السبت 5 يوليو 2014 / 12:33

نيو ستيتمان: "خلافة" داعش ستذوب كقطعة من الآيس كريم وسط الصحراء

24 -إعداد: ميسون جحا

نشرت مجلة نيو ستيتمان الأسبوعية البريطانية، أمس الجمعة، مقالاً بقلم أحد كتاب أعمدتها، مهدي حسن، تحت عنوان "قاطعو الأيدي في داعش واهمون، ولا شيء إسلامياً في خلافتهم".

جرت خلال العقود التسع الأخيرة محاولات لإنشاء خلافة إسلامية كان أبطالها أمثال آية الله الخميني في إيران والملّا عمر في أفغانستان لكن لم يدّع أي من هؤلاء الحق في بسط السلطة على المسلمين خارج حدود دولتهم بينما يطالب البغدادي المسلمين في جميع أنحاء العالم بالجلوس عند قدميه

في بداية المقال يتساءل حسن "هل عاد بنا الزمن إلى الوراء؟ لقد انتهى عهد الخلافة الإسلامية في عام 1924، عندما أطيح بحكم العثمانيين في تركيا".

سننتخب زعيماً جديداً
ويكتب مهدي حسن ساخراً: "أصبح لديّ زعيم جديد، شأني شأن 1.6 مليار مسلم، واسمه أبو بكر البغدادي، وهو الخليفة وقائد المسلمين في كل مكان، وهذا ما يدعيه متحجرو الفكر في الدولة الإسلامية في العراق والشام، الغارقين في دماء ضحاياهم، إذ بتاريخ ٢٩ يونيو (حزيران)، أعلن الناطق باسم تنظيم داعش عن إقامة خلافتهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، من ديالى في العراق إلى حلب في شمال سوريا".

ويتابع الكاتب في الصحيفة قوله إنه جرت خلال العقود التسعة الأخيرة محاولات لإنشاء خلافة إسلامية، كان أبطالها أمثال آية الله الخميني في إيران والملّا عمر في أفغانستان، لكن لم يدّع أي من هؤلاء الحق في بسط السلطة على المسلمين خارج حدود دولتهم، بينما يطالب البغدادي المسلمين في جميع أنحاء العالم بالجلوس عند قدميه، وقد شكل إعلان داعش شيئاً من الصدمة، حيث حاولت جماعات إسلامية أخرى خلال السنوات الأخيرة(كحزب النهضة في تونس والإخوان المسلمون في مصر) الاستيلاء على السلطة عبر صناديق الانتخاب، باستثناء مجموعة صغيرة كحزب التحرير، الذي يحن إلى زمن الخلافة، على طراز العصور الوسطى.

ويقول الكاتب في نيو ستيتمان: "أذكر نقاشاً دار بيني، عندما كنت مراهقاً، وبين أعضاء في حزب التحرير، قالوا فيه: "إننا نرفض يا أخي الديموقراطية الغربية، ونحتاج لخلافة"، وعندها سألتهم، متظاهراً بالبراءة والاهتمام: وكيف سنختار الخليفة؟ أجابوا وهم يتململون في كراسيهم: حسناً، سوف ننتخبه".

أربع نقاط
وتمضي الصحيفة لعرض أفكار كاتب المقال، الذي يرى بوجوب أخذ 4 نقاط بعين الاعتبار عند مناقشة أي شيء يتعلق بداعش أو "خلافته".

فمن جهة، خلافة البغدادي لا تمت بصلة إسلامية للخلافة التي نشأت بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتسلمها من بعده الخلفاء الراشدين الأربعة، فلم يكن لتلك الخلافة الأولى التي نشأت في المدينة المنورة حدوداً مرسومة، كما هو الحال اليوم في مفهوم الدول، ولا جيشاً عصرياً، ولا موظفين مدنيين، ولذا يبطل ادعاء البغدادي إنشاء الخلافة على النمط الإسلامي.

ومن جهة أخرى، يضيف الكاتب أن ممارسة الشعائر الإسلامية، من صلاة وصوم ودفع للزكاة، لا تتطلب من المسلم أن يعيش في ظل خلافة إسلامية.

إضافةً إلى ذلك، ترفض الغالبية الساحقة من المسلمين العيش في دولة على غرار دولة داعش، ومما يثبت صحة هذا الرأي ما ورد في كتاب عنوانه "من يتحدث باسم الاسلام"، ألفه جون إل إسبوسيتو ودالية مجاهد، ويستند الكتاب للقاءات تمت مع 50 ألف مسلم يعيشون في أكثر من 35 دولة، حيث قال هؤلاء إنهم لا يريدون أن يتسلم الحكم في بلادهم إسلاميون متشددون، يفرضون عليهم قوانين وتنظيمات جائرة، وأن خير مثال على ما نقول هو أن 500 مسلم بريطاني فقط انضموا لداعش، وهؤلاء يشكلون نسبة تقل عن 2 بالألف من إجمالي 7.3 مليون مسلم يعيشون في بريطانيا، وقد أثبت استطلاع أخير أنهم أكثر شعوراً بالولاء لبريطانيا من الاسكتلنديين.

وتضيف المجلة، على لسان كاتبها، أن الإسلام السياسي أثبت فشله مرةً تلو أخرى، فقد اكتشف المتطرفون الإسلاميون أن سفك الدماء لا يمكنهم من أسلمة المجتمع بالقوة - سواءً في أفغانستان أو في غزة، أو في مصر، أو في إيران، حيث إن إلقاء الخطب أمر سهل، لكن إدارة الخدمات العامة ومؤسسات الدولة شيء أصعب، وليس لباتري الأيدي وذابحي الحناجر، كداعش وبوكو حرام وغيرهم، برنامج سياسي، ولا مخطط لإقامة دولة، فهم يطبقون أيديولوجيةً معبأةً بالكراهية، مبنيةً على مبدأ التضحية التي يدعمها عنف وإرهاب لا حد له.

خلافة ذائبة
وتختم مجلة نيو ستيتمان المقال بعرض رأي المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كرولي، الذي يقول: "أعتقد أن ما يسمى بدولة الخلافة في العراق وسوريا ستكون شموليةً ديكتاتورية، ولن تكون إسلاميةً إلا بالاسم، لكن فرصة بقاء أو استمرار هكذا دولة أشبه ببقاء قطعة آيس كريم وسط الصحراء، إن تنظيم داعش بإعلانه إنشاء خلافته، قد نثر بذور نهايته ودماره".