الكاتب الفرنسي الحائز على جائزة نوبل جوستاف لوكليزيو (أرشيف)
الكاتب الفرنسي الحائز على جائزة نوبل جوستاف لوكليزيو (أرشيف)
الأربعاء 1 أكتوبر 2014 / 23:46

لوكليزيو: أسافر لأهرب من الكتابة

24- إعداد: أحمد ