الخميس 28 أغسطس 2014 / 14:26

تقرير: مواجهة داعش تشكل تحدياً لرؤية أوباما حول الحروب

يشكل التوجه الأمريكي لمحاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، اختباراً واضحاً لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي طالما اعتمدت على خوض حروب محدودة مع تفادي نشر الجنود على الأرض.

منذ غزو العراق إلى تحول ليبيا لدولة فاشلة تحاول واشنطن التزام السكوت في أي فوضى إقليمية قد تكون خلقتها

وسياسة أوباما قادته إلى خوض حروب تستهدف خلالها الطائرات الأمريكية من دون طيار المقاتلين في باكستان واليمن، وتتدخل القوات الخاصة فيها لملاحقة المشتبه بهم بالإرهاب في دول تشهد عنفاً مثل ليبيا والصومال.

وفيما يراقب استهداف الطائرات الأمريكية لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، يبدو أوباما حاسماً في احترام سياسته بإبقاء قواته البرية بعيدة عن أرض المعركة.

خطة السياسة الأمريكية
وحين رسم أوباما خططته لسياسة أمريكا الخارجية في خطابه أمام الكلية الحربية في مايو (أيار) الماضي، وضع نفسه بين الواقعيين الحذرين من السقوط في المستنقعات ومؤيدي التدخل المتعلقين بفكرة القوة الأمريكية.

وقال أوباما وقتها إن "الاستراتيجية التي تقتضي اجتياح كل دولة تأوي شبكات إرهابية هي ساذجة وغير قابلة للاستمرار"، ولكن الرئيس لم يعلم وقتها أنه سيختبر نظريته هذه فعلياً على الأرض بفضل تنظيم الدولة الإسلامية.

وتسمح قواعد أوباما باستخدام القوة أحادية الجانب في حال تعرض مواطنين أمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة للخطر، وهي تعتمد أساساً على غارات الطائرات من دون طيار والقوات الجوية، ويسعى أوباما إلى دعم شركائه المحليين للإطاحة بالمقاتلين المتطرفين في الشرق الأوسط، وإلى إنشاء التحالفات الدولية أيضاً لمشاركته العبء العسكري.

التدخل ليس حلاً
وحافظ أوباما على إيمانه بعقيدته العسكرية عبر الغارات الجوية المتواصلة ضد أهداف داعش في العراق خلال حرب كان أعلن سابقاً أنها انتهت.

وساهمت القوات الأمريكية في تقدم محدود للقوات العراقية والكردية ضد مقاتلي التنظيم المتطرف شمال العراق، وتفادي مجزرة بحق الأقلية الإيزيدية.

ولكن بعض التساؤلات تدور اليوم عما إذا كانت مقاربة أوباما ستبقى حاسمة إذا قرر كما هو متوقع، استهداف معاقل داعش في سوريا أيضاً.
وبالرغم من سيناريوهات الحرب التي تدور في واشنطن، يحاول البيت الأبيض التخفيف من حدة التوقعات بأن التدخل العسكري في العراق وسوريا سيكون حاسماً.

من العراق إلى ليبيا
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست، إن "الكثير من الأشخاص يعتقدون أن الطريقة الأكثر أهمية وقوة وفعالية لدى أوباما هي التحرك العسكري"، مضيفاً: "لكننا تعلمنا خلال العقد الأخير، وبأكثر الظروف وضوحاً، أن العمليات العسكرية بقيادة أمريكية ليست حلاً ثابتاً".

ولكن تقدم داعش في العراق أظهر أنه لا يمكن الاعتماد على حلفاء الولايات المتحدة المحليين، خاصة أن قوات البشمركة العراقية غير منظمة والقوات العراقية المسلحة أمريكياً مفككة.

وبالرغم من انتهاء حكم رئيس الوزراء نوري المالكي، إلا أن قدرة الحكومة الجديدة، وإن كانت جامعة، على مواجهة التنظيم المتطرف بعيدة جداً عن التحقق.

أما في سوريا فتبدو عملية البحث عن شركاء غير سارة، فأوباما لم يشأ تسليح المقاتلين المعتدلين ما تركهم في حالة من الضعف، وبالنتيجة فإن الرئيس السوري بشار الأسد يبدو الحليف المحتمل الأكثر قوة، ولكن سيكون من الصعب جداً على أوباما الاتفاق معه على قضية موحدة فهو ينظر إلى الرجل على أنه مجرم حرب.

ومنذ غزو العراق في 2003، إلى تحول ليبيا لدولة فاشلة، تحاول واشنطن التزام السكوت في أي فوضى إقليمية قد تكون خلقتها.

وفي هذا الصدد يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن آندرو باسيفيتش: "ما يزال هناك في واشنطن وفي إدارة أوباما من يتوهم بطريقة أو بأخرى أن القوة العسكرية الأمريكية قادرة على إعادة الاستقرار الذي نحن أصلاً من أطاح به"، وتابع "أنا أشكك في ذلك".

جو من الغموض
وهناك خشية من أن تخوض القوات الأمريكية التي من المتوقع إرسالها إلى سوريا، عملياتها في جو من الغموض، وقال مسؤول أمريكي سابق أن بعكس أفغانستان والعراق، حيث عمل الأمريكيون لسنوات على تعزيز قدراتهم الاستخبارية، فإن المعرفة العسكرية في سوريا تبقى محدودة ما يعني الصعوبة في إيجاد الأهداف.

ولذلك ليس مفاجئاً ما قاله أوباما الثلاثاء عن أن قطع جذور "سرطان" التنظيم المتطرف لن يكون "سهلاً".

وبالرغم من ذلك فإن الكثير من اللاعبين السياسيين مقتنعون بضرورة فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط، كما يؤمنون بنجاحها.

وبحسب رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي لا يمكن هزيمة داعش إلا عبر استهداف معاقله في سوريا أيضاً.

التعامل مع الشيطان
ويدعم الكثيرون في واشنطن تقديم الدعم الواسع لمقاتلي "الجيش السوري الحر".

وفي هذا الصدد قال السيناتور الاميركي جون ماكين، الذي يدعم توجيه ضربات عسكرية في سوريا، "لا يمكنك احتواء تنظيم داعش في العراق والشام، وعليك أن تهزمه، وتابع "هذا الرئيس لا يريد أن يقود".

ويحذر آخرون أوباما من انه قد يضطر للتعامل مع "الشيطان" وسط مخاوف من عودة المقاتلين الأجانب لدى داعش للقيام بعمليات إرهابية في الولايات المتحدة.

وكتب ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، في مجلة "فاينانشال تايمز" الأربعاء، إن "حكومة الأسد قد تكون شريرة، ولكنها أفضل من الدولة الإسلامية".