صورة مركبة لمنشأة نووية وعلم إيراني (أرشيف)
صورة مركبة لمنشأة نووية وعلم إيراني (أرشيف)
الجمعة 12 يوليو 2019 / 13:19

إيران النووية ستكون كارثة مهلكة للمنطقة

حذر محرر الشؤون الخارجية والدفاعية في صحيفة "ذا دايلي تلغراف" البريطانية كون كوغلين من انصراف إيران إلى استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، فيصبح تحقيق طموحها الطويل إلى تطوير ترسانتها النووية احتمالاً واضحاً. وسيترك ذلك تداعيات كثيرة على أمن الشرق الأوسط، والعالم.

مفتاح طموحات إيران النووية موجود في تقدير وكالة المخابرات المركزية الذي يفيد أنّها كانت تعمل حتماً على بناء أسلحة نووية حتى سنة 2003

وكتب كوغلين في صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية أن هنالك القليل من الشك في دوائر المخابرات الغربية في احتفاظ إيران برغبتها في حيازة الأسلحة النووية. في نهاية المطاف، كان الهدف الأساسي للاتفاق النووي الحد من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الذي يمكنها من بناء رؤوس نووية.

تأجيل المشكلة
وكان أحد الانتقادات العديدة للاتفاق، أنه لم يُنهِ قدرة إيران على إنتاج هذه المواد، بل أجلها عشر سنوات. بالتالي، أن تهدد إيران بتخصيب اليورانيوم أبعد من الحدود التي فرضها الاتفاق النووي، يقلص ببساطة المسار الذي كان من المفترض أن يبدأ في 2025، وفقاً لبنوده.

حتى ذلك الحين، لو نجت خطة العمل الشاملة المشتركة بصيغتها الأصلية، لأمكن لإيران التمتع بجميع منافع إفلاتها من العقوبات الاقتصادية. وكان ذلك سيسمح للنظام بتشديد احتياطاته المالية والاقتصادية حتى تصل إلى الوقت الذي تستأنف فيه العمل على حيازة الأسلحة النووية.

لا مصداقية لمزاعم إيران
يوافق كوغلين رأي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يرى أنه "أسوأ اتفاق على الإطلاق" قبل أن ينسحب منه، ما أدى إلى تدهور سريع في العلاقات بين إيران والعالم الخارجي. في أحدث عمل استفزازي لإيران، اضطرت سفينة حربية بريطانية ملكية، للتدخل بعدما حاولت ثلاثة زوارق إيرانية اعتراض ناقلة نفط بريطانية في الخليج العربي.

من جهة ثانية، لا يجب إضفاء مصداقية على إصرار إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية الهادفة للحصول على موارد جديدة للطاقة، وتجهيزات طبية متطورة. ولو كان ذلك حقيقياً، لما حاول النظام طوال سنوات إخفاء وجود منشآت نووية أساسية مثل منشأة ناطنز للتخصيب والتي لم تُعرف إلا بعد أن كشفتها جماعة إيرانية منشقة.

على العالم التفكير جدياً
إن مفتاح طموحات إيران النووية موجود في تقدير وكالة المخابرات المركزية الذي يفيد بأنها كانت تعمل حتماً على بناء أسلحة نووية إلى 2003، تاريخ اجتياح العراق، وأنها لا تزال تقود اختبارات سرية على تصاميم مختلفة لرأس نووي. وهذا ليس نشاطاً طبيعياً لدولة تقول إنها لا تريد تطوير أسلحة نووية.

ومع رفض إظهار أي مؤشر على عودة إيران إلى طاولة المفاوضات لمناقشة نسخة مطورة من الاتفاق النووي تتضمن جميع جوانب نشاطات النظام بدل المسألة المرتبطة بتخصيب اليورانيوم، من المنصف افتراض أنها تسعى للعمل على استئناف برنامجها بشكل جدي.

وإذا كان هذا صحيحاً فعندها يجب على سائر العالم التفكير جدياً في كيفية الرد على إيران النووية.

هل من عمل على عرقلتها؟
يبقى هنالك احتمال أن البرنامج النووي الإيراني وعلى عكس البرنامج الكوري الشمالي لن يُسمح له بالوصول إلى ذلك المستوى، إذ أعلن صقور الإدارة مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون أنهم سيفضلون تحركاً عسكرياً ضد طهران لتفادي حصول النظام على أسلحة نووية.

وأطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديدات مباشرة رغم غموض مستقبله السياسي.

لكن اللجوء إلى الخيار العسكري لا يخلو من الخلل. وتمحور الاعتراض الأساسي على خطط سابقة لتدمير المنشآت النووية حول استحالة تدميرها بالكامل نظرياً، فقط باستخدام الضربات الجوية، وما من دولة مستعدة لنشر قوات برية لتحقيق ذلك.

ردود إقليمية
العامل الآخر الذي على المخططين العسكريين أخذه في الاعتبار، هو أن أي هجوم على إيران سيثير رداً من طهران قد يغرق كل منطقة الخليج في النزاع.

والبديل الأكثر احتمالاً، أن تسعى سائر دول الشرق الأوسط لمواجهة إيران النووية بترسانات نووية أيضاً، ما سيؤدي إلى سباق تسلح نووي يغرق المنطقة في مواجهة نووية على طراز الحرب الباردة.

وأعلنت القوى الكبرى في المنطقة مثل السعودية، ومصر أنها ستسلك الطريق النووية، إذا أصبحت إيران قوة نووية. وقد يغري ذلك العراق، الذي قاتل إيران لمدة ثمانية أعوام في الثمانينات، فيُحيي طموحاته النووية التي انتهت قبل أن تنضج بعد قصف إسرائيلي لمفاعل تموز النووي.

التركيز الحالي لإدارة ترامب

علاوة على ما سبق، يمكن أن تخلف الإجراءات الضرورية لردع طهران النووية تبنيها موقفاً أكثر تشدداً في تعاملاتها مع العالم العربي خاصةً بالنظر إلى الخلافات الطويلة حول بعض المناطق. قد تجد البحرين نفسها عرضة مجدداً لاعتداء إيراني إذا حاولت طهران فرض نفوذها على مواطنين شيعة فيها. 

ولهذه الأسباب تحديداً، تركز إدارة ترامب على حل الأزمة الحالية عبر التفاوض عوض تصعيد مواجهتها ضد إيران بسبب طموحاتها النووية.