الخميس 28 أغسطس 2014 / 20:42

اتفاقية روما وإعدامات غزة!



بإكمال الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس، تواقيعها بتفويض الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الانضمام إلى اتفاقية روما، تمهيداً للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، يكون الفلسطينيون قد خطوا خطوة نوعية في المواجهة المتعددة الوسائل مع إسرائيل، وهي خطوة أحدثت رعباً لدى الجانب الإسرائيلي، سواء على المستوى السياسي أو المستوى العسكري، فهم يعلمون مدى تورطهم في ارتكاب جرائم حرب، سواء في هذه الحرب أو في 2012 أو 2008 – 2009 التي وثقت رسمياً في تقرير غولدستون، الذي أطاح به بكل أسف محمود عباس نفسه عندما اعتقد أن التقرير يدين حماس أيضاً، أو هكذا برر موقفه .

عملياً نحن على موعد تاريخي من فصلين، الأول وهو تقديم عضوية فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، أما الموعد الثاني فهو تقديم المسؤولين الإسرائيليين الذين تتهمهم السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين كمجرمي حرب .

وليس من المعلوم بعد ما مدى تأثير اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على هذه الخطوة الفلسطينية، فهل ستمضي دولة فلسطين في إجراءات الانضمام، ومن ثم تقديم الشكوى رسمياً ضد الشخصيات الإسرائيلية السياسية والعسكرية التي تتهمها بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة أو في الضفة، أم أنها ستلغي الخطوة لضمان التزام اسرائيل بما تعهدت به باتفاق القاهرة الأخير، وهي فتح المعابر وزيادة مساحة الصيد وتقليص مساحات المنطقة العازلة للشريط الحدودي؟

بتقديري أن ورقة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية من أهم الأوراق القانونية التي تملكها دولة فلسطين الآن، ويمكن من خلالها إجبار إسرائيل تعديل أو تغيير الكثير من الممارسات غير القانونية التي تقوم فيها في الضفة الغربية، ومن أبرزها توسيع النشاط الاستيطاني والاعتقالات وهدم المنازل، وغيرها من الممارسات التي تكرس إسرائيل كسلطة احتلال، ولذلك يجب النظر لموضوع المحكمة الجنائية الدولية من زاوية سياسية – قانونية للضغط على إسرائيل لتحقيق أهداف سياسية، تساهم في زوال الاحتلال، أكثر منها خطوة لمعاقبة إسرائيل فقط، وهذا بالطبع يعتمد بشكل أساسي علي كيفية استثمار الجانب الفلسطيني لورقة المحكمة .

ومن المهم أيضاً أن تتجنب الفصائل الفلسطينية خلال المرحلة القادمة أية أعمال يمكن تصنيفها بأنها أعمال "إجرامية"، وبخاصة تلك التي تمس حياة المدنيين الإسرائيليين، لكي لا تنقلب الأمور ضد الفصائل الفلسطينية، مثل عمليات الخطف أو القتل أو العمليات الانتحارية التي ستسارع إسرائيل في جعلها مبرراً لملاحقة أي شخصيات فلسطينية تقف وراء هكذا أعمال .

لقد سارع نتانياهو بعد قيام حماس بتفويض الرئيس الفلسطيني بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، إلى تذكير أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، بأن حماس ترتكب جرائم حرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وكذلك الإسرائيليين، حيث أشار إلى تلك الإعدامات التي نفذتها الحركة لقرابة 24 غزياً اتهمتهم بالعمالة لإسرائيل، بدون محاكمات، وقتلتهم على مرأى من الناس في الشارع، كما ادعى أن الحركة اتخذت من سكان غزة دروعاً بشرية، وكانت تطلق الصواريخ من المدارس ومن بين البيوت، ويشكل هذا المنطق مؤشراً واضحاً على أن إسرائيل هي الأخرى ستقوم بالادعاء على حماس وغيرها من الفصائل في حال بدأت معركة المحكمة، وهي معركة تتطلب جهداً قانونياً وسياسياً وتوثيقياً كبيراً للانتصار فيها .

[email protected]