الثلاثاء 22 يوليو 2014 / 15:05

عذراً غزة "سوريتي" تؤلمني أيضاً




تتوالى أيام الحرب القاسية على غزة، وتتوالى معها - دون إرادتي - مقارنتي المعتادة بين الحرب على غزة، والحرب في سوريا، أنسى تارة صراع الثلاث سنوات في سوريا، لأحدق في صور الصراع الفلسطيني الطويل الحاضر الغائب، ثم أذهب قليلاً إلى "داعش" والعراق، ثم أصمت.

حالي حال كل السوريين وغيرهم من العرب، غزة ليست في القلب، بل أكثر من ذلك، غزة هي قضية، هي عشق، هي آثار وجع قديم لم تلئم جراحه، لكن هل خفت شرارة هذا الثأر الداخلي، أم إنها تراجعت قليلاً مع ظهور عناوين جديدة مثل "الحرب في سوريا" و "داعش في العراق"؟

الواقع ينفي هذه الفرضية الناجمة عن تصارع داخلي، لأن ما ظهر ويظهر هو تضامن كبير مع غزة، وصل لدرجة نسيان الصراعات العربية، والتفرغ لقضية غزة ومستجداتها، ما يعتبر دليلاً نقياً على وجود أمل داخلي بتحقيق النصر، اتقد مع أول "صاروخ" على إسرائيل، والتهب مع أسر أول جندي إسرائيلي.

إلا أن المقارنة الموجعة التي أقلبها في رأسي يومياً واضحة للجميع، ولكنها غريبة، ففي حين أن قضية فلسطين واضحة والعدو واضح كعين الشمس، والشعب واحد في صراع واحد، والهدف هو إزالة ذلك الكيان الغريب في هذه الأرض العربية المقدسة، يطل الصراع السوري بمفرداته المعقدة، وقصصه الغريبة بين أطراف لها فروع وفروع لها جذور، ليتناوب لقب العدو بين هؤلاء المشاركين، كل يصف به خصمه.

وفي خضم هذه الدوامة يظهر التباين أيضاً بالهدف من هذا الصراع، بين إسقاط نظام وحكم، وبين طموح بحرية تائهة، وبين إرهاب يسعى لتأصيل جذوره في المنطقة.

هنا، يصبح من الصعب أن أصف حال شعب تشرد ونزح ولجأ إلى مختلف أصقاع الأرض، نتيجة حرب لا منتهية، لم يعرف لها مسار أو هدف، افتقر نتيجتها للأمل الموجود لدى كل عربي وفلسطيني ينظر إلى غزة، يتابع أحداثها بشغف، وكله أمل بالنصر، بينما ينظر شعب سوريا لقضيته بلا أمل ويحاول قدر الإمكان تجاهل سماع أخبارها.

والمفارقة أن شعب غزة المجروح لديه عدوه ولديه أيضاً أمل كبير لم تستطع الأيام أن تمحوه، فيما يبقى الشعب السوري موجوعاً تائهاً مفتقراً للأمل، فأي ألم أسهل؟

بالطبع ما عاناه الشعب الفلسطيني في هذه السنوات لا يختصر بالكلام، لكنه يداوى بالأمل والمحاولة، وأنا كسورية أشعر بالأسى على أطفال غزة ونسائها، وعلى المجازر المرتكبة بحق شعبها من قبل الإسرائيليين، لكن ما يحدث في سوريا، لا يستهان به أيضاً، لذا عذراً غزة سوريا توجعني أيضاً.