الأربعاء 16 يوليو 2014 / 16:20

الطريق إلى" داعش".. أزمة الشباب في بعدها العالمي

24 ــ الشيماء خالد

ليست هناك أرقام محددة يمكن الاتكاء عليها أو اللجوء إليها بغرض المتابعة والتحليل، لمعرفة العدد الإجمالي لعناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، ناهيك عن معرفة فئاتها العمرية، ما يدفعنا إلى البحث في دور الشباب ـ عرب وأجانب ـ من ما ورد خلال عام، أي منذ ظهور التنظيم إلى العلن انطلاقاً من الجغرافيا السورية، بالرغم من أن بدايات التكوين ركزت على العراق أرضاً والعراقيين شعباً منذ العام 2006.

التقارير الأمنية،أشارت إلى أن معظم المقاتلين شباب، ومنها تقارير الأجهزة الأمنية الألمانية ، التي ذكرت أن عدد المقاتلين الألمان في سوريا يقدرون بنحو 320 شخصا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 عاماً وتمثل نسبة النساء 10%

تقوم شبكات خاصة بتسفير الشباب إلى بؤر القتال لخدمة أغراض دولية على غرار ما حدث في تونس حيث تم القبض على 293 متورطاً في هذه الأمر

ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن الداعية السعودي محمد العريفي قام بتجنيد الشباب البريطاني للمشاركة في الجهاد الإسلامي في العراق وسوريا، الذي يديره داعش

وبناء عليه فإن التداخل أو الاتحاد في مرحة أولى بين هذا التنظيم وجماعة النصرة ثم الاختلاف لدرجة الاقتتال، ثم البيعة ثم الاختلاف والصراع من جديد، يوصلنا إلى المعرفة الأولية ـ التقريبية وغير المؤكدة وغير النهائية ـ للعدد الإجمالي للمقتلين الأجانب في سوريا، وذلك لاعتبارين، الأول: أن الاهتمام العالمي تركز على سوريا واعتبرت أرض الجهاد المقدس، والاعتبار الثاني أن دوائر الاستخبارات العالمية كانت تتابع تدفق المقاتلين من مختلف الجنسيات دون تدخل منها لمنعها من دول المنبع، بل إنها ذهبت أحياناً إلى دعهما وتسهيل وصولها وذلك لسبيين، الأول: اعتقادها بأن ذلك سيساعد في اسقاط النظام السوري وانهاء حكم الرئيس بشار الأسد، والثاني: أن تكتل الجماعات الإرهابية في مكان واحد يساعد على مراقبتها وابعادها عن الدول العربية.

آلاف .. مئات!
إذن فالحديث عن داعش هنا لا يمكن أن يتخذ مساراً بعيدا عن الجماعات المقاتلة في سوريا والعراق، ولحد كتابة هذا التقرير فإن أعداد تنظيم داعش داخل العراق، متضاربة، فمرة يذكر بأنها بعض آلاف، ومرة أخرى تتحدث بعض المصادر على أنها عشرات الآلاف، لتوصلها بعض التقارير إلى ما يفوق 100 ألف بالاشتراك من المقاتلين من السنة ومن عناصر الجيش العراقي السابق الذي حُلًّ في عهد الحكم الأمريكي "بول بربمر"، الذي عينه جورج بوش رئيساً للإدارة المدنية للإشراف على إعادة اعمار العراق في 6 مايو 2003، وفي كل هذا لم يتضح بعد عدد الأجانب المشاركين في الحرب داخل العراق، وإن كانت بعض المصادر تتحدث عن مئات في أحسن الأحوال.

أما بالنسبة لسوريا فإن الوضع مختلف، حيث تشير معظم التقارير الصُّحفية، وكذلك الاستراتيجية، ومنها تقرير مركز" سوفان غروب" الأمريكي، إلى أن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بلغ (12000) مقاتلاً، جاءوا من احدى وثمانين بلداً، والعدد السابق الذكر"تجاوز عدد الذين وفدوا إلى أفغانستان خلال فترة احتلالها من قبل الاتحاد السوفياتي، الذي استمر10 سنوات..".

من الشرق للغرب
وحسب التقرير السابق، ووفق للمعلومات التي حصل عليها القائمون على التقرير من وحدات الأمن في بعض الدول، فإن تونسيي الجنسية يتصدرون عدد المقاتلين الأجانب بـ 3آلاف وكذلك الحال بالنسبة للسعوديين ويليم المغاربة بــ1500 (في حين صرحت مصادر مغربية أنهم 3000)، والجزائريون بــ200، أما المقاتلين من الجنسيات غير العربية فهم كالتالي: من روسيا الاتحادية 800 ومن فرنسا 700، ومن بريطانيا 400، ومن تركيا 400، من استراليا 150، ومن الدانمارك 100، ومن الولايات المتحدة 70، ومن الدنمارك 70 .
 
