المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (أرشيف)
المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (أرشيف)
الأربعاء 10 يوليو 2019 / 16:08

بعد 30 عاماً من السلطة خامنئ.. عراب إيران

وسط نوبات غضب إيرانية من حملة "الضغط الأقصى" الأمريكية، يلفت جيسون برودسكي، مدير مركز متحدين ضد إيران النووية، إلى مرور 30 عاماً على تولي علي خامنئي منصب المرشد الأعلى في إيران دون ضجة، لافتاً إلى أن اسم خامنئي يرد في تقديرات حديثة بعد السلطان قابوس بن سعيد، ثاني أقدم قادة دول الشرق الأوسط، وفي المرتبة الخامسة في العمر بين زعماء العالم من غير الملوك.

أنتجت هذه الديناميكية دولة موازية – أو دولة داخل دولة – حيث يحمي المرشد الأعلى ويرعى حلفاء من خارج مراكز القوى المنتخبة

ووفق ما كتب برودسكي، في موقع "ناشونال إنتريست"، يكشف عهد خامنئي الذي بدأ قبل ثلاثة عقود  ازدواجية مكيافيلية، على طريقة محرك الدمى للمنتخبين في إيران، وراع لغير المنتخبين، ما يفسر دينامية السلطة الحالية في طهران.

حكم
ولأنه المرشد الأعلى، غالباً ما لعب خامنئي دور الحكم بين فصائل سياسية إيرانية متناحرة، لخشيته على سلطته المطلقة ومن خلال تلك العملية عزز سلطته. ونتيجة لذلك، أصبحت الرئاسة الإيرانية، تحت إدارته، بمثابة المحكوم بالإعدام السياسي.

ويشير كاتب المقال لتدرب خامنئي على يد الخميني على ممارسة السلطة. وحسب تقييم للاستخبارات الأمريكية في ديسمبر(كانون الأول) 1983، غالباً ما عمل الخميني حكماً بين خامنئي وأكبر هاشمي رفسنجاني، عندما كان رئيساً للبرلمان الإيراني، بسبب تنافسهما الشخصي الحاد.

وخلص التقييم إلى أن الخميني "لم يسمح لأي منهما بأن تكون له ميزة حاسمة على الآخر".

عقدة نقص
وحسب الكاتب، فيما تمتع الخميني بسلطة فردية، ومكانة رمزية بوصفه مؤسس الثورة الإسلامية، عانى خامنئي، عند وصوله إلى منصب المرشد الأعلى، من عقدة نقص بسبب افتقاره للمكانة الدينية. ونتيجة لذلك، بالإضافة لتبني دور الحكم مثل الخميني، تبنى خامنئي دور محرك الدمى، بين مختلف مراكز السلطة من أجل تعزيز مكانته.

ويرى الكاتب أنه ربما لهذا السبب دعم خامنئي تعديلات دستورية في 1989 لإلغاء منصب رئيس الوزراء، والذي شغله حتى ذلك الوقت خصمه مير حسين موسوي، لتعزيز تهديدات سياسية من قبل مراكز قوى متنافسة.

وبقي منصب الرئاسة، ولكن وجد أربعة رؤساء خدموا تحت قيادته، رفسنجاني، وخاتمي، وأحمدي نجاد، وروحاني، أن وظائفهم تضاءلت بعد أن حلقت قريباً من الشمس، في الحملة الانتخابية.

خذلان واتهامات
ويلفت كاتب المقال لخذلان عانى منه رفسنجاني بعدما ترشح للبرلمان في 2000، وهزمه سياسي متحمس صاعد، هو محمود أحمدي نجاد على الرئاسة في 2005، إثر اتهامات لابن المرشد الأعلى بدعم أحمدي نجاد، وحتى أن مجلس صيانة الدستور منع رفسنجاني من الترشح ثانية في 2013.

كما واجه الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، بعد خدمته 8 أعوام، حظر السفر، والتعتيم الإعلامي. و حُكم على نائبين سابقين لمحمود أحمدي نجاد بالسجن، بعد تركه لمنصبه. وكما كان حال رفسنجاني، عارض تلامذة خامنئي سعي أحمدي نجاد لرئاسة الوزارة في 2017.

دينامية واقعية
أما روحاني، فيشهد تلك الدينامية على أرض الواقع. ومنذ 2015، أتاح تحوط المرشد الأعلى في دعمه للصفقة النووية، إجراء مفاوضات مع قوى دولية( 5+1) سراً، فيما ادعى علناً أنه لا يثق في الولايات المتحدة.

وحسب الكاتب، وفرت تلك الصيغة لخامنئي ضماناً سياسياً استثمره بعد انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية في 2018، فقال: "لم أر قط جدوى من الصفقة، وحذرت الرئيس ووزير الخارجية عدة مرات".

وسمحت سياسة الإنكار لخامنئي بعزل مكتبه عن المفاوضات، وقص أجنحة روحاني. فالرؤساء يأتون ويذهبون، أما المرشد فيبقى.

دولة داخل دولة
وبوصفه مرشداً أعلى، كان خامنئي راعياً لوكلاء داخل إيران. فاستخدم سلطة التعيين الدستورية على أجهزة غير منتخبة مثل القوات المسلحة، والقضاء لكسب الولاء والاستمرارية وتسيد الجمهورية. وهذا يعني عملياً قيام خامنئي بتطوير كادر من المهنيين المخلصين، بعضهم مثيرين للجدل ومتطرفين، أو من ذوي المؤهلات الدنيا، ما ولد شكلاً من التبعية.

وحسب الكاتب، أنتجت هذه الديناميكية دولة موازية، أو دولة داخل دولة، يحمي بها المرشد الأعلى ويرعى حلفاء من خارج مراكز القوى المنتخبة. وقد أبحر خامنئي في المياه الغادرة للسياسة الإيرانية متلاعباً بالمنتخبين وسيداً على غير المنتخبين.