الجمعة 1 أغسطس 2014 / 11:42

خطبة الجمعة الموحدة في الإمارات بعنوان "التجمل والزينة"

نشرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية عبر موقعها الإلكتروني، خطبة الجمعة الموحدة لليوم، 1 أغسطس (آب)، تحت عنوان "التجمل والزينة".

وتتناول الخطبة الأولى لصلاة الجمعة، أهمية الطهارة والزينة المحمودة للمسلم، فيما دعت الخطبة الثانية إلى شكر النعم لا سيما اللباس والستر التي منّ الله فيها على عبادة، وفيما يلي نص الخطبة:

الخطبة الأولى
الحمد لله الكبير المتعال، ذي الجلال والجمال، سبحانه أكرم الإنسان وزينه، وهيأ له الكون وجمله, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أكرم الناس وأجملهم، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا امتثالا لقوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).

أيها المسلمون: لقد أكرم الله تعالى الإنسان، وخلقه في أحسن تقويم، قال سبحانه:( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فجعله على أحسن الهيئات وأكملها، وأنزل عليه ما يتجمل به، فقال عز وجل:( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا) فقد امتن الله تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس ما يسترهم، وما يتجملون به ظاهرا وأمرهم سبحانه بالتزين والتجمل ولا سيما عند الصلوات، فقال تعالى:( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد).

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يتزين المسلمون بما أحل الله، فيكونوا بهجة للناظرين، وخاصة عند التزاور واللقاءات في الأعياد والجمع والصلوات، بما يستميل الخلق إلى المسلم، ويحقق الارتياح أثناء التعامل معه، قال صلى الله عليه وسلم: "إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش".

وأنكر صلى الله عليه وسلم على رجل ترك التزين وأهمل هيئته، فشوه صورته، فعن عطاء بن يسار قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده: أن اخرج ، كأنه يعنى إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل ثم رجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أليس هذا خيرا من أن يأتى أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان".

عباد الله: وقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم التزين من قبيل التحدث بنعم الله، والاستجابة لأمره جل في علاه في قوله:( وأما بنعمة ربك فحدث) فعن مالك بن نضلة قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم في ثوب دون -أي: رديء غير لائق بحالي من الغنى- فقال: "ألك مال؟". قلت: نعم. قال: "من أي المال؟"، قلت: قد أتانى الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال: "فإذا أتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته".

وقد بين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن التزين لا ينافي الإيمان وليس من الكبر، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار من كان فى قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من كبر". فقال رجل : يا رسول الله إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا - وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه - أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال : "لا، ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق وازدرى الناس".

بل حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبس أفضل الثياب خاصة عند لقاء الناس وحضور الصلوات فقال: "من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب -إن كان عنده - ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التى قبلها".

أيها المسلمون: إن الزينة المحمودة هي التي تتناسب مع ما تعارف عليه الناس، وجرى عليه عرف المجتمع، قال تعالى:( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) والزينة هنا الملبس الحسن، وفي إضافة الزينة إلى الله تعالى في قوله:( زينة الله) إشارة إلى أنه سبحانه خالقها، ولعباده أحلها، قال ابن عباس رضي الله عنه: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان : سرف ، أو مخيلة.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم. أي: إذا وسع الله على الرجل في ماله فليوسع على نفسه في ملبسه فيحمل نفسه على عادة مثله ، ولا يخل بحاله حتى يكره النظر إليه وإلى زيه ويبشع بذلك ذكره.

فلبس أفضل الثياب وأحسنها، وأخذ الزينة والطيب أمر حث عليه ديننا الحنيف، وما أحسن ذلك إذا ارتبط بالعادات والتقاليد، فاللهم زينا بالإيمان، وأكرمنا بالقرآن، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن الله تبارك وتعالى قد أنعم علينا بنعمة اللباس والستر، فعلى المرء أن يشكر الله تعالى بلسانه، فالشكر باللسان واجب للمنعم جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه".

وكذلك الشكر بالأفعال بأن يكسو المسلم من لا يجد له كساء، ويغطي من لا يجد له غطاء، فعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له"، قال: "فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل".