الأربعاء 15 مايو 2019 / 23:18

مجلس محمد بن زايد يستضيف محاضرة "توظيف النصوص الدينية لدى الجماعات المتطرفة"

استضاف مجلس ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في البطين مساء اليوم الأربعاء، محاضرة بعنوان "توظيف النصوص الدينية لدى الجماعات المتطرفة"، ألقاها مدير إدارة الوعظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف عبدالرحمن سعيد الشامسي، وكبير الوعاظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ماريا الهطالي.

وفند المحاضران أساليب الجماعات المتطرفة بمختلف مسمياتها في توظيف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لخدمة أهدافهم السياسية، والتي اعتمدت على تأجيج خطاب الكراهية ونبذ الآخر، عبر تحريف النصوص والتركيز على ما وصفاه بـ"العاطفة الدينية" لاستقطاب وتجنيد الشباب المسلم والزج بهم كأدوات مسيرة ومغيبة العقل.

الجماعات المتطرفة
بداية أكدت ماريا الهطالي، أن "الطرح المخالف لمعاني نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية ليس وليد اللحظة"، مشيرة إلى أن "تاريخ الإسلام شهد العديد من النماذج المشابهة وإن اختلف تأثيرها وانتشارها".

وأوضحت الهطالي أن "الجماعات المتطرفة عملت بشكل مركز على الوصول المباشر للعديد من الفئات العمرية والمجتمعية التي يسهل استقطابها كحديثي الدخول في الإسلام والشباب غير الناضج، وبعض الفئات التي تعاني من مشكلات اجتماعية، مؤكدة أن تلك الجماعات لم تتوان حتى عن استقطاب عدد من أصحاب الهمم وهو ما يؤكد مبدأ تلك الجماعات الفارغ من الرحمة التي ميزت الدين الإسلامي".

وأشارت إلى أن "قنوات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً محورياً في تسهيل مهمة تلك الجماعات لإيصال أيدولوجياتها المريضة، مستشهدة بأرقام وإحصاءات أكدت استغلال تنظيم "داعش" الإرهابي في استقطاب 80% من أعضائه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي".

ولفتت إلى أن "استعراض أرقام الحسابات والصفحات التي تم حجبها لارتباطها بالتنظيمات الإرهابية يعكس حجم استغلال تلك التنظيمات لمواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى إغلاق مليون و200 حساب في موقع "تويتر" خلال الفترة من 2015 إلى 2017 فقط، فيما حجب موقع "فيسبوك" أكثر من 90 ألف صفحة، 40 ألف صفحة منها ناطقة بغير اللغة العربية.

"الهجرة" و"الجهاد"
وبالعودة إلى موضوع المحاضرة، أكدت الهطالي أن الفهم السقيم والبعد عن روح الدين السمحة وتحويل النصوص الدينية إلى أداة بيد المتطرفين لا هم لهم سوى تنفيذ مخططات سياسية بحتة يعد أبشع جريمة في حق الدين الحنيف الذي جاء رحمة للإنسانية.

وعرجت الهطالي إلى شرح الكيفية التي تم تحريف النصوص الدينية التي تناولت "الهجرة" و"الجهاد"، مؤكدة أن الغاية ليست في التحريف بل لما يتلو ذلك من انصياع تام وتبعات مكلفة لم تجر للمسلمين والبشر إلا الدمار والقتل والإرهاب.

وفندت ماريا ذلك، مؤكدة قيام تلك الجماعات المتطرفة بتحريف المفاهيم القرآنية والنبوية من خلال عزل النصوص الشرعية عن مدلولها الكلي وسياقها التاريخي والعلمي، فقاموا بإهمال أسباب نزول الآيات، وورود الأحاديث، والناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد وغيرها من المباحث الدلالية المهمة لفهم النصوص الدينية والتي أطبق عليها العلماء الراسخون جيلاً بعد جيل.

وأوضحت أن "الاستدلال بآيات الهجرة لإثبات وجوب هجرة المسلم من دار الكفر – وصفهم للمجتمعات المسلمة - إلى دار الإسلام – وصفهم للأراضي التي يسيطرون عليها – بحجة أن المسلم يعيش ويتعامل مع غير المسلمين في دياره ما هي إلا عمليات تجنيد خادعة لا تستند إلى العقل أو المنطق ولا تخلف إلا الدمار والقتل والكراهية والخراب".

وأشارت إلى أن "السياق التاريخي والمدلول الكلي للنصوص الدينية حرصت على الهجرة في ظروف زمانية ومكانية معينة، وهو ما تم تطبيقه فيما يرتبط بمفهوم "الجهاد" الذي حولته الجماعات المتطرفة إلى مرادف للقتل، في حين فرض الجهاد للدفاع عن النفس والعرض والأرض، وفق شروط محددة وواضحة".

نشر الكراهية
من جهته، أكد مدير إدارة الوعظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن "الجماعات المتطرفة سعت إلى عزل نصوص الجهاد عن المقصد الرئيس للإسلام وهو الرحمة"، مشيراً إلى أن كل مساع تلك الجماعات جاءت لخدمة أهداف سياسية بحتة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال نشر الكراهية وإعمال القتل والهدم، وهي أمور تخلف المنهج القويم للإسلام.

وقال الشامسي إن "الفرد بفطرته يميل للانتماء إلى مجموعات مستقرة مسالمة تنبذ الكراهية والقتل، وهو ما دفع الجماعات المتطرفة إلى محاربة كل دعوة لتعزيز مفهوم المواطنة، عبر السعي إلى تفكيك الأسر وزرع الكراهية في النشء واستهداف الحالات غير المستقرة أو غير الواعية لتجنيدها لخدمة أهدافهم السياسية".

وشدد على أن المحافظة على مفهوم المواطنة الصالحة التي تعد جزء أصيلاً من موروثنا الديني عبر ما يعرف بـ"وثيقة المدينة" يعد أمراً حاسماً للرد على تلك المتطرفين، فما جاء الإسلام إلا ليجمع الناس على اختلافهم بلا ترهيب أو إكراه أو إخضاع".

وعرض عبدالرحمن الشامسي، مقطعاً مصوراً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يحذر فيه من الأفكار المتطرفة ويدعو فيه إلى إعمال العقل والمنطق، ويحذر من اتباع تلك الجماعات التي تحاول امتطاء الدين لتحقيق غايات سياسية لا تخلف إلا الدمار والخراب، مؤكداً أن "الدور الذي لعبه القائد المؤسس وسارت القيادة على نهجه أثبت اليوم عمق نظرته وفطنته".