أنظمة دفاع "أس 400" في عرض عسكري روسي (أرشيف)
أنظمة دفاع "أس 400" في عرض عسكري روسي (أرشيف)
الخميس 14 مارس 2019 / 10:50

صفقة صواريخ روسية تكتب نهاية التحالف الأمريكي- التركي

أثار قرار الحكومة التركية شراء منظومة الصواريخ الروسية أرض – جو S-400 رد فعل قوي في الولايات المتحدة. وإلى جانب الجمود العميق الحالي في العلاقات الأمريكية – الروسية، يشعر البعض في الولايات المتحدة بقلق حيال تشغيل تركيا للطائرة الأمريكية F-35 ضمن مجال رادار S-400 القوي، والذي يشاع بأنه قادر على جمع استخبارات إلكترونية – ستتيح لموسكو استخدام بيانات حول المقاتلة الأمريكية عندما يستخدمها حلف الناتو لاحقاً عند خطوط أمامية.

احتمال معاقبة تركيا بسبب صفقة صواريخ S-400، سيؤدي لتقليص حاد في التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وتركيا، ومنع تصدير طائرة مقاتلة ساعدت تركيا في تمويلها

ونتيجة له يبدو أن الولايات المتحدة تنظر في مسألة منع تصدير طائرة f-35 إلى تركيا التي يتوقع أن تستقبل قاعدتها الجوية في ملاطية أول مقاتلات من هذا الطراز، نهاية عام 2019.

اختراق أسرار
وبرأي آرون شتاين، مدير برنامج الشرق الأوسط لدى معهد أبحاث السياسة الخارجية، يساعد حرمان تركيا من الطائرة، في حماية أسرارها من اختراق روسي محتمل، كما سيعد إشارة لتركيا بأنها ليست أهلاً لحماية معدات الدفاع الغربي، بسبب صداقتها مع روسيا.
وقد رفضت تركيا المخاوف الأمريكية، وقالت للولايات المتحدة إنها لن تسمح لتقنيين روس بالعمل على منظومة S-400 في تركيا، وسوف تصمم نظام تشغيل صاروخياً من أجل منع بناء مركبات خلفية روسية، ولن يتم وصل النظام بشبكات عمل الناتو.
  
ولكن اتضح لكاتب المقال من خلال لقاءاته مع مسؤولين أمريكيين في المجالين التشريعي والتنفيذي، أن تطمينات أنقره لم تفلح في تهدئة مخاوف حيال وصول معلومات حساسة عن طائرة F-35 إلى أيدي الروس. وفي الواقع، يرجح أن تمنع واشنطن نقل الطائرات إلى تركيا، وتجميد تمويل عملية النقل. وفي حال فشل الطرفين في التوصل لاتفاق حول S-400، يحتمل أن يقوض الرد الأمريكي عنصراً رئيسياً في التحالف التركي – الأمريكي المعاصر: التعاون الصناعي الدفاعي.

ثلاثة مخاطر
وحسب كاتب المقال، هناك ثلاث مخاطر ذات صلة قد تعمق توترات ضمن التحالف الثنائي. وأول تلك المخاطر، احتمال أن يؤدي وقف نقل طائرات F-35 إلى تركيا، لتأخير تسليم ذات الطائرات إلى أوروبيين. وثانيها احتمال أن يؤدي تسلم تركيا منظومة S-400 لفرض عقوبات تطبيقاً لقانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال قانون العقوبات ( CAATSA).

إلى ذلك كرر مسؤولون أمريكيون تحذيراتهم لأنقره من أن فرض عقوبات سيكون له نتائج سلبية على التعاون الدفاعي الأمريكي – التركي. وثالثاً، في حال تمت معاقبة شركات الطيران التركية، قد يتأثر التعاون الحالي في مجال الدفاع بين أمريكا وتركيا في عدد لا يحصى من المشاريع.

مصالح متداخلة
وبرأي كاتب المقال، ترمز مفاوضات مثيرة للجدل حول التعاون الصناعي الدفاعي بين الولايات المتحدة وتركيا إلى قضية جيوستراتيجية أوسع. كما لم يعد لأنقره وواشنطن مصالح متداخلة، أو فهم مشترك بشأن كيفية حل مشاكل إقليمية. فالجانبان يعارضان أحدهما الآخر في سوريا، ومنذ التقارب التركي – الروسي، باتا ينظران إلى التهديد الروسي بشكل مختلف. وبناء عليه، تبنى الجانبان أهدافاً سياسية متضاربة. وتمثل قضية S-400 صورة مصغرة لهذا الواقع. وتعتقد الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من مشغلي طائرة F-35، أن الرادار الصاروخي الروسي يمثل تهديداً، فيما تختلف معهم تركيا. وليست أسرار F-35 مهمة لأنقره بقدر أهمية العلاقة التي أقامتها مع روسيا. كما تفوق كلفة إلغاء عقد مشكوك فيه فوائد حل الخلاف مع الولايات المتحدة. وبدوره، يعطي الخيار التركي إشارة واضحة إلى أن أنقره غير مستعدة لإعطاء الأولوية لعلاقتها بواشنطن، وهي حقيقة سيكون لها تداعيات تتجاوز مسألة مشتريات عسكرية.

ذهول
إلى ذلك أذهل القرار التركي لشراء نظام S-400 عدداً من المسؤولين في واشنطن. ورغم سعي الحكومة التركية، منذ وقت طويل، للحصول على دفاعات صاروخية وجوية بعيدة المدى، لطالما أعطت أولوية لترتيبات تكنولوجية وحصة في العمل من أجل ضمان مشاركة صناعية محلية قوية.

ولم تتوصل بعد روسيا إلى أي اتفاق جوهري مع الحكومة التركية بشأن أي من تلك المعايير. وقد أشارت أنقره لنيتها البدء في التخلص التدريجي بحلول عام 2023 من طائرة F-16، والتي تمثل حالياً عماد القوة الجوية التركية، ومن ثم الانتقال إلى S-35. لكن في حال انهارت الصفقة، ستجبر تركيا على الاعتماد على F-16 لمدة أطول مما كان مخططاً له في البداية.

ويرى الكاتب أن احتمال معاقبة تركيا بسبب صفقة صواريخ S-400 ، سيؤدي لتقليص حاد في التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وتركيا، ومنع تصدير طائرة مقاتلة ساعدت تركيا في تمويلها، وسيقوض محور التحالف التركي – الأمريكي لمرحلة ما بعد 1980.

ويشير الكاتب لاستخدام واشنطن "سياسة العصي والجزرات" في مسعى لتجنب وقوع أزمة كبرى بسبب نظام S-400 بين تركيا والولايات المتحدة، عرضت استبداله بنظام باتريوت للدفاع الجوي والصاروخي. ولكن، حتى حينه، رفضت تركيا العرض. ومع اقتراب موعد تسلم النظام الروسي، واحتمال تفعيل عقوبات CAATSA، يبدو أن المفاوضات انتهت دون اتفاق، ما يطرح شبح استبعاد تركيا من برنامج F-35.