الخميس 6 أكتوبر 2016 / 18:07

مخاتلات السيدة نوبل

تبقى جائزة نوبل للاداب موضع الشك الأكبر، فهناك الكثير من العظام الذين ماتوا دون نيلها ، وأبرزهم تولستوي، ويكفي أن نذكر من العرب طه حسين، ومحمود المسعدي والطيب صالح ونزار قباني، ومحمود درويش

1
منذ تأسيسها سنة 1901 وجائزة نوبل تحتل اهتمام العالم في العشر الأوائل من الشهر العاشر من كل عام ، فتتركز الأضواء على بلد علاقته بالشمس جد فاترة،وحيتانه تموت من البرد .

من القطب الشمالي، من بلاد السويد، ومن استوكهولم، والأكاديمية العتيدة، سيدةًً تنام على حرارة أسرار بها أسماء الفائزين في مختلف فروع الجائزة .

الحرارة القصوى تبدأ في شهر أكتوبر وتبلغ أوجها في العاشر من الشهر الاخير، ذكرى رحيل ألفريد نوبل ويوم تسليم الجائزة .

2-
وقبل التاسع من الشهر العاشر يلزم أكثر الأدباء الموعودين بنوبل بيوتهم، وينامون في الغرفة التي يوجد بها الهاتف القار، فلربما اتصل عضو اللجنة المكلف بالتبشير واختبار مزاج الفائز ووقع الخبر على أذنيه وقلبه:

- سيدي، يسعدنا إعلامكم أنه وقع اختياركم هذا العام للفوز بجائزة نوبل، ونأمل ان تشرفونا بقبول الجائزة.

3-
قد يكون الفائز بنوبل شخصاً خجولاً ومبتعداً عن الأضواء مثل صمواييل بيكيت الذي لاحقه نبأ الفوز عندما كان يقضي إجازته السياحية في مدينة "الحمامات" التونسية.

وحكى الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا عن هذه اللحظة المؤثرة عندما كان في بيته، وقدمت له زوجته الهاتف البيتي ليبقى في تواصل مع صوت قادم من السويد يعلمه بأنه هو الفائز. وذكر يوسا الكاتب وهو يسمع النبأ بأنه رأى نفسه ابن خمس سنوات لحظة سماعه بالجائزة التي هي حلم العمر بالنسبة لعدد كبير من الأدباء .

4-
ولسائل أن يسأل: ومن ترى يجرؤ أن يرفض نوبل. وحتى جان بول سارتر الذي اشتهر برفضه للجائزة، فانه ندم وتمنى أن يفوز بأموالها مع احتفاظه بموقف الرفض.

لقد تصور سارتر، في أوج الستينات والحرب الباردة أن لقب نوبل سوف ينقص من فاعلية مواقفه. ولكن جماعة نوبل رفضوا منح سارتر المال، وظلت نوبل تتزيّن بجائزة الرفض التي نالتها من الفيلسوف الوجودي.

5-
وجائزة نوبل تطرح باستمرار، في الأدب خاصة أسئلة لا تطرحها جوائز نوبل في الطب والفيزياء والكيمياء، وذلك أن الاختراعات والإنجازات العلمية والاكتشافات هي ملكية للإنسانية، ولا نقاش فيها، ويكون المترشح سليل المخابر العلمية والبحوث المخبرية، وأما الأدب والسلام فهي تبقى حبيسة تقييمات باتت اعتباطية في أغلب الأحيان .

فجائزة نوبل للسلام فاز بها المجرمون القتلة في دولة اسرائيل، كما فاز بها الرئيس الأمريكي بعد أشهر في البيت الابيض، ولم يفعل باراك أوباما شيئا غير التصريح بأن له نوايا طيبة لاحلال السلام !

أين ؟

في العالم .

6-
ولا يُعْرَف أن هذه الجائزة قد اتهمت من طرف أهل العلوم وأثارت جدلاً عند إسنادها الى فروع الطب والكيمياء والفيزياء.

أما فروع السلام والآداب فكانت دائماً محل جدل وكما السلام والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والطب والأدب، تبقى جائزة نوبل للاداب موضع الشك الأكبر، فهناك الكثير من العظام الذين ماتوا دون نيلها ، وأبرزهم تولستوي، ويكفي أن نذكر من العرب طه حسين، ومحمود المسعدي والطيب صالح ونزار قباني، ومحمود درويش، ومن الآخرين الروائي البرازيلي جورج أمادو والروائيان التركيان عزيز نسين وكمال يشار وحدث عن أدباء وشعراء الهند والصين ولا حرج .

ولنا أن نسال: من يتذكر القرّاء من أدباء نوبل في السنوات العشر الأخيرة باستثناء ماريو فارغاس يوسا؟

7-
الطريف هو أن جائزة نوبل للآداب لم تعد موضع ثقة القرّاء، ولم تحتفظ إلا بمطامع الكتاب والاُدباء في نيل ودّ هذه السيدة العجوز التي يصح فيها قول الشاعر أحمد فؤاد نجم في مصر العظيمة: الزمن شاب وأنت شابة .