الخميس 31 يوليو 2014 / 17:43

واتس أب وأخواته... ساعات مختطفة من حياة الشباب

24 - إيناس الغزالي

بات من الصعب على الشباب أكثر فأكثر الاستغناء عن وسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما برامج المحادثة عبر الهواتف الذكية، مثل واتس اب وبلاك بيري ماسنجر، فينشغلون بها ويقضون أوقاتاً طويلة في استخدامها، وعيونهم لا تفارق الشاشات الصغيرة لهواتفهم، بينما يتداولون الرسائل والإشاعات والإعلانات وغيرها، لدرجة يكادون معها أن يغادروا الأرض إلى العالم الافتراضي.

يقول حميد المرزوقي (24 عاماً) لـ24: "واتس أب برنامجي المفضل، والميزة فيه خصوصيته، حيث لا يستطيع شخص التواصل معي إن لم يملك رقم هاتفي، والأهم فيه نظام المجموعات، لدي "غروب" خاص لعائلتي، وآخر لأصدقائي".

عالم رسائل

لكن هذا الحديث البريء عن استخدامات برامج المحادثة هذه لا يخفي سلبيات كثيرة نشاهدها يومياً، فالشباب وبخاصة المراهقين، يبالغون في استخدامها، وينفصلون عن الواقع أحياناً، فترى مجموعة تجلس في المقهى، ورؤوسهم منكسة تطالع الشاشة في غياب أيّ تواصل حقيقي فيما بينهم.

تقول سلمى فوزي (23 عاماً): "كنت أجلس مع والدتي في الغرفة نفسها لساعات، لا تكلمني ولا أكلمها، هي تتشاغل بالتلفزيون، بينما أنشغل في قراءة الرسائل والرد عليها ومشاركة الصور عبر واتس أب".

وبرامج المحادثة هي تطبيقات ومراسلات فورية عبر الإنترنت، وهي متعددة المنصات للهواتف الذكية، ويمكن بالإضافة إلى الرسائل الأساسية للمستخدمين، إرسال الصور والرسائل الصوتية، الفيديو والوسائط، وتعتبر من أكبر البرامج شهرة بين الشباب والمراهقين، إضافة إلى أن برنامج واتس أب أصبح واسع الاستخدام عالمياً، ويزداد مستخدموه كل يوم.

وكأن البعض يفضل العيش في عالم من رسائل، كما يقول شهاب محمد (28 عاماً): "نادراً ما نتبادل الحديث والنقاش حين نجلس سوياً في المقهى، لكننا نتواصل أكثر على واتس أب".

صندوق أسرار
وتقول حنين جبور(29 عاماً): "بالنسبة لي هناك برنامجان للمحادثة لا أستغني عنهما هما مسنجر "فيس بوك" و "واتس أب"، الأول أستخدمه للأشخاص غير المقربين، ممن لا أريد أن يعرفوا رقمي ولكن الذين تهمني معرفة أخبارهم"، أما بالنسبة لواتس أب فأستخدمه للناس المقربين مني، وهو يتميز بسهولته وحفظ الأسرار، ففي بعض الأحيان أكون مع أشخاص في أوقات حرجة ولا أستطيع التحدث بالهاتف، وتكون هناك حوارات مهمة بيني وبين آخرين، ولا أريد أن يعلم بها أحد، فأستخدم الكتابة لأنها أسهل أسرع، واتس أب صندوق أسرار".

ويؤيدها سالم أحمد (26عاماً) "واتس أب هو من أهم البرامج لدي ولا أستخدم غيره للمحادثة، وأستطيع أن أستخدمه في أي وقت وأينما كنت، ولا أنكر أنه سبب لي الكثير من المشاكل في الجامعة، لكن فيما يخص القيادة، حصلت على كثير من المخالفات أثناء استخدامي له، وكدت أن أتسبب بحوادث سير أكثر من مرة".

وفاة ذياب
وفي الإمارات لا تزال وفاة لاعب المنتخب الإماراتي الأول لكرة القدم ذياب بن عوانة في سبتمبر (أيلول) 2011، تذكر بأخطار استخدام الهاتف أثناء القيادة، لكنها ترتبط أكثر ببرامج المحادثة مثل بلاك بيري مسنجر وواتس أب، الذي قيل وقتها إن عوانة قضى في حادث السيارة اثناء استخدامه.

استخدام بلاك بيري مسنجر وواتس أب أثناء القيادة، قد يشكل كارثة حقيقية تهدد حياة مستخدمي الطرق بوجه عام، ويعد من الأسباب الرئيسة لحوادث الشباب في الإمارات وفي منطقة الخليج العربي، بحسب منى أبو سمرة التي كانت أطلقت حملة ضدّ استخدام الهواتف الجوالة أثناء قيادة السيارات.

ولكن الحملة ما لبثت أن هدأت وبقي الاستخدام المبالغ به لهذه البرامج، ويقول علي محمد (27 عاماً): "لو كان الأمر بيدي لامتنعت عن برنامج واتس أب وما شابه، لكن الأمر شبه بإدمان، فبعد امتناع جميع من حولك عن بعض "رسائل sms" أو الاتصال هاتفياً، تجد نفسك مضطراً لاستعمال واتس أب لبلاك بيري مسنجر، لتستمر في التواصل معهم، ورغم سرعته وتوفره، يجعلك مكتفٍ بهذا القدر من التواصل، بحيث تهتم بالاتصال بأصحابك، أو حتى ملاقاتهم وجهاً لوجه، وهو أمر مؤسف".

19 مليار دولار
لكن محبي هذه البرامج المخلصين سيبقون دائماً معجبين بها، ولن يفيد النصح والوعظ في تغيير الواقع، فبرامج المحادثة الضخمة هذه باتت جزءاً من عصر جديد تعيشه البشرية.

فتقول فاطمة علي، 25 عاماً: "واتس أب برنامج مهم يسهل التواصل بين الناس، وفي بعض الأوقات الصعبة تكون بحاجة للتواصل مع الشخص، ولا يكون متوافراً لك الرصيد الكافي، فتستطيع التحدث عن طريق الكتابة أوفر وأسرع، وأيضاً أحياناً لا تكون في مزاج للكلام، فتختصر وتتواصل كتابة حتى لا تحدث مشاكل".

يذكر أنه برنامج واتس اب أطلق عام 2009، من قبل الأمريكي "بريان أكتون"، والأوكراني "جين كوم"، وكلاهما من الموظفين السابقين في موقع "ياهو"، في كاليفورنيا، ويتنافس "واتس اب مع عدد من خدمات الرسائل الآسيوية مثل "LINE، KakaoTalk، وWeChat"، كما تم ارسال عشرة مليارات رسالة يوميه على "واتس اب" في أغسطس (آب) 2012، كما زادت مليارين حتى ثلاثة، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) في العام نفسه.

وفي 13 من يونيو(حزيران) 2013، أعلنت شركة واتساب، أنه وصل في رسائله اليومية الجديدة إلى 27 مليار رسالة، وأخيراً قام فيس بوك بشراء هذا البرنامج ذو الشعبية الصارخة في 19 فبراير (شباط) من العام الجاري، بملغ 19 مليار دولار أمريكي.