الخميس 24 يوليو 2014 / 16:39

عن علاقة الحب القطرية الإسرائيلية



-1-

كانت قناة "الجزيرة" الفضائية ، في العقد الأوّل من هذا القرن تشدّ اليها جمهوراً غفيراً التفّ حول خطّ تحرير حريريّ المشهد والمسمع ، الى أن كُشف المستور بعد معرفة الزهور التي أشاعت رائحة الموت وانتشر الكافور .

-2- 

في البداية ، كانت "الجزيرة " إدماناً لأنّها تمثلت هدفها وجمهورها:
الجماهير العربية التي تطمح الى إصلاح أنظمتها او الثورة عليها، وكان الهدف السري هو: تقويض الأنظمة.
- باستثناء نظام قطر .
- لماذا ؟
- تعودت دولة قطر على تصدير الغاز لا استنشاقه.

-3-

حين زار شمعون بيريز ، وتجول في الاسواق في العاصمة "الدوحة" سنة 1996 كان منبسطاً وحراسُه مرعوبين، وكانت عيونُ كاميرات "الجزيرة" مطبقة على الظلام. 

وقبل هذه الزيارة المسكوت عنها ، كانت مياه الحوار بين قطر والكيان الصهيوني تجري على كيفها، وهكذا تم افتتاح المكتب التجاري الإسرائيلي في "الدوحة" وتوقيع اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، كما تم انشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب وانطلق  أكثر من مشروع مشترك حتى إنه يمكن القول بالفم الملآن: إنّ قطر عملت وتعمل أعمالاً كثيرة لا يعلمها حتى الإعلام ، ويعرفها صناع الكواليس، بل إن بعض الصحافة الإسرائيلية التي لا تمزح، باتت تشكو من الاحتلال او الغزو القطري بعد ان "صهْينت" قطر على عديد المشاريع في داخل الكيان .
 
-4- 

الأمير القطري السابق قام بزيارة قطاع غزة اول مرة سنة 1999، وثارت ثائرة الصحافة الإسرائيلية ضد هذه الزيارة" الثورية"  إلا أن السلطات الإسرائيلية لم تردّ على الزيارة ردّاً شعبياً انفعالياً، لانها تعلم ما لا يعلمه الرأي العام .

لقد صار الأرشيف غنيا بالصور الملتقطة ومقاطع الفيديو مما يدل على المودة القائمة بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والأمير القطري السابق ، وأما وزير خارجيته السابق فلم يكن يخفي الرغبة المحمومة في علاقة حميمة مع صناع القرار في الكيان الصهيوني.
وكان يا ما كان معالي الوزير يذهب للراحة والاستجمام والاصطياف،
وكان صرحاً من غاز يصرّح ويمزح ويشرح حوار الحضارات
و كان نجمًا ، ثم صار خامل الذكر
وكان الناطق ، وصار المأمور بالصمت .
غير ان ما خفي في العلاقات القطرية الصهيونية هو اعظم ، ويحتاج الى جهد استقصائي كبير، ولكن المتوفر لحد الآن يشكل مادة لأكثر من كتاب وَ أطروحة حول علاقات التعاون والحوار .

-5-
 
لم يبقَ لقناة "الجزيرة " بعد أن انفضّ سامرُها غير البرقع الذي كان يعمل على الخلط في الرؤية وإنتاج الالتباس بين تنظيم الإخوان المسلمين العالمي والدين الإسلامي وخيار القتال والتكفير في بناء حياة الناس وصولاً إلى دولة "داعش " التي لا "تدعش" شيئاً ولا تبطش ضد إسرائيل.

-6- 

تحت غطاء "الرأي والرأي الآخر " وتحت نقاب "الاتجاه المعاكس" تبرز عيون الفتنة الديموقراطية التي غمزت  الجميعَ  تحت مظلة مقاومة الأنظمة القائمة ومساعدتها على الدخول إلى غرفة الإنعاش السياسي في مستشفى الربيع العربي قبل الرحيل والخلع .
 
-7- 

كيف تمسك قطر حبل التواصل بينها وبين الكيان الصهيوني في السياسة الخارجية القائمة على التعاون مع العدوّ الإسرائيلي من جهة ، ومساندة حماس من جهة أخرى؟

إن دولة قطر لا تبدي شعوراً بالضيق لكونها، متهمة في علاقتها بإسرائيل، وتدرك أن إثبات العلاقة ذلك بات مؤكداً على رأي المتنبي:
وليس يصحّ في الأفهام شيء * اذا احتاج النهار الى دليل".

بل إن اسرائيل كانت على علم بأن الأمير الكهل سيسلم مقاليد دولة قطر إلى الأمير الشاب الذي تدرب، قبل العرش، على حوار الحضارات والأديان ومفاوضات الغاز، وحتى لا تشعر قطر بالوحدة أو العزلة، فقد قررت أن تبثّ ما تيسر من شائعات منقولة عن جهات إعلامية إسرائيلية حول أدوار مزعومة، وضمن هذا السياق اتهمت دولة الإمارات العربية المتحدة وخطها السياسي العروبي الواضح، وكان ذلك محاولة فاشلة سرعان ما كشفت عن وجه القيادة القطرية المتهافت، اشتدت الحرب بين غزة والكيان الصهيوني كما اشتدّ الحبّ الحقيقيّ بين قطر والكيان الغاصب.

-8-

ولكن، دولة قطر لا تحبّ أن ينازعها أحد في حبّ غزّة، والوقوف الى جانب غزة ، وهي التي ما انفكّت "تناضل" عبر تسخير كتائب  إعلامية جوالة صوالة للوقوف على أرض المعركة، والتصدي وقنص صور القتلى، دون أن تقطع حبل الودّ والورد مع الكيان الصهيوني القاتل. 

في مناخ تصاعد العداء العربي العام ضد جرائم القتل للأهل في غزة ، في هذا المناخ بالذات زيّنَ الغرورُ لقطر ،وأطلقت اشاعاتها ، وقد غاظها وقوف دولة الامارات العربية المتحدة الى جانب غزة ، وأهل غزة ، وأطفال غزة ،من خلال تقديم المساعدات الانسانية المختلفة دون منّ أو تبجّح ، فقد كانت الامارات تواصل مسيرتها وخطها المعروف من ايام الراحل الكبير زايد وكانت تقوم بواجبها في مساعدة الأهل وذوي القربى في صمت ودون تبجح. 

- يبدو أن قطر تنزعج من هذه العزيمة السياسية والأصالة العربية التي باتت نادرة هذه السنوات؟

- وهكذا كان ما كان من اختلاق الإشاعات القطرية لتشويه موقف الامارات من القضية الإنسانية الفلسطينية.
- ولكن ، ما سرّ الإشاعات القطرية؟

- الإشاعة هي فن حربي قديم، وربما تكون قطر قد تعلمت هذا الفن من الكيان الصهيوني ولكن دون إتقان. 

- في جزء ، من سرّ هذه الإشاعات ، هو تعبير عن عدم الرضاء من دولة قطر على الموقف السياسي الإيجابي لدولة الامارات العربية المتحدة من المتغيرات في مصر!

- مصر العظيمة التي شاءت أن تصحح مساراتها السياسية وتزيح صخرة الإخوان من مجرى النيل.