تكدس الليبيين أمام أحد المصارف بحثاً عن السيولة (أرشيف)
تكدس الليبيين أمام أحد المصارف بحثاً عن السيولة (أرشيف)
الأربعاء 19 أكتوبر 2016 / 14:56

ليبيا: الاقتصاد على حافة الانهيار بسبب تراجع الإيرادات النفطية

وصل الاقتصاد الليبي إلى حافة الانهيار في ظل النزاعات العسكرية والسياسية التي يشهدها هذا البلد منذ سقوط نظام معمر القذافي، والتي تمنعه من استغلال احتياطاته النفطية الهائلة.

وكان الليبيون يحلمون بمستقبل مزدهر حين أطاحوا القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، ولكن تطلعاتهم اليوم باتت أكثر تواضعاً.

آمال
وقال محمود أحد سكان طرابلس، ملخصا آمال مواطنيه "أن نعيش بأمان، أن تكون لدينا كهرباء ووقود ومعاش شهري، وأن نرسل أولادنا إلى المدرسة لا نطلب أكثر من ذلك".

وفي كل صباح تتشكل طوابير انتظار طويلة أمام المصارف العاجزة عن توفير سيولة لعملائها.

ومن جهة اخرى، يعاني الليبيون من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وتحدث البنك الدولي عن : "تراجع هائل في القدرة الشرائية" مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 31% في النصف الأول من السنة.

وبعدما استأثر بالسلطة 42 عاماً، ترك القذافي البلاد تعاني من بنى تحتية متقادمة، واقتصاد يعتمد كلياً على النفط، ويد عاملة قليلة الكفاءة.

ومع خروج الشركات الأجنبية، تدفع ليبيا اليوم ثمن هذه المقومات الضعيفة، وساهمت النزاعات التي شهدتها في السنوات الأخيرة في تفاقم الوضع الاقتصادي.

تحذير من الانهيار
وحذر البنك الدولي أخيراً من أن "الاقتصاد الليبي ينهار"، راسماً صورةً قاتمةً للغاية عن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في هذا البلد.

ويعد انهيار الإنتاج النفطي الذي يؤمن لليبيا أكثر من 95% من عائداتها، أول أسباب الانهيار الاقتصادي، بعد أن توقف في ظل النزاعات المسلحة التي تهز البلاد منذ ثلاث سنوات.

ولم تعد الحقول النفطية تنتج اليوم سوى خمس قدراتها، أي معدل 335 الف برميل يومياً فقط، في النصف الأول من السنة.

وتسبب تدهور الانتاج، والهبوط الحاد في أسعار النفط منذ 2014، في جعل "الاقتصاد يتخبط في الركود منذ 2014"، حسب البنك الدولي الذي يتوقع ارتفاع العجز في الميزانية العامة الليبية، إلى "مستويات تاريخية".

وقدر مدير المؤسسة الوطنية للنفط الليبية مصطفى صنع الله، الخسائر المتراكمة على صعيد العائدات النفطية بأكثر من 100 مليار دولار،  منذ مطلع 2013.

وتراجعت عائدات القطاع النفطي إلى أدنى مستوياتها التاريخية، بحوالى 2.25 مليار دولار، في الأشهر السبعة الأولى من السنة، حسب أرقام البنك الدولي.

وبالمقارنة، كانت المبيعات النفطية الليبية قبل ثورة 2011 تدر 50 مليار دولار في السنة، بإنتاج 1.6 مليون برميل يومياً.

وبعد توقف الإنتاج النفط في 2011، عاد خلال بضعة أشهر إلى مستوى يقترب من مستواه قبل الحرب، لكنه سجل من جديد هبوطاً حاداً في 2013، بسبب أعمال العنف في مناطق المرافئ النفطية في شمال شرق البلاد.

وتحسن الوضع الأمني أخيراً مع سيطرة القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر، المتحالف مع الحكومة الموازية غير المعترف بها، على المرافئ النفطية.

وبعودة الهدوء بصورة سريعة، استؤنفت حركة تصدير النفط، في تطور وصفته المؤسسة الوطنية للنفط التي تسعى للبقاء محايدة، بأنه "إيجابي".

ولكن البنك الدولي لا يتوقع استعادة الانتاج قدرته القصوى قبل 2020 ، في انتظار إصلاح البنية التحتية التي تكبدت أضراراً فادحةً.

وأوضحت الخبيرة الليبية المستقلة  كريمة منير أن "امتصاص الأزمة يتطلب وقتاً لأن العائدات الناجمة عن هذه الصادرات ستستغرق وقتاً قبل أن تنجح تغطية النفقات العامة الهائلة".

خطر النفط
ورأت أن "الاعتماد على النفط أضر بشكل خطير بالاقتصاد، وشكل ضغطاً على الاحتياطات".

ولسد العجز، تستخدم السلطات احتياطي العملة الاجنبية الذي تقلص من107.6  مليار دولار في 2013 إلى 43 مليارفي 2016، وفق أرقام البنك الدولي.

ومع المضاربة والقيود المفروضة على صرف العملة، دخل الاقتصاد الليبي حلقةً مفرغةً، ونشطت السوق الموازية التي لجأ إليها الليبيون لعقد صفقاتهم التجارية، بعد أن فقدوا الثقة في المصارف.

وأدى الوضع إلى إفراغ رفوف المتاجر، وعمد التجار إلى الحد من البضائع المستوردة خشية تكبد خسائر في سوق عملات متقلب للغاية.

وحذر أحد رؤساء الشركات النادرين الذين ما زالوا يعملون في طرابلس من تفاقم "الوضع أكثر إذا لم تحل مشكلة السيولة سريعاً".