وكما نلاحظ فإن العدد الأكبر من المقاتلين في سوريا من العرب بعدد إجمالي بلغ حسب الأرقام السابقة 8700، أما ما نسبته 65 % من العدد الإجمالي، ولم تقر أو تعلق عن الأعداد السابقة الدول العربية المعنية، باستثناء تونس التي ذكر وزير خارجيتها لطفي بن جدو: "أن 2400 تونسي يقاتلون إلى جانب جبهة النصرة وداعش في سوريا"، وأضاف أن وزارته منعت ما بين 8700 و8800 شاب وشابة تونسيين من السفر إلى سوريا خلال العام الماضي 2013.

العريفي .. شبكات.. مال
هنا يطرح سؤال من شقين، الشق الأول كم نسبة الشباب من المقتلين مع داعش في سوريا والعراق والشق الثاني: ما الأسباب الكامنة وراء التحاق الشباب بهذا التنظيم الإرهابي.

بالنسبة للشق الأول من السؤال: فإن إجابته نجدها في بعض التقارير الأمنية، حيث أشارت إلى أن معظم المقاتلين شباب، ومنها تقارير الأجهزة الأمنية الألمانية ، التي ذكرت أن عدد المقاتلين الألمان في سوريا يقدرون بنحو 320 شخصا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 عاماً وتمثل نسبة النساء 10%، وكذلك الحال بالنسبة للتقارير الخاصة بالمقاتلين من الدول المغاربية وتحديداً تونس والمغرب والجزائر.

أما بالنسبة للجانب الآخر من السؤال، والمتعلق بالدوافع الكامنة وراء التحاق الشباب بداعش وغيره من التنظيمات الأخرى المقاتلة في سوريا والعراق، القاعدة مثلاً، فإن ذلك يعود إلى أسباب كثيرة، منها:

ـ تجنيد العلماء الدينيين للشباب، من ذلك ما ذكرته صحيفة ديلي ميل البريطانية عن قيام الداعية السعودي محمد العريفي بتجنيد الشباب البريطاني للمشاركة في الجهاد الإسلامي في العراق وسوريا، الذي يديره داعش.

ــ قيام شبكات خاصة بتسفير الشباب إلى بؤر القتال لخدمة أغراض دولية على غرار ما حدث في تونس حيث تم القبض على 293 متورطاً في هذه الأمر كما صرح بذلك وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو.

ــ تقديم مبالغ مالية من مخابر إرهابية عالمية لتجنيد الشباب في تنظيمات إرهابية، مثل داعش من ذلك تجنيد الشياب الجزائري كما جاء في تصريح محمد بن عيسى وزير الشؤون الدينية الجزائري.

ــ نقص الرقابة الأمنية على الحدود وغياب التنسيق بين دول الجوار مما سهل استقطاب الشباب من طرف الجماعات الإرهابية كما هو الأمر في الحالة المغاربية.

ــ ضخ دماء جديدة للمشاركة في عمليات القتال باعتبارها جهاداً عالمياً في نظر المتطرفين، ولهذا يتم التركيز على الشباب خاصة من الأجانب وتحديد من الغربيين، الذين أصبحوا قادة في التنظيمات الإسلامية.

ــ لجوء المهمشين، ومن لهم سوابق إجرامية إلى التطرف كمنهج حياة، فهم من جهة يتطهرون في نظرهم، ومن جهة أخرى يحققون نوعاً من الفاعلية وإثبات الوجود.

ـــ تهميش الشباب المسلم والتحريض ضد الإسلام والعنصرية في الدول الغربية، مما يدفع الشباب إلى الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية للدفاع عن نفسه ودينه، والتدريب للانتقام من مجتمعه الأصلي، وهو ما يزعج الأجهزة الأمنية الغربية هذه الأيام.

ـ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة أساسية من طرف داعش، من ذلك تقديمه نصائح لما يجب احضاره بالتحديد وكيفية تفادي الإجراءات الأمنية عبر الموانئ البحرية والجوية .. الخ.

كل الشباب الذين رحلوا وسيرحلون غداً على طريق الدم والعنف والضياع، ربما سيصبح بعضهم قادة حرب عصابات أو رؤساء تنظيمات، بينما الغالبية منهم تدور عليهم وبهم الرحى، هم جميعاً يعانون من أزمة حقيقية، يعاني منها غالبية الشباب العربي والمسلم، اجتماعية، فكرية، مادية، إلخ، وتلك الأزمة كانت السبب وراء انضمامهم لجماعات ظلامية، كداعش وغيرها.