العلامة السيد هاني فحص (أرشيف)
العلامة السيد هاني فحص (أرشيف)
الخميس 18 سبتمبر 2014 / 13:59

لبنان: رحيل العلامة هاني فحص الداعي إلى المواطنة والمعادي لـ"حزب الله"

غّيب الموت، صباح اليوم الخميس، العلامة اللبناني السيد هاني فحص بعد صراع مع المرض، عن 68 عاماً، خاتماً حياة نشطة لم تتوقف حتى في الأيام الأخيرة من حياته، التي كانت زاخرة بالعطاء والنضال، خصوصاً تجاه النهج الذي يتبعه حزب الله على أكثر من صعيد.

وفحص من مواليد بلدة جبشيت (النبطية، جنوب لبنان) عام 1946، هاجر إلى النجف في العراق عام 1963، حيث درس في حوزتها الدينية، ونال إجازة بكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية. أديب وكاتب ومؤلف وناشط في المجتمع المدني، وداعية حوار بين الأديان، ومن أبرز المنظرين في مجال مقاربة الإسلام لمواضيع الحداثة المطروحة، وهو في الوقت نفسه علماني يدعو غالباً إلى فصل الدين عن الدولة، وينقل عنه ترداده أن "الخلاص فردي، كما هي المواطنة والدولة العادلة".

يصف نفسه قائلاً في أحد اللقاءات: "أنا هاني فحص من قرية جبشيت، لبناني مسلم عربي شيعي إنساني. الآخر ليس عابراً في وعيي وتكويني. الآخر المختلف ساكن ومقيم في عقلي وقلبي. هو سؤال يلزمني يومياً أن أتعرف إلى ذاتي، وأن أفكك الصورة النمطية لذاتي عن ذاته".


تاريخ نضالي واسع
انتسب إلى حركة فتح الفلسطينية أثناء وجودها في لبنان، من دون أن يتخلى عن انتقاداته لدورها في الحرب الأهلية اللبنانية. رافق ياسر عرفات في سنين نضال منظمة التحرير الفلسطينية، وعرف بدعمه وحماسته للثورة الإيرانية، وبدعمه معارضة حكم الشاه آنذاك، كما والتقى الإمام الخميني أكثر من مرة قبل نجاح الثورة، ورافق عرفات على متن أول طائرة تحط في مطار طهران بعد الثورة الايرانية. هو عضو في المؤتمر الدائم للحوار اللبناني، وفي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. ترشّح للانتخابات النيابية مرتين، إلا أن الحظ لم يحالفه.

نظرته إلى الشيعية السياسية

شجع الراحل أبناء الطائفة الشيعية في العديد من المرات على الإنخراط في المجتمعات العربية التي يعيشون فيها، بدلاً من أن يعتبروا أنفسهم إيرانيين خارج بلادهم.

وجاء في رسالة وجهها إلى حزب الله في 4 أغسطس (آب) الماضي ما يلي:

"أيها الأخوة، الذين كانوا أحبة، وما زالوا قادرين أن يكونوا أحبة، سواء أحبوا أم كرهوا مَن يحبونهم، أو أحبوا مَن يكرههم ويشهد الله على ما في قلبه من محبة، وهو ألد الخصوم. إن ما بيننا، أنا وأمثالي، الذين يعادلون ما لا يزيد ولا يقل عن عشرين بالمئة من الشيعة في لبنان، ويشبهون ما لا يقلّ عن خمسين بالمئة من شيعة إيران، أما الثمانون في المئة من شيعة لبنان، فإن تسعين بالمئة منهم، في عصبيتهم لكم وضدّ مّن يختلف معكم أو عنكم، ولو سكت أو جاهر أو تخلى لكم عن جامع الضيعة وحسينيتها والصلاة على جنائزها وأعراسها وإمامتها والنزهة في حقولها والسهر على ضوء قمرها وغناء جناديها، وكفاراتها وزكاة فطرها وقمحها وغنمها وماعزها، والخمس الذي يؤخذ بالاستفضال من أموال فقرائها وأيتامها وأراملها بالاستخداء والاستجداء من آكلي السحت والحرام ممن يكرمون ويتكارمون عليكم وعلى فقرائكم في عاشوراء بالهريسة، وفي شهر رمضان بالأرز من كيسهم".


عن مشاركة حزب الله في سوريا
عُرف عن السيد هاني فحص معارضته الشديدة لمشاركة حزب الله بالقتال إلى جانب قوات النظام السوري، معتبراً أن هذه المشاركة ستؤثر سلباً على الطائفة الشيعة في المنطقة.

وكان لافتاً البيان الذي أصدره عام 2012، الذي دعا فيه أبناء طائفته في لبنان إلى دعم الثورة السورية "التي بإذن الله سوف تنتصر"، مضيفاً بحسب البيان أنه "من بين العوامل التي تضمن لنا مستقبلاً جيداً في لبنان هو أن تكون سوريا مستقرة وحرة، تحكمها دولة ديمقراطية عصرية تقبل التعددية".

وفي المقابل، لم يستخف حزب الله به بتاتاً، فلطالما كان يشن عليه حرباً إعلامية في محاولات لتدمير مصداقيته والاحترام الذي كان يناله من العديد من اللبنانيين، لا سيما من الوسط الشيعي.

له نحو 13 كتاباً مطبوعاً، منها "ماض لا يمضي"، و"ذكريات ومكونات عراقية"، و"تفاصيل القلب"، و"في الوحدة والتجزئة"، و"الشيعة والدولة في لبنان".