الثلاثاء 22 يوليو 2014 / 14:44

تحقيق 24: اختيار التخصص الجامعي "مطب" يقع فيه الكثير من الطلبة

24 - إيناس الغزالي

بعد الانتهاء من عناء الثانوية العامة، يجد الطلاب أنفسهم أمام قرار صعب، فاختيار التخصص الجامعي أمر يثير الحيرة لدى الكثيرين منهم، وقد يتخذ عدد لا بأس به اختيارات عشوائية غير مدروسة، مدفوعين بنصائح من حولهم أو عدم معرفة التخصصات المناسبة، أو المصاريف الباهظة، ويجهل معظمهم المطلوب في سوق العمل.

"والدي كان يحلم دوماً بأن أصبح طبيباً كبيراً، كوني أكبر أبنائه،وأنا شخصياً لا أمانع إطلاقاً، خاصة بعد حصولي على معدّل عال في الثانوية"، لكن الطالب محمد هاشم (16 عاماً) يذكر على استحياء رغبته الحقيقية، فيقول: "في صغري حلمت أن أصبح رساماً شهيراً".

وتعد حالة الحيرة أمراً اعتيادياً بين المراهقين المقبلين على مرحلة جديدة في حياتهم في بداية الجامعة.

وهناك العديد من الطلبة ممن يختارون تخصصاتهم الجامعية بناء على قرار أو نصيحة من الأهل، دون أن تكون لديهم صورة واضحة حول طبيعة التخصص، وبالتالي يصطدم الطالب في السنة الجامعية الأولى بعدم قدرته على الاستمرار في الدراسة، مما يضطره  إلى الانتقال إلى تخصص آخر يتلاءم مع قدراته.

الحلم والأهل
وتقول الطالبة عائشة أحمد لـ24: "أشعر صراحة بالارتباك والعجز عن اختيار التخصص، فأحياناً أشعر بالرغبة في  دراسة مجال الهندسة وأحياناً إدارة الأعمال، لكن والدي يضغط علي ويريدني أن أتجه إلى مجال الطب".

أما الطالب علي محمد فيقول: "أرغب في دراسة الهندسة المعمارية، ووالدي يؤيدني في ذلك، لأنه يريدني أن أعمل معه مستقبلاً في شركة واحدة وأن أكون بجانبه".

أما بعض الطلبة فيقدمون على اختيار تخصصات من باب الانبهار بها فقط، ثم يعجزون عن إحراز أي تقدم فيها، كما تقول الطالبة فاطمة محمد: "قررت دراسة الطب، لأني دائماً أحلم بأن أصبح طبيبة وأهلي يؤيدونني في هذا الاختيار".

قبل علمي أو أدبي
ويوضح الطالب عيسى راشد أنه لم يتخذ قراراً حتى الآن بشأن التخصص الجامعي الذي سيدرسه، "أخاف صراحة أن أختار تخصصاً ما ثم لا أجد عملاً، لذلك أفكر في الوظائف المتوفرة في سوق العمل، من أجل اختيار التخصص الجامعي المناسب الذي يلبي احتياجاتي الشخصية والمالية".

ويؤكد مدير الإرشاد الأكاديمي في جامعة الشارقة، الدكتور علي سعيد، أهمية الدقة وعدم الضغط على الأبناء في اختيار التخصصات الأكاديمية، التي ترسم صورة مستقبلهم العلمي والعملي، وإجراء موازنة بين الطموحات والرغبات وبين القدرات والإمكانات، والعمل على اكتشاف الميول والمهارات، قبل أن يتخصص الطالب في المرحلة الثانوية في أحد الفرعين العلمي أو الأدبي.

ويقول الطالب حسن علي: " أريد دراسة إدارة الأعمال لأني أحب التجارة، لكن والدي يفضلان الهندسة"، ويذكر علي أن رغبته إبان المرحلة الإعدادية كانت أن يختار القسم الأدبي حباً في التاريخ، لكن خوفاً من غضب والديه اتجه للقسم العلمي.

أما الطالبة مروة محمد التي اختارت العلمي عن اقتناع فتقول: "أرغب دراسة الطب، لكنني مضطرة إلى اختيار تخصص آخر في أي معهد أو جامعة متواضعة، بسبب التكاليف العالية لدراسة الطب، فأهلي لا يستطيعون توفيرها".

التخصصات المطلوبة للعمل
ويجهل العديد من طلاب المرحلة الثانوية التخصصات المطلوبة لسوق العمل في الإمارات، مما دفع وزارة التربية والتعليم للقيام ببرامج إرشاد أكاديمي واسعة ابتداء من 2012.

ويرى بعض المختصين أن أكثر التخصصات المطلوبة في هذا السوق تلك المتعلقة بالعلوم التطبيقية بمختلف فروعها، ويقول مدير جامعة زايد، الدكتور سليمان الجاسم لـ 24: "على الطلاب اختيار تخصصات تتيح لهم حيزاً في مستقبلهم المهني للتطور، وبما أن الحياة متطورة ومتغيرة فإن سوق العمل أيضاً متغير وفرص العمل دائماً متجددة ويجب أن تعكس البرامج التعليمية متغيرات هذا السوق واحتياجاته".

وينصح مدير معاهد التكنولوجيا الطلاب، الدكتور عبد اللطيف الشامسي، في التوجه نحو الرغبة والفرصة بمعنى اختيار التخصص الجامعي بناء على الرغبة الشخصية للطالب وفرصة العمل بعد التخرج، ذلك أن الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي 2030، حددت ملامح المجالات التي تطمح الإمارة لها، وأهمها تنوع الاقتصاد وتقليل الاعتماد الاقتصادي على البترول والغاز، وتحقيق زيادة ملحوظة في نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2030.

 ويضيف الشامسي: "هذا يعني انشاء مؤسسات صناعية في مجال الطاقة النووية والطاقة المتجددة وأشباه الموصلات وهياكل الطائرات وبتصوري أن هذه التخصصات لها الأولوية في مستقبل سوق العمل في دولة الإمارات ،ونحن بحاجة كبيرة للكوادر التي تعمل في مجال التكنولوجيا" .

ويقول مدير مجمع كليات التقنية العليا، الدكتور طيب كمالي: "سوق العمل اليوم يتطلب كوادر وطنية تتمتع بمهارات متعددة لا تقتصر على التخصص فقط، في الإدارة والقيادة والتواصل وغيرها، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن ظهور الحاجة إلى دراسة تخصصات جديدة في الدولة مثل التخصصات المتعلقة بالبيئة والطاقة النووية والطاقة البديلة والهندسة اللوجستية، خاصة وأن دولة الإمارات فيها منشآت ضخمة وتحتاج إلى إدارة لوجستية حديثة".