كتائب فجر ليبيا تسيطر على مطار طرابلس(أ ف ب)
كتائب فجر ليبيا تسيطر على مطار طرابلس(أ ف ب)
السبت 20 سبتمبر 2014 / 21:36

24 يكشف تفاصيل العلاقة بين عملية فجر ليبيا والإخوان المسلمين

24 - طرابلس - خاص

لا يمكن الحديث عن مايسمى بعملية "فجر ليبيا"، التي دشنتها ميلشيات مسلحة من مدينة مصراتة وحلفاؤها المتشددين ضد قوات الجيش الوطني الليبي (الزنتان وجيش القبائل)، وعلاقتها بالإخوان المسلمين، دون الرجوع إلى ما قبل تحرير العاصمة الليبية طرابلس من قبضة نظام العقيد الراحل معمر القذافى عام 2011 بمساعدة من حلف شمل الأطلنطي( الناتو).

أعطيت مسؤولية المجلس المحلي للحاج عبد الرزاق بوحجر، المتعاطف مع الإخوان وتكتل 17 فبراير، وبات واضحاً أن الصراع سيختزل عبر السنين التالية في فريقين، الأول مصراتة والإخوان المسلمون، والثاني الزنتان و التحالف الوطني

وطبقاً لما أبلغه مسؤول أمنى رفيع المستوى في طرابلس لـ 24، فإن ملامح الصراع بدأت منذ أن تفجرت بعض المشاكل في جبل نفوسة، وتحديداً بين الزنتان (أكبر وأقوى جبهة في الجبل)، وبين باقي مدن الجبل، حيث كان الدعم القطري والسوداني، وتحديداً السلاح، هو أول الخلافات من حيث كم وكيف وأين يتم توزيعه.

دور السودان وقطر
وتقول مصادر ليبية مطلعة إن كلا من علي الصلابي وعبد الحكيم بلحاج، هما منسقا العمل مع قطر والسودان، في أواخر شهر يونيو(حزيران) عام 2011.

وبعد التحرير وبينما كان مقاتلو الزنتان يتهيأون لمعركة طرابلس ويحشدون العدة ويرسمون الخطط ويحددون التمركزات للدخول من جنوب طرابلس, سقطت الزاوية وانفتحت الطريق إلى طرابلس ممهدة فاستغل عبد الحكيم بلحاج والمهدي الحاراتي هذا الطريق البعيد عن بوابة وتمركز الزنتان، ودخلوا طرابلس يوم 21 أغسطس (آب) بعدما انتفضت طرابلس وانتفضت جنزور معلنة سقوط طرابلس.

ثم سارع مقاتلو طرابلس لتكوين المجلس العسكري، واستطاع الإخوان المسلمون والمتعاطفون معهم من الجماعة المقاتلة استصدار تكليف برئاسة المجلس العسكري من وزير الدفاع جلال الدغيلي، ومن المستشار مصطفى عبد الجليل، وذلك لأمير الجماعة الليبية المقاتلة سابقاً، السيد عبد الحكيم بلحاج، وقام كل من علي الصلابي ومجلس محلي طرابلس وتجار طرابلس المتنفذين بحملة علاقات وضغط، لإقناع ثوار طرابلس بتولية عبد الحكيم بلحاج حاكماً عسكرياً لطرابلس، وساهمت "الجزيرة" في دعم هذا الاتجاه، بالتركيز على عبد الحكيم بلحاج على أنه فاتح ومنقذ طرابلس.

وكان مما أثار حفيظة ثوار الزنتان وبعض الثوار الآخرين هو دخول رئيس الأركان القطري صحبة عبد الحكيم بلحاج وفوزي بوكتف في اجتماع حكومي، بمبنى جمعية الدعوة الإسلامية، حيث مقر المجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي، وكأن رئيس الأركان القطري يرسل برسالة أن أكبر قوتين في الشرق والغرب هما بدعم واحتواء قطري، وعليه فلن تكون الكلمة إلا لها.

مصراتة والإخوان
وسبب هذا الأمر موجة من التصريحات والانتقادات السرية والعلنية، وأصبح المشهد واضحاً منذ ذاك الحين، فدولة قطر تدعم الإسلاميين بكافة توجهاتهم.

وأعطيت مسؤولية المجلس المحلي للحاج عبد الرزاق بوحجر، المتعاطف مع الإخوان وتكتل 17 فبراير، وبات واضحاً أن الصراع سيختزل عبر السنين التالية في فريقين، الأول مصراتة والإخوان المسلمون، ومن تحت جناحهم من مسلحي طرابلس ومدن الجبل وغرب ليبيا، والثاني الزنتان و التحالف الوطني، ومن تحت جناحهم من بعض مسلحي طرابلس و قبائل وسط وغرب ليبيا.

