الجمعة 25 يوليو 2014 / 01:26

يا سلمى .. يا حب غزة


يا سلمى..

أكتب لك خطاباً لا أعلم كيف يصل إليك، أكتب لك ولا أعلم متى نلتقي، وهل لنا بلقاء عن قريب. أعلم أن الرصاص يلف في مدارات حول رؤوسكم كما لفائف الدخان من سيجارة رجل يدخن بشراهة، وأنا عاجز عن فعل شيء.. الحواجز تمنعني.. والسحب لم تعد تدلني علي الطريق.. فاغفري ضعفي واعلمي أنك يا سلمى أقوى من كل دبابات العدو .

يا سلمى
أعلم أنك عندما تقرئين الخطاب ستقولين لا تخف، أنا رأيت عينيك في المنام بها خوف الطفلة التي تنتظر قصف بيتها بغزة، بعد أن مات الأب من الانتظار، وأمها التي ظلت تحكي حكايات عن ملائكة صدت عنها رصاصات طائشة كانت ستسكن في قلب بنتها. أليس هذا الخوف كفيل بأن تتغير خريطة العالم، وتجعل الله يفكر ألف مرة في أنه كيف يمنع بكاء هذه الطفلة مرة أخرى؟ كيف أرى كل هذا الخوف في عينيك، حتى ولو بالمنام ولا أخاف ولا أقلق؟

يا سلمى
ما يحدث في غزة ليس اجتياحاً على فلسطين، ولا على الأمة العربية، ولا مصر، إنما هو اجتياح عليك أنت، وهذا يمثل لي كل الكون ..
لو أستطيع أن أقدم لك بندقية بدلاً من الورد في عيد الحب لفعلت، فالرصاص الذي تدافعين به عنك هو أقوى درجات الحب التي لم يكتب عنها ابن حزم في كتابه طوق الحمامة.

يا سلمى
هل تسمعين بتهجير المسيحين في الموصل علي يد داعش المتطرفة؟ ..البكاء من أجلهم واجب إنساني ويجب أن يتدخل المجتمع الدولي لإنقاذهم .. ولكنهم مشغولون بالتقسيمات السياسية والثروات والخرائط .. كل هذا يمنعني أن أراك.. تزداد الحواجز، ولكن الذي أعلمه جيدا الآن هو أنني أكره إسرائيل، وأحبك أنت.


يا سلمى
يقاتلون بعضهم لا أعرف إلى متى، يهدمون بيوتاً ويشردون أسراً كاملة، العالم أوسع وأرحب بنا جميعاً، لماذا يستمرون في الحروب مع أنها لم تقدم شيئاً للإنسانية، وما تأخذه اليوم يأخذه منك في الغد غيرك. لماذا لا يقبلون بعضهم في الطرقات بدلاً من إطلاق رصاصة طائشة تصيب طفلة بالزعر أو بالموت وتجعل أحلامها طرقات مظلمة.

يا سلمى

الداعشيون موجودون في كل أمة، عندنا سلفيون وقلوبهم داعشية حرضوا على قتل الشيعة، وطردوا مسيحيين من بيوتهم في الصعيد، وحرقوا بيوت البهائيين. عزيزتي القضاء عليهم ليس بقتل أفرادهم .. لابد من قتل الفكرة من المنبع، والسعي لوجود دول عربية علمانية حتى لو استمرت في صراع لنصف قرن و بعدها ستبدأ الإنسانية، وستكون الأديان بخير طالما ابتعدوا عن أفكارهم الشاذة وسيستطيع أن يتعايش الجميع في مكان واحد.. وإذا تغيرت القوى المسيطرة على الكرة الأرضية وجاءت دول أخرى تسيطر – أمريكا.. روسيا مثلا - ستتغير خريطة داعش واحتمال أن ينتهي دورهم هنا.. وتبدأ جماعات أخرى في مباراة جديدة لحسم الصراع والبحث عن الثروات .. نحن نعيش جميعاً في صندوق خشبي وضعه الجد في بيت مهجور والجميع من الخارج يحاولون أن يأخذوه ويفتحوه ويعتقدون أنه كنز، ولو فتحوه لعرفوا أنها حظيرة كبيرة نتشاجر بداخلها لمن يأخذ لقب زعيم الحظيرة ..

يا سلمى
سأجوب الشوارع وأعلم الأطفال أن إسرائيل عدو وستظل عدو .. كما تعلمنا منذ الصغر، وسأطالب بمعاقبة كل المادحين في هذا العدو، لأنها خيانة، وشجاعة الطفل الفلسطيني بكرامة شعب بأكمله ، وسأعلم الطفل هنا كيف يكون رجلاً يحب الحياة ويدافع عن أرضه كما الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية القوية الجميلة.