مؤتمر صحافي للإخوان ويبدو المرشد العام محمد بديع وإلى جانبه الرئيس الإخواني محمد مرسي (أرشيف)
مؤتمر صحافي للإخوان ويبدو المرشد العام محمد بديع وإلى جانبه الرئيس الإخواني محمد مرسي (أرشيف)
الأحد 10 مارس 2013 / 19:30

عودة "التنظيم الخاص" للإخوان

24 - سمير النيل

يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين قررت أن تعيد نشاط ما يعرف بـ "التنظيم الخاص" أو "التنظيم السري"، الذي أسسه حسن البنا في 1940، للعمل مجدداً بشكل أكثر علانية وخطورة من سابقه، ليحل محل الشرطة المصرية، بعد أن أعلنت الجماعة توليها مسؤولية الأمن في عدد من المحافظات المصرية، خصوصاً الصعيد مثل "أسيوط" و"المنيا"، من خلال تكوين لجان شعبية من كوادر الجماعة لحفظ الأمن وحماية الممتلكات العامة، بحجة اضراب العديد من أفراد وأمناء الشرطة، وغلق مراكز وأقسام الشرطة.

وبالرغم من نفي الشرطة ترك أفرادها لمواقعهم، وتواجدها في كل المواقع باستثناء محافظة بورسعيد، التي تسلمت القوات المسلحة أمور الأمن فيها، إلا أن الإخوان مستمرون في تشكيل لجانهم؛ مما يؤكد صحة ما تداولته التقارير الإعلامية حول مخطط الإخوان لنسف جهاز الشرطة وإحلاله بكوادر الجماعة، حتى يتمكنوا من فرض سيطرتهم التامة على كل مفاصل الدولة، و"أخونة الشرطة" في ظل تواتر تقارير إعلامية غربية عن دور كبير للقيادي الإخواني محمد البلتاجي في هذا الجانب.

الإخوان يسعون لضمان بقائهم في الحكم أبد الدهر، لذلك يعملون على خلق جيش خاص بهم، غير جيش الدولة، ويتخذون من حجة سد الفراغ الأمني مبرراً لتسليح وتدريب كوادرهم، إذ خططوا منذ البداية لهذا الأمر، من خلال جر الشرطة إلى فخ الخلافات، وتوريطها في مخططات على شاكلة محاكمات بعض أفرادها، واغتيالات بعض عناصرها لتكون المحصلة خلق هوة كبيرة بينها والشعب، وغضب متكرر يقود إلى الإضراب عن العمل، ومن ثم حدوث فراغ أمني، يتم ملؤه في الوقت المناسب بكوادر الجماعة.

ومثل هذا ليس بجديد على الإخوان؛ فمنذ 1940 يحاولون إنشاء جيش مسلح، هدفه المعلن هو القيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي، ومحو الأمية العسكرية للشعب المصري، فيما يعملون بسرية لتنفيذ أجندة محددة لخدمة مصالحهم، أهمها ما يمكن أن نطلق عليه "التمكين"، وإن اختلفت الغاية الآن عن ما عليه في الماضي، إذ ظلوا منذ 1929 وحتى يونيو (حزيران) 2012 وهم يحلمون بالوصول لكرسي الحكم، والآن هم يبحثون عن التمكين للبقاء أبد الدهر في ذلك الكرسي.

إن خطورة التنظيم الخاص تكمن في أن أفراده اعتادوا على السمع والطاعة دون مناقشة، وتاريخياً قاموا بمهام كثيرة شملت اغتيالات الأفراد والسياسيين ونسف المحال التجارية والشركات، وإبان رئاسة عبدالرحمن السندي للجهاز قاموا باغتيال القاضي أحمد الخازندار في 1948، ومن ثم النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في 28 ديسمبر (كانون الأول) 1948، على يد عبد المجيد احمد حسن، أحد أفراد التنظيم السري، بعد عشرين يوماً فقط من الحكم الشهير بحل الجماعة في 8 ديسمبر 1948 نتيجة لضبط الشرطة لعربة ممتلئة بالأسلحة والمتفجرات، وكل الأوراق الخاصة بـ "التنظيم السري للإخوان"، فيما عرف تاريخياً باسم "قضية السيارة الجيب".

الطريف في الأمر أن السندي باع الإخوان والنظام الخاص للرئيس الراحل جمال عبدالناصر مقابل عقد عمل بشركة "شل" في قناة السويس وفيلا وسيارة فخمة، ليكشف لعبدالناصر كل المعلومات التي تخص التنظيم، واستخدمها عبدالناصر في سلسلة الاعتقالات الشهيرة التي طالت الإخوان في أواخر 1954 عقب محاولة محمود عبد اللطيف وهنداوي دوير أعضاء التنظيم السري للإخوان اغتيال عبدالناصر بالمنشية بالإسكندرية.

أما الاغرب فهو أن حسن البنا، وعقب كشف "قضية السيارة الجيب" مباشرة، بعث بخطاب للنقراشي يقول فيه إنه عاجز عن السيطرة على عناصر التنظيم السري، وأنهم يقومون بأفعالهم دون الرجوع إليه، في محاولة منه لتجنب حكم حل الجماعة، غير أن النقراشي وهيئة المحكمة لم يستمعوا له، بحكم انه مؤسس التنظيم، وقد أوردت الدكتورة هدى شامل أباظة خطاب البنا ضمن ملحق الوثائق للكتاب الذي أصدرته عن النقراشي.

إن الخطورة تكمن في أن الجماعة لا تدري أنها بعودة التنظيم الخاص ستفتح الباب واسعاً أمام فوضى أمنية ستكون عواقبها وخيمة، لأنه إذا احتكم كل فرد إلى منطق الجماعة بحجة حفظ الأمن؛ فمن حق كل شخص أن يحمل السلاح، بنفس الحجج، وبالتالي ستصبح مصر عبارة عن مجموعات مسلحة، وسيتطور الأمر ويتجاوز ما يعرف بـ "كتائب الثوار" في "ليبيا"، التي لا يشكل عدد سكانها إلا نحو 8% فقط من إجمالي سكان مصر، ويمكن ببساطة أن يتطور الأمر إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس.