مطالب بتمويل الجيش الإسرائيلي تثير المسائلة (أرشيف)
مطالب بتمويل الجيش الإسرائيلي تثير المسائلة (أرشيف)
الإثنين 15 سبتمبر 2014 / 19:29

الجدل على الموازنة الإسرائيلية يثير أسئلة بشأن الإنفاق الدفاعي

أدت مطالب بتمويل إضافي بمليارات الدولارات للجيش الإسرائيلي إلى تهيئة المشهد لمعركة سياسية طاحنة بشأن الموازنة في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل للموازنة بين احتياجات الاقتصاد الآخذ في التراجع والتهديدات الأمنية التي تمتد من غزة إلى إيران.

وتسعى وزارة الدفاع للحصول على نحو 70 مليار شيكل (20 مليار دولار) في موازنة عام 2015 بزيادة ثلاثة مليارات دولار عن عام 2014. يأتي ذلك بينما تسعى الوزارة لتسديد فاتورة حرب غزة وتضع خططا لمواجهة أعداء على جبهات أخرى.

وطلبت دوائر حكومية أخرى 2.5 مليار دولار بالفعل من موازنة عام 2014 ولكنها تقول: "هذا يكفي" كونها على علم بأن حدود موازناتها ستشهد خفضاً على الأرجح من أجل تلبية الاحتياجات العسكرية.

وأكثر الحانقين على هذا الأمر وزير المالية "يائير لابيد" الذي خاض حزبه الانتخابات ببرنامج خاص بالإنفاق الاجتماعي، وهو يعاني الآن في استطلاعات الرأي. وتعج وسائل الإعلام الإسرائيلية بالشائعات بأن لابيد قد يستقيل إذا حصل الجيش على المال الذي يريده أو إذا زادت الضرائب للحصول على المبالغ المطلوبة.

وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن يتبنى نهجاً وسطياً فوصف الإنفاق الدفاعي بأن له أولوية حيوية بينما أكد على أنه لن يتم اتخاذ أي خطوات تهدد بتفاقم العجز في الموازنة أو تهدد التصنيف الائتماني لإسرائيل.

وقال أمس: "دولة إسرائيل تحتاج إلى ميزانية معقولة تغطي التهديدات الأمنية الموجهة لنا وبما لا يؤثر بصورة سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، أعتقد أن بمقدورنا التعامل مع كل التحديات ما دمنا نقوم بذلك بشكل مسؤول ولا نقود إسرائيل إلى عجز خارج عن السيطرة وسحب على المكشوف على المستوى الدولي".

ومع تباطؤ النمو نتيجة للحرب ولتدهور السياحة صار الكل على علم بأن الكعكة لا تكبر بسرعة كما كان الحال من قبل. وهو ما جعل تقسيمها أصعب.

وهناك وجهان للمشكلة بالنسبة للابيد، فالأمر لا يقتصر على كون التوجه في صالح قادة الجيش ومطالبتهم بمليارات إضافية ولكنه يخضع لضغوط من نتنياهو والبنك المركزي للإبقاء على العجز منخفضاً.

وستزيد حدة المواجهة على مدى الأيام والأسابيع المقبلة حيث يستعد لابيد وهو صحافي تلفزيوني سابق لعرض الموازنة على البرلمان الذي يتعين أن يوافق عليها بحلول مارس (آذار) من العام المقبل.

كم من المال سيحتاج الجيش؟
والسؤال الملح هو ما إذا كان الجيش يحتاج فعلاً الأموال التي يقول إنه يحتاج إليها. وهو سؤال صعب لأنه لا يوجد أدنى قدر من الوضوح بشأن بنود صرف الإنفاق الدفاعي.

وقال عضو اللجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي ستاف شافير وهو مدافع عن الإنفاق الاجتماعي "لا توجد وسيلة لإجراء مناقشة عامة بشأن أولوياتنا لأن الميزانية الدفاعية غير شفافة على الإطلاق".

وأضاف "في غياب الشفافية من المتعذر معرفة كم من المال يلزم في واقع الأمر، وكم من المال يتم إنفاقه بفاعلية وكم يمكن تحويله إلى بنود صرف أفضل".

يقول الحليف الوثيق لنتنياهو "موشي يعلون" إن "من بين بنود الصرف الأكثر تكلفة جهاز المخابرات حيث تضاعفت الموازنة خلال 16 عاماً مضت".

وقال يعلون بنبرة تحد بل إن "الميزانية زادت إلى ثلاثة أمثالها، ولن أبدد شيقلاً واحداً". مضيفاً أن "تكلفة الأسلحة ونظم الاتصالات زادت زيادة كبيرة هي الأخرى".

وتنفق إسرائيل على الدفاع نسبة من إجمالي الناتج المحلي (تصل إلى نحو 6 %) أكثر من كل دول العالم عدا السعودية وعمان وأفغانستان.

والزيادة التي اقترحها يعلون لعام 2015 والتي تتجاوز الزيادة السنوية المسموح بها في الموازنة، من شأنها أن تزيد نسبة موازنة الجيش إلى نحو 6.6 من إجمالي الناتج المحلي. وبذلك ستبتلع نحو ربع إنفاق عام 2015 قبل تسديد فوائد الديون على البلاد.

وقال الباحث بمعهد دراسات الأمن الوطني شموئيل إيفين في تل أبيب "وزارة المالية لا تفهم أي شيء عن التهديدات العسكرية". ويقول إنه لا يوجد أي جزء إضافي يقتطع من الموازنة الدفاعية.

ولكن أقل من نصف الإنفاق الدفاعي يذهب إلى المعدات العسكرية والعمليات والمخابرات. ويذهب جزء كبير لتمويل معاشات التقاعد الكبيرة التي تدفع للضباط الذين يتقاعدون وهم في العقد الأربعيني قبل أن يدخلوا في مجال مهني آخر.

وتسعى وزارة المالية لخفض هذه المزايا و"تنظيم" ما تعتبره إنفاقاً غير فاعل.

وقال مسؤول كبير بوزارة المالية "اقتصاد إسرائيل لا يستطيع تحمل كل مبلغ 11 ملياراً في الميزانية" في إشارة إلى الزيادة المطلوبة من جانب وزارة الدفاع.

وأضاف "نحن نحاول أن نفعل المزيد باستخدام إمكانات أقل، وظيفتنا كوزارة المالية هي ضمان أن نوفر بعض المال لأغراض أخرى تخص الحكومة".

ولكن يبدو أن المعركة تسير في اتجاه آخر حيث أقنع يعلون نتنياهو بأن البلاد التي خاضت أربعة حروب خلال السنوات الثمانية الماضية وتواجه تهديدات متنوعة لا يمكنها أن تتخلى عن الإنفاق الدفاعي.

ونتيجة لذلك لا بد من زيادة الضرائب أو تقليل الإنفاق على التعليم والرفاه والصحة لإبقاء العجز عند 3 % من إجمالي الناتج المحلي.

وقال العضو في اللجنة المالية شافير وقد انتابه الإحباط: "الرعاية الصحية والتعليم والنقل العام وقوات الشرطة، يحتاجها الإسرائيليون من أجل أمن إسرائيل أيضا".