الأحد 3 أغسطس 2014 / 16:02

انتفضوا للأقرع، باركوا داعش!



غضبوا للأقرع الأصم، ولم تحرّكهم الأكباد النازفة! صرخوا ملء حلوقهم من أجل ثعبان مجهول النسب، وناموا ملء جفونهم البليدة عن أبرياء تُقطف رؤوسهم من أجسادهم كل نهار! ثُعبان أقرع جعلوه خليفة عن الله في حساب الناس، أثار انتقادُه حفيظتهم، وصمتوا صمتَ القبور أمام ثعابين داعش ترفع رايات الموت السوداء في وجه العالم، باسم الله، حاشاه وتعالى عن ذلك! حاربوا من يُنقّون الدين من أدرانه ويطهرونه من أمراضه، وصفقوا طرباً لمن يحقنون الدين بالأدران والكذب والخرافات والدم والجماجم والتمثيل بالجثامين، وهتك أعراض النساء وتيتيم الأطفال وكيّ قلوب الأمهات بالثكل والويل، وطرد الكتابيين الآمنين من بيوتهم وتهجيرهم من أوطانهم وسرقة أملاكهم وهدم دور عبادتهم وتوعدهم بالسيف باسم الإسلام!

صمتوا عن حرائر النساء يسلسلوهن بالجنازير وبسوقونهن قهراً كما السبايا البغايا إلى جهاد النكاح، ورفعوا عقيرتهم النشاذ من أجل ثعبان أقرع لا يسكن إلا عقول من اخترعوه زوراً وكذباً ليلصقوا بالدين إرهاباً، يضمنوا به ولاء السذج الأغبياء ليجمعوا بهم الغنائم، وترهيباً لم يكتبه الله في كتابه ولا ضمّته سُنة نبيه الذي حذّره الله من الفظاظة وغلظة القلب لئلا ينفض الناس من حوله، وعاتبه ربُّه حين عبس في وجه الفقير الأعمى ابن أم مكتوم، وتولى عنه لانشغاله واهتمامه بأحد أثرياء قريش.

شوهوا الإسلام، ثم يزعمون، في تبجح، أنهم رُعاة الإسلام، ولو صمتوا عنه، لعلا شأنه في الأرض ودخل الناس فيه زرافات ووحدانا! إنما يهجر المسلمون إسلامَهم بسبب فتاواهم البغيضة الركيكة وإساءاتهم اليومية لاسم الله، حاشاه، ودين الله وكتاب الله وسيرة رسوله الذي ما علمنا عنه قتلا ولا فظاظة ولا تنكيلا! أي بشر أولئك، وأي مسلمين!

يهاجمون اثنين من أعمق الباحثين في الشأن الإسلامي، إسلام بحيري وإبراهيم عيسى، لأنهما حاولا تنقية الدين من خرافات ألصقها به دواهٍ ودّوا إرهاب البسطاء لكي يسخّروهم في المعارك وحصد المغانم والسيادات. خرافات أضحكت العالم علينا، ونفّرت العقلاء من الدين، اللهم إلا من رحم ربي فأخذوا الدين عن مصدريه الوحيدين: كتاب الله، و"صحيح" سُنته. وإن تتبعت خُطى أولئك الغاضبين للثعبان الأقرع، لرأيتهم يُخفقون في استرجاع آية قرآنية بسيطة دون لحن أو عِوَج. هم الأواني الفارغة التي تُصدر الصخب وتصدّر العنف، لأنها فارغة. فالجاهل الفارغ دائماً خطّاء طويل اللسان سريع الانتقاد دون علم، بينما العارف الممتلئ صبورٌ متأمل هادئ يقدّم الظن الحَسَن والقول الحسن، فلا ينطق لسانُه إلا بالخير.

فقير الإيمان دائم البحث عن صنم يلجأ إليه وقت العوز، ويرهب سوطَه لكي يسير على الصراط القويم. فالعبدُ لا يُشرى إلا والعصا معه، إن العبيد أنجاسٌ مناكيدُ. بينما الحرُّ قوي الإيمان لا يرى إلا الله، وحده، فيلجأ إليه عند العوز، وينهج النهج القومي ويسلك النجد الطيب حبًّا في الله لا خوفًا من ثعبان أقرع ولا حرباء صلعاء، ولا طمعاً في اثنتي وسبعين بكراً لا تنفضُّ بكارتُهن أبداً. يحبون الله لأنه أهلٌ لذاك، كما قال ابن الفارض، وليس حبًاً في زيتون الجنة ورمّانها وفومها وقثائها وعدسها ونسائها وغلمانها وأنهار عسلها ولبنها!

أيها المنتصرون للأقرع من ثعابين القبور، هلمّوا انتفضوا من أجل أهل عزّل يُقتلون كل يوم في العراق وسوريا على يد ثعابين داعش الملتحين. هلموا انتفضوا وطيروا إلى فلسطين حرروا الأقصى وانجدوا إخوانكم في غزة الجريحة. لكنني أعلم أنكم لا تزيدون عن "فنجري البُّق" كما وصفكم صلاح جاهين في أوبريت "الليلة الكبيرة":
- ورونا القوّة، يا بني انت وهو.
- لا يا عم سعيدة، دي البدلة جديدة.
- هأووووووووو.