• شعار كتائب الموصل (فيس بوك)
    شعار كتائب الموصل (فيس بوك)
الأربعاء 30 يوليو 2014 / 20:06

" كتائب الموصل": أول مقاومة مسلحة ضد "داعش"

دفعت عمليات تفجير أثمن المواقع التراثية في مدينة الموصل مجموعة من الطلاب والضباط السابقين إلى تشكيل نواة أول مقاومة مسلحة ضد الجهاديين الذين سيطروا على هذه المدينة الواقعة في شمال العراق.

الإعلان عن كتائب الموصل كان المفروض أن يتاخر أكثر لكن تهجير المسيحيين وتفجير المراقد عجَّل بظهوره

ولم يلق عناصر تنظيم الدولة الاسلامية صعوبات كبيرة لفرض سيطرتهم على المدينة التي دخلوها منذ سبعة اسابيع، فيما لا تزال قوات كردية متمركزة على الأبواب، وقوات عراقية بعيدة متضعضعة.

لكن أنور علي، 23 عاماً، الذي انخرط بكتائب الموصل المسلحة التي تمكن قناصوها من قتل اربعة مسلحين من "داعش" الاحد الماضي، يأمل ان يتم طرد هؤلاء الجهاديين من الموصل بالكامل.

وقال هذا الطالب الجامعي "التحقت مع مجموعة من الطلاب الجامعيين وموظفين ورجال أعمال بكتائب شعبية أطلقنا عليها اسم كتائب الموصل".

وأضاف "لكن بعض المشاركين اقترحوا أن نغير اسمها إلى جيش النبي يونس ثأراً لمرقد النبي يونس الذي فجروه (مسلحو) داعش قبل أيام".

وتبنى التنظيم الجهادي الذي أعلن الخلافة في المناطق التي سيطر عليها، الشهر الماضي، تفجير عدد من أماكن العبادة التي يعود تاريخها إلى قرون من الزمن.

وبين هذه المواقع مسجد ومرقد نبي الله يونس، الذي يحظى بقدسية لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء، بالإضافة إلى عدد كبير من الشواهد والمساجد والتماثيل التي تجسد تاريخ هذه المدينة الغني، وحولت إلى ركام.

ويضيف أنور علي ان "حملة تفجير المساجد والمراقد والكنائس والاثار التي يقوم بها هذا التنظيم التكفيري المتشدد لا تعدو كونها حملة لطمس هوية وشخصية الموصل الحضارية والتاريخية والاسلامية".

وأعرب عدد كبير من سكان مدينة الموصل ذات الغالبية السنية، عن ترحيبهم بالجهاديين الذين قدموا من سوريا المجاورة في بداية الأمر، ورأوا فيهم خلاصاً من تضييق قوات الأمن العراقية، لكن هذا لم يدم فترة طويلة.

وقال محافظ نينوى أثيل النجيفي لفرانس برس أن "تفجير المراقد كان نقطة تحول بالنسبة لسكان المدينة الذين كانوا يعتقدون بتأجيل اي مواجهة مع داعش".

وأوضح المحافظ في اتصال هاتفي من مقر إقامته في كردستان التي لجأ اليها بعد سقوط الموصل أن "الإعلان عن كتائب الموصل كان المفروض أن يتاخر أكثر، لكنه بسبب ظهور الاعتداءات على المراقد والمسيحيين، قررت بأن تقوم ببعض العمليات السريعة كرد مباشر عن هذه الجرائم".

بدوره، قال ضابط سابق يشرف على الكتائب لكنه رفض الكشف عن اسمه، لفرانس برس "باشرنا بتنفيذ واجبات ونشرنا قناصين في بعض المناطق وتمكنا من قتل أربعة عناصر من تنظيم "داعش" في حي البكر وحي سومر وشارع النجيفي الأحد الماضي".

لكن المحافظ وشهود عيان من المدينة تحدثوا عن مقتل خمسة من مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في الهجمات الثلاثة المتفرقة.

