الأربعاء 1 أكتوبر 2014 / 22:27

التنظيم الخاص لـ "الإخوان" وجذور العنف والإرهاب


الإرهاب هو فعل عنيف منظم وسري ومخطط وذو هدف محدد ذو طابع سياسي وجنائي معا، ترتكبه مجموعة أو حركة أو تنظيم، ويتم فيه استعمال القوة أو التهديد بها وإثارة الخوف والرهبة، وهو وسيلة للقتال العشوائي لا تحدها قيود إنسانية ولا يمكن التنبؤ بها، قد تكون تكتيكاً أو استراتيجية، تتضمن الإكراه والابتزاز والحض على الإذعان، في ظل دعاية مدبرة. وضحايا الإرهاب قد يكونوا أبرياء من المدنيين غير المقاتلين أو المحايدين غير المنخرطين في عمليات القتال أو المواجهة المسلحة.

عند حدود هذا التعريف العلمي لا نبالغ إذا قلنا إن هناك أمرين يتعانقان:
1 ـ إن الإرهاب قديم، كفعل وممارسة وطريقة للعنف المنظم المفرط، لكنه كاصطلاح متبلور على النحو المستقر في متون المعاجم والقواميس والموسوعات السياسية الحديثة، هو مسألة جديدة، ذاع صيتها في العقود الأخيرة.

2 ـ ليس الإرهاب فعلاً لصيقاً بدين أو مذهب أو ثقافة أو طبقة أو فكر معين، فكثير من الأديان والأيديولوجيات على مدار التاريخ قد أنتجت إرهاباً وإرهابيين، ولغوا في الدم، وأفرطوا في التخريب والتدمير، وعاثوا في الأرض فساداً، متوهمين أنهم مصلحون، أو أبطال يقاومون الظلم والقهر أو ينصرون الدين والفكرة التي يعتقدون في طهريتها ووجاهتها.

لكن من أسف فإن الحلقة الأعلى صوتاً من الإرهاب في تاريخ العالم المعاصر ملتصقة بحركات تتخذ من الإسلام أيديولوجية لها، تتوزع على أماكن ودول عديدة، وانتقلت في العقد الأخير من المحلية إلى العالمية، عابرة الحدود، ومتنقلة في القارات الست تحت راية "جهاد الطلب" ووفق شعارات منها مواجهة "القوى المعادية للإسلام" أو " إقامة الخلافة الإسلامية" أو قتال "العدو البعيد" و"العدو القريب".

وهذه الجماعات والتنظيمات والتجمعات ما كان لها أن تقوم على هذا النحو الماثل أمامنا لولا المسار الذي بدأته "جماعة الإخوان المسلمين" حين انتقلت من "الدعوة" إلى "السياسة" ثم من ممارسة السياسة علناً وبطريقة سلمية إلى تغليب السرية وانتهاج العنف، لاسيما مع تصاعد نفوذ "التنظيم الخاص" داخل الجماعة، والذي هيمن على كل شيء وارتكب من الجرائم والعمليات الإرهابية الكثير، ما حدا بمؤسس الجماعة حسن البنا نفسه إلى أن يقول عن عناصر هذا التنظيم: "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين".

والتنظيم الخاص للإخوان لم ينزلق إلى العنف كفعل فقط، بل بدأت أفعاله المشينة تبحث عن سند لها من فكر وفقه وتأويل فاسد للنصين القرآني والنبوي، وبدأ هذا على استحياء، ثم شب عن الطوق واستغلظ على يد سيد قطب في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، لاسيما في كتبه "معالم في الطريق" و"هذا الدين" و"المستقبل لهذا الدين" ثم قراءته المغايرة للقرآن التي أطلق عليها "في ظلال القرآن" والتي انتصر فيها لأفكار "الحاكمية" و"الجهادية" و"الجاهلية"، وهي الأفكار التي أعيد إنتاجها في كثير مما كتبه أعضاء التنظيم الخاص للجماعة ومنهم مصطفى مشهور، الذي كانت كتيباته تقرأ على نطاق واسع في صفوف الجماعة بعد أن استعادها الرئيس أنور السادات وفتح أمامها الباب على مصراعيه في إطار خطته لمواجهة القوى اليسارية.

وبمرور الوقت تراجعت الأفكار التي تدعو إلى التدرج والسلمية في وصول الإخوان إلى السلطة، وسيطرت الأخرى النابتة من "التسلف التكفيري" والتي تؤمن بالعمل السري والمواجهة العنيفة بدءاً بالعنف الرمزي واللفظي وصولاً إلى العنف المادي إذا لزم الأمر، أو جاءت اللحظة التي يشعر الإخوان فيها بالتمكن،ـ ويصبحوا قادرين على منازلة القوى الأخرى التي تنافسهم على الحكم، أو تلك الموجودة في الحكم أصلاً.

وفي ركاب جماعة الإخوان ومعهم وبهم، نظراً لأن كل التجمعات والتنظيمات والجماعات والفرق السياسية التي اتخذت من الإسلام أيديولوجية لها قد خرجت من عباءتها، شهدت مصر خمس موجات إرهابية في الأربعينيات والخمسينيات والسبعينيات والتسعينيات وحالياً.