السبت 2 أغسطس 2014 / 12:25

أين العرب؟ وأحياناً "وين العرب وين... وين الملايين؟"



أين العرب؟... وأحياناً وين العرب وين... وين الملايين؟
مصطلح نقوله كلما اشتعلت حرب، ولفرط اعتناقنا له وتعودنا عليه، صار بمثابة ثقافة، وصار رغم الخذلان جزءاً من حساباتنا، عندما نجازف بحرب.

ومصطلح أين العرب أو "وين العرب وين"، لم يعد مجرد استنهاض لضمير، او استصراخ لجيوش، بل صار الجدار الدائم الذي نعلق هزائمنا عليه، ذلك اننا في كل مواجهة نبدأ منتصرين، وحين تقع الفأس في الرأس، ويأتي دور التفتيش عن ذريعة للهزيمة، نلوذ بهذا الجدار لنقول، لو لم يتخاذل العرب في هذه المعركة، لكسبناها. إذن، لتوزع الهزيمة على مليون قبيلة عربية، ولنبدأ عقب كل معركة في ترديد بيت الشعر الذي صمم خصيصاً كدرّة أدب الزهو بانتصارات الماضي لتبرير هزائم الحاضر... رب وامعتصماه انطلقت.... الخ.

وحين نردد في القرن الحادي والعشرين، حكمة نطقت باسم حدث وقع قبل أكثر من ألف سنة، فهذا أعطى لمصطلح أين العرب أو وين العرب بعداً آخر... وهو أننا حتى في التبرير، لا نتجدد بل إننا نستمرئ التحالف مع الماضي للهرب من مسؤوليات الحاضر.

إننا نتحدث عن أبطال تاريخنا، وكأننا نناديهم وهم يقفون خلف الأبواب، ننادي صلاح الدين وننادي خالد بن الوليد، وننادي المعتصم، وحين لا يلبون النداء لأنهم ببساطة يعيشون خالدين في دنيا الآخرة أي في رحاب الله، نصب جام غضبنا على اللاشيء المسمى بالواقع العربي، والتخاذل العربي، والعجز العربي.

السؤال، متى تنتهي هذه الأحجية التي أدمنا عليها في كل عصور الهزائم والعجز، متى نتخذ من التاريخ درساً وليس حليفاً نلوذ به للتباهي في زمن آخر، وحيال واقع آخر.

متى ينتهي هذا الوهم، الذي اعتنقناه بديلاً عن الحقيقة، وأحببناه واستمتعنا به وما نزال.

كل الشواهد تقول لنا، إن اعتناق مصطلح "وين العرب وين"، أمر لا يسمن ولا يغني من جوع.. بل إنه يولد فينا استنساخاً ساذجاً لحكايات الماضي، دون أن نكلف خاطرنا بالبحث عن العوامل التي صنعت من خالد بن الوليد وصلاح الدين وبينهما المعتصم أبطالاً، أنهم وهو يقومون بأدوارهم التاريخية، لم يكن لهم ماضٍ يهربون إليه، بل كان في هاجسهم حاضر يعالجونه، ومستقبل يغذون الخطى إليه، كانوا يعتنقون واحدة من أهم الآليات الكفاحية في تراثنا الإسلامي الغني، "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" لم يقوموا بحرب دون استعداد، وحين كانوا يضطرون للاستنهاض والاستصراخ.. فقد كانوا يستنهضون أنفسهم ويستصرخون جندهم، وما زلنا متذكرين الأثر المجيد لخالد بن الوليد "تمايزوا أيها الناس" والناس كلهم كانوا من جيش واحد ولم يكن هناك آنذاك من ينادونه وهو على مسافات بعيدة.

أسأل الله أن يأخذ هذا المصطلح أخذ عزيز مقتدر، لعلنا وبعد وداعه إلى الأبد، نضع أقدامنا على الطريق الصحيح والبديهي لكسب المعارك، أو على الأقل عدم خسارتها.