وقال الضابط "نحن نعمل على تنفيذ المزيد من الواجبات خلال الايام القادمة" مضيفاً "لقد هددنا وتوعدنا كل من يتعاون مع هذا التنظيم المجرم بأي شكل من الاشكال".

ونشرت الكتائب على مواقع التواصل الاجتماعي بياناً طلبت فيه من سكان الموصل الإدلاء عن مواقع عناصر داعش، خصوصاً هؤلاء الذين استولوا على ممتلكات المسيحيين وشاركوا بتفجير المراقد.

وأثار تفجير المراقد الغضب حتى بين بعض أنصار الجهاديين في المنتديات التي تعنى بإخبارهم.

وكتب أحد الجهاديين ويطلق على نفسه اسم فاروق العراق "الذين يدعون أنهم دولة إسلامية وتقوم على منهاج النبوة.. عليكم تطبيق النصوص ولا تخرجون عن النصوص التي هي من زعمكم ورد فيها كلمة (هدم)".

واضاف "لقد خالفتم النص بتفجيرها؛ لأنه لا يوجد لفظ التفجير- إذاً على ماذا استدليتم في مشروعية عملكم".

واعترض الكثير من الجهاديين الذين كانوا في السابق أعلنوا تأييدهم لإعلان الخلافة الاسلامية بزعامة ابو بكر البغدادي، على هدم الاضرحة واعتبروا انه لا يوجد تبرير منطقي لهذا الفعل.

بدوره، قال احسان فتحي الذي يعمل مع جمعية الاثار العراقية "اعتقد أن معارضة شعبية هو الطريق الوحيد الذي بقي لإنقاذ الشواهد التاريخية المتبقية".
وأضاف "أدرك أنني أطلب شيئاً في غاية الصعوبة نظراً للسجل المروع لهؤلاء المتعصبين، لكننا بحاجة إلى شجاعة الآن قبل فوات الاوان".

ويبدو أن هناك بعض المؤشرات إلى أن هذه الأمنيات بدأت تتحقق، قام عدد من سكان المدينة بالاعتصام حول مأذنة الحدباء بإنحنائها وتعود الى القرن الثاني عشر، بعد أن أعلن تنظيم الدولة الاسلامية أنها الهدف القادم وشكلوا درعاً بشرياً لحمايتها.

وقال باتريك سكنر وهو محلل يعمل مع مجموعة سوفان الاستشارية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها أن "هذا الفعل قد يقلب الناس ضدها"، موضحاً أن تنظيم "الدولة الاسلامية لن يجد أحد إلى جانبه اذا قام عدد من الناس ليقولوا لهم هذا يكفي".

ويقدر عدد سكان مدينة الموصل بنحو مليوني نسمة فيما يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بما بين 5 الف الى 10 آلاف.
وتعد مأذنة الحدباء رمزاً وطنياً تاريخياً في العراق وطبعت صورتها على احدى الاوراق النقدية ذات العشرة الاف دينار.

وقال سكنر إن "مأذنة الحدباء اشبه ببرج ايفيل بالنسبة لأهل الموصل، واعتقد ان تدميرها من شأنه أن يؤدي إلى ما هو مفقود في العراق، وهو رد فعل وطني، لذلك اتصور ان هناك عملية حسابية تجري لدى عناصر التنظيم".

ودعا محافظ نينوى إلى دعم دولي لمساعدة نواة المقاومة لعناصر داعش في الموصل.

وقال بهذا الصدد إن "كتائب الموصل في الوقت الحاضر لم تحصل على أي دعم وتعمل بامكانياتها الذاتية".

وأعرب عن ثقته بامكانية هذه الكتائب من طرد داعش في حال حصولهم على دعم، لانهم يحظون بثقة جميع سكان الموصل، الامر الذي لا يملكه تنظيم الدولة الاسلامية.