وسار كلا الفريقين في الامتداد، حيث امتد الأول عسكرياً، عبر التسليح والهيمنة على المعسكرات وتأمين السلاح وضم الولاءات، بينما امتد الآخر سياسياً، عبر معركة الأحزاب وتكوين التحالفات القبلية.

وفي حين غفلة الطرف الأول تسلل الطرف الثاني وكسب تعيين علي زيدان رئيسا للحكومة وكان مرشحهم وصنيعتهم، لكن في ذات الوقت استطاع الطرف الثاني تمرير قانون العزل السياسي أمام عيني الطرف الأول، بل واستبسل في الدفاع عنه وإقراره.

اختطاف رئيس الحكومة
ولكن ما قلب التوازنات وخلخل الاستقرار, هو انقلاب رئيس الحكومة الأسبق علي زيدان، على مجموعات التحالف، ثم انقضاضه على مجموعات الإخوان، مما تركه فريسة سهلة لكليهما, وما استفاق زيدان إلا على غرفة عمليات ثوار ليبيا وهي توقظه من منامه ليلاً وهو في فندقه، لتودعه زنزانة في قبو بأحد مراكز مكافحة الجريمة، حتى زاره رئيس المؤتمر الوطني و وكيل وزارة الدفاع ليطمئنوه ويغادروه وهو سجين، ليتمكن ثوار منطقة الفرناج وتاجوراء من الدخول إليه وتحريره قبيل منتصف النهار.

وبعد هذه العملية، انحاز زيدان مرة أخرى للتحالف, ولكن هذه المرة عن طريق نائبه لشؤون التنمية، الصديق عبد الكريم عضو التحالف الوطني، والذي قدم الدعم السخي لكتيبة الصواعق، وأحال جزءاُ كبيراُ منها إلى وزارة الداخلية، برتب ودعم لا محدود، وسميت قوة العمليات الخاصة بوزارة الداخلية.

مسار الاشتباكات

بعد ذلك، برز الضابط السابق في الجيش الليبي والمستقيل عنه منذ عام 1993، وعضو المؤتمر الوطني العام المستقيل عنه أيضاً، عقب أحداث غرغوة 2013، صلاح بادي، المقرب من الإسلاميين، والمرتبط بعلاقة قوية مع علي الصلابي وعبد الحكيم بلحاج, فقام بتأليب ثوار طرابلس على قوات وثوار الزنتان المتمركزة بالمطار والنقلية، والمحتلة لمبنى رئاسة الأركان الذي منع منه رئيس الأركان.

 وهذا ما وافق عند بادي هوىً كان يضمره كثير من ثوار ومسلحي طرابلس، ابتداءً من صلاح البركي، السجين الاسلامي والمتعاطف مع المقاتلة، وعبد الغني الككلي، رئيس اللجنة الأمنية بوسليم والذي يناصب العداء للزنتان من بعد التحرير بحكم الجوار والاحتكاك المباشر بين حي الأكواخ وطريق المطار، ومنطقة بوسليم كذلك صلاح المرغني آمر كتيبة الفرسان، والفرقة الرابعة بقصر بن غشير، والتي حصلت لها عدة اشتباكات مع الزنتان عبر السنوات الثلاثة الماضية، وكذلك الفرقة الثانية عشر برئاسة وليد حسن وكتيبة الإحسان بقيادة طارق درمان، والحادية عشر برئاسة عادل جبعور.

وكان أكبر وأخطر هذه الاشتباكات ما وقع في يونيو (حزيران) عام 2013، حيث اندلعت الاشتباكات بين كل من سبق ولواء المدني والصواعق بعد مهاجمة كتيبة للزنتان تعمل في حرس الحدود لمقر ركن حرس الحدود بصلاح الدين.

ميلاد العملية
وكانت هذه إشارة بداية الحرب التي اشتدت حتى أفضت إلى ميلاد ما يعرف بعملية "فجر ليبيا"، والتي ضمت كل الأطراف السابقة المناوئة للزنتان، والتي استطاع صلاح بادي تحريكها وإدخالها الصراع والاشتباك المباشر، عبر الهجوم على مطار طرابلس الدولي صباح يوم 13 يوليو(تموز) 2014.

ورحب بادي بعملية الهجوم على المطار، وإيقاد شرارة الحرب العنصر البارز في جماعة الإخوان المسلمين، عبد الرزاق العرادي، الذي رأى من خلال صفحته على فيس بوك أنها "رد اعتبار لهيبة الدولة، وردع لمن اقتحم مقراتها، ورد على من أراد القبض على مفتي البلاد".

تحالفات الإسلاميين
وبهذه العملية، ظهرت قوات الإسلاميين في البلاد بوجه مُهِّد له خلال الثلاثة الأشهر السابقة للعملية، بإتقان، من خلال استغفال عامة ثوار طرابلس والمنطقة الغربية واستعمالهم لتحقيق مآرب خفية.