الإثنين 1 سبتمبر 2014 / 23:13

باحث تركي: الإمبراطورية التركية الوهمية التي يحلم بها أوغلو

24 - طارق عليان

أفردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالاً لخبير العلوم السياسية بهلول أوزكان، يقدم فيه ملخصاً للطريقة التي يفكر بها أحمد داود أوغلو، الرجل الذي تم اختياره مؤخراً لرئاسة الحزب الحاكم والحكومة في تركيا.

وأشار الكاتب إلى النقاشات الواسعة التي كانت تدور في التسعينيات حول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وما إذا كان ذلك سيحل مشكلات البلاد السياسية والاقتصادية.

وقتها كان يحذر داود أوغلو من الاندماج مع الغرب مردداً أن تركيا ستقود العالم الإسلامي بالاستفادة من إرثها التاريخي وإمكانياتها الجغرافية.
وذكر أوزكان، الذي كان يدرس العلاقات الدولية على يدي أوغلو في جامعة مرمرة، أن الكثيرين كانوا ينظرون إلى هذا الرأي على أنه أشبه بالحكايات الخرافية أكثر منه تحليل سياسي.

والآن بعد 14 عاماً، صار أوغلو رئيس الوزراء التركي الجديد.

العمق الاستراتيجي
بلور أوغلو رؤيته المتمحورة حول قيادة تركيا للشرق الأوسط في كتابه "العمق الاستراتيجي" الذي صدر عام 2001، أي قبل عام من تولي حزب العدالة والتنمية السلطة، إذ وصف تركيا بأنها "شعب لا يدرس التاريخ وإنما يكتبه، شعب لا يعيش في محيط الغرب، وإنما في مركز الحضارة الإسلامية".

وبدا الكتاب وكأنه نبوءة لمستقبل تركيا، ورأى السيد داود أوغلو نفسه بأنه المنظّر الكبير لقيادة بلاده لتكون لاعباً عالمياً وليس مجرد بيدق تحركه القوى العظمى، وظهر شريط فيديو جديد على الإنترنت يصوره كزعيم قوي يسير على خطى السلاطين العثمانيين ويصفه بأنه "الوريث الروحي للسلطان عبد الحميد الثاني".

ويقول أوزكان إن "من الخطأ وصف السيد داود اوغلو بالعثماني الجديد كما يُشار إليه كثيراً، لأن النخبة الحاكمة التي قادت الحركة المعروفة باسم العثمانية في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر أرادت استبدال المؤسسات الإسلامية الموجودة بأخرى على النمط الأوروبي الحديث، ولكن على النقيض من ذلك، يعتقد أوغلو أن تركيا يجب أن تنظر إلى الماضي وتتبنى القيم والمؤسسات الإسلامية".

ويُبرِز الكاتب، مؤلف كتاب "من دار الإسلام إلى الوطن التركي"، المفارقة في أن الرؤية الإسلامية الشاملة لأوغلو ترتكز على النظريات السياسية التي كانت تستخدم لإضفاء الشرعية على التوسع الإمبريالي الغربي قبل 1945، فأوغلو يؤمن أن الدول القومية التي تأسست بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية "فصلتها حدود مصطنعة ويجب على تركيا أن تحدد المجال الحيوي الخاص بها"، وهي عبارة أكد الكاتب أن أوغلو يستخدمها دون أي اعتذار، ويجب أن تقوم تركيا بتأسيس هيمنتها الاقتصادية على منطقة القوقاز والبلقان والشرق الأوسط، أو تظل أمة مهددة بالانهيار.

حزام الإخوان المسلمين
وعندما شغل منصب وزير الخارجية، كان يعتقد أوغلو بشدة أن الربيع العربي قدم لتركيا فرصة تاريخية لوضع هذه الأفكار موضع التنفيذ، وتوقع استبدال الديكتاتوريات بأنظمة إسلامية، وبالتالي خلق حزام إقليمي من "الإخوان المسلمين" تحت قيادة تركيا.

وسخر الكاتب من السيد داود اوغلو، الذي جادل أن على تركيا تأسيس وحدة إسلامية من خلال إلغاء الحدود، من أن البلاد مهددة الآن من قِبل مقاتلي داعش الذين يتقاسمون معها الحدود ويحتجزون 49 رهينة من الدبلوماسيين، ولا يبدو لدى تركيا أي فكرة عن كيفية التعامل معهم.

وأكد الكاتب أنه، كطالب سابق لأوغلو، لم يندهش من أن سياسته الخارجية أدت بتركيا إلى هذا المنحى، مشيراً إلى خطأ رئيس الوزراء الجديد في اعتقاده أن ساعة الشرق الأوسط توقفت عند عام 1918، وهو العام الذي دُمرت فيه الإمبراطورية العثمانية، أو أن تركيا يمكن أن تمحو الحدود في المنطقة وتتزعم الوحدة الإسلامية، استناداً إلى نظريات قديمة من التوسع، عفا عليه الزمن.

وشدد الكاتب على أنه بدلاً من استعادة القيم والمؤسسات الإسلامية التي يتبناها أوغلو، يجب عليه تعزيز قيم عالمية مثل الديمقراطية، وسيادة القانون، والحرية الفردية، عندها فقط يمكن لتركيا أن تتغلب على الاستقطاب الذي تعاني منه حالياً، وتصبح مثالاً جديراً لجيرانها.