باراك أوباما
باراك أوباما
الخميس 24 نوفمبر 2016 / 09:03

أوباما والقيم الأمريكية

يونس السيد - الخليج

قبل نحو ثماني سنوات، ألحق باراك أوباما هزيمة ساحقة بخصمه الجمهوري آنذاك جون ماكين، وفاز برئاسة الولايات المتحدة مدفوعاً بقوة العزيمة والرغبة في التغيير الذي جعل منه شعاراً لحملته الانتخابية، ثم تغلب على منافسه الجمهوري أيضاً ميت روني، في عام 2012، وأعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية على أمل إحداث التغيير المنشود. لكن التغيير لم يحدث، وها هو يرحل الآن بعد أن استبدل ذلك بتنصيب نفسه حارساً للقيم الأمريكية.

يبدو أن ثماني سنوات كاملة لم تكن كافية لأوباما كي يفي بوعوده للأمريكيين، فلا الانتعاش الاقتصادي حدث، ولا الضرائب خفضت عن الأغلبية الساحقة من هؤلاء، ولم يشعر المواطن العادي بأي تحسن في مستوى حياته الاجتماعية، بل إن البلاد شهدت أسوأ حالة من الركود في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي أطلت برأسها عام 2009، ولم تجرِ مراجعة جدية للقوانين والتشريعات المتعلقة بالقضاء على جرائم القتل والاعتداءات العنصرية التي أثارت الغضب والاحتجاجات في معظم المدن والولايات الأمريكية. وفيما عدا نظام التأمين الصحي، أو ما عرف بـ "أوباما كير" رغم كل ما يشوبه من ملاحظات، لم يسجل أوباما أي إنجاز على الصعيد الداخلي، وحتى هذا "الإنجاز"، إن صح التعبير، مهدد بالإلغاء من جانب الرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وفي المجال الخارجي، انشغل أوباما بإدارة الأزمات القائمة أكثر مما عمل على حلها. صحيح أنه نفذ وعده بسحب معظم القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وأنه حاز جائزة نوبل للسلام عام 2009 لقاء جهوده في تقوية الدبلوماسية الدولية، إلا أن أزمة واحدة من الأزمات الدولية لم تجد سبيلها إلى الحل في عهده، بل إنه سرعان ما وجد نفسه منخرطاً في محاربة الإرهاب ويقود تحالفاً دولياً لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وحتى هذا الأمر سيبقى حسمه معلقاً بانتظار الإدارة الجديدة.

يرحل أوباما تماماً مثلما جاء، لكن ليس قبل أن يترك إرثاً ضخماً من الأزمات المشفوعة ببعض التوصيات لخلفه الذي طالما حذر من وصوله إلى البيت الأبيض، فهو متشائم حيال الأزمة السورية، وقلق على القيم الأمريكية التي اعتبرها "خطاً أحمر" وجعل منها الحالة الوحيدة التي ستدفعه للتدخل كمواطن أمريكي في عمل ترامب إذا ما انتهكت، لكنه لم يحدد هذه القيم، هل هي "كراهية الأجانب وطرد المهاجرين أم العنصرية ومعاداة المسلمين والأقليات أم غيرها".

في كل الأحوال، يمكن لأوباما أن ينصب نفسه حارساً على القيم الأمريكية، رغم أنه أضعف الرؤساء الأمريكيين، بحسب المراقبين، ولكن لو كان أوباما قادراً على الوقوف في وجه ترامب لمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض، ولكنه كان عاجزاً عن ذلك، وبالتالي فهو يرحل كما جاء، تاركاً القيم الأمريكية والأزمات العالمية في عهدة ترامب والجمهوريين الأمريكيين.