم الدين، ضدّ دولة الإمارات وشعبها، معتبراً أن من أسماهم "أصحاب الأجندات الإرهابية" وصناع الفتن، يتخذون من الدين ستاراً لكي ينفذوا مآربهم، ويحققوا غاياتهم الخبيثة، فالحذر كل الحذر مطلوب من هذه الأجندات المتسترة والمتقنّعة والمتخفية، بشتى الستر والأقنعة، والرهان الأهم مرة أخرى على الإماراتيين وتراثهم وعلاقتهم الراسخة بدينهم الحنيف، القائم على المودة والمحبة والتسامح والبناء، لا على الحقد والهدم والبغضاء، وهي المبادئ التي تنسحب أيضاً على علاقة الإمارات بأشقائها في الخليج والعالم العربي، كما بأصدقائها في العالم، تلك العلاقة القائمة على أسس راسخة من الاحترام المتبادل وحبّ الخير والمساهمة البناءة في النهوض والتنمية الدائمين، وهي الرؤية التي دفعت الإمارات إلى الوقوف بكلّ جوارحها إلى جانب الشعب المصري الشقيق، حتى قطع شوطاً كبيراً من المرحلة الانتقالية، من خلال نجاحه في استحقاق الرئاسة، الذي من شأنه أن يمهد الطريق لعودة مصر بكامل ازدهارها ودورها المحوريّ في المنطقة والعالم بأسره.

يبقى أن ما يثلج القلب في كلام الشيخ هزاع بن زايد أنه يأتي بعد الأفعال، لا قبلها، برهاناً على التحقّق والسير قدماً نحو الشموس الساطعة، على دروب النجاح والازدهار وآفاق المستقبل المفتوحة للجميع.