دونالد ترامب وباراك أوباما
دونالد ترامب وباراك أوباما
الخميس 24 نوفمبر 2016 / 08:53

من روسيا وأمريكا.. مع الحب

محمد عارف - الاتحاد

براغماتي ، لرئيس الأميركي ، أوباما ، دونالد ترامب

"إنه براغماتي"، هكذا طمأن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته "أوباما" زعماء الدول إلى شخصية الرئيس المُنتَخب ترامب، ومن يطمئنُّ لذلك في ظروف أميركا الحالية، حيث لا عقيدة أكثر راديكالية من "البراغماتية"، ولا "براغماتي" أكثر راديكالية من ترامب، الذي يطالب العراقيين بدفع تكاليف غزوهم، وتبلغ تريليوني دولار، و"إذا لم يدفعوا نأخذ نفطهم"!

هذه "البراغماتية" الهزلية هل تحقق العمل لـ"الملايين الضائعين في سوق العمل"، حسب بحث "ألن كرويغر" الاقتصادي في "جامعة برنستن"، والذي كشف عن بطالة أكثر من 10% من اليد العاملة الأميركية منذ الركود الاقتصادي عام 2007، وعددهم الآن سبعة ملايين، 44% منهم أدمنوا تعاطي المُسكنات أو الكحول، وتوقفوا عن البحث عن عمل.

وهل يغزو الرئيس "البراغماتي" الصين لاستعادة ملايين فرص العمل الهاربة من الأمريكيين؟ تجيب عن السؤال نكتة عن نشوب حرب بين واشنطن وبكين، في اليوم الأول منها أَسَرَ الجيشُ الأميركي مليون صيني، وفي اليوم الثاني خمسة ملايين صيني، وفي اليوم الثالث أعلنت أميركا هزيمتها!

و"ترامب" المقاول يعرف أن "كل ما يحتاجه هو أحسن ما يفعله: بناء شيء ما، وهذا يكلف ضعف مبلغ التريليون دولار التي وعد بإنفاقها على الهياكل الارتكازية"، حسب "دان ماكنكول" مؤلف كتاب «الطرق التي تبني أميركا"، فإنشاء "نفق سكة الحديد على نهر هدسن"، يكلف نحو 40 مليار دولار، و"سكة حديد كاليفورنيا الفائقة السرعة" 65 مليار، و"قطار نورث إيست العوّام" 100 مليار، و"جدار ميامي البحري" 20 مليار، وهكذا.

وتجمَعُ "البراغماتية" التي تعني "الواقعية" أو "العملية" بين ترامب وبوتين، فالفلسفة المتوجهة للتطبيق ليست حكراً على الأمريكيين، وأفكار ماركس حول دور التطبيق وعلاقته بالنظرية كان لها أثر هائل حسب "دليل أوكسفورد الفلسفي"، ورمزُ أثرها الهائل تمثال "ماركس" الشامخ، رغم زوال النظام الشيوعي، في الساحة المقابلة لمسرح "البولشوي" في موسكو، وعلى غرار بوتين، شرع ترامب في استعراض المرشحين لإدارته الجديدة أمام عدسات التلفزيون، وقد يتفوق عليه بإنتاج لقطات مسلية من اجتماعات إدارته القادمة.

و"من روسيا مع الحب"، أغنية فيلم "جيمس بوند" المشهورة اقتبستُها في عنوان مقالي، وفيها: "أطيرُ إليكِ وقد صرتُ أكثر حكمة منذ ودّعتك، وطفتُ العالم لأتعلم أن أعود من روسيا مع الحب"، ومنذ غزو العراق عام 2003 ودّعتُ أميركا دون عودة، وكنتُ أزورها شهرياً تقريباً، ومن مختبراتها بعثتُ تقارير عن اكتشافات واختراعات قبل أن تنزل إلى الأسواق، وتغيّر العالم، مثل "الموبايل"، و"اللابتوب"، و"الإنترنت"، و"استنساخ" الكائنات الحية، و"الجينات"، و"الروبوتات"، و"تقنية النانو"، و"العالَم الافتراضي"، و"تلسكوب هابل"، و"المكوكات الفضائية"، و"المحطة الفضائية الدولية"، و"التغير المناخي".

وعلّمَتني سنوات دراستي اقتصاديات العلوم والتكنولوجيا في روسيا أن عامة الروس كعامة الأمريكيين، الذين انتخبوا ترامب، ما في قلوبهم على لسانهم، وطالما دردشتُ معهم في "ساحة هارفرد"، التي تضم أكبر عدد من المطاعم في العالم في ساحة واحدة، في مقهى "غرين هاوس"، حيث كنتُ أتغدَّى يومياً، فاجأتني النادلة "إيما" بالقول: "أنا أعرف من أنت"، سألتها: "ومن أنا؟".. أجابت: "أنت صحفي"، قلت: "إيما، كيف عرفت ذلك؟"، قالت: "لأنك تُدردِش مع الجميع"، وأضافت: "أنا لست نادلة"، سألتها: "من أنتِ؟"، قالت: "أنا مُرَّفِهة "entertainer"، واستطرَدَت تقول، دون أن تترك الفرصة لأسرح بتفكيري: "أُغَني"، وأضافت: "هل تريد أن تسمعني الآن؟"، سألتُ: "الآن!".. قالت: "نعم، الآن"، وانطلقت تغني. آه إيما.. إيما.. إيما، أغنية جيمس بوند لكِ، "رأيتُ أماكن وابتسمتُ لوهلة، لكن آهِ، أنتِ تطاردينني، وينعقدُ لساني فتياً وفخوراً، كي لا يفتضح حبك، خشية أن تقولي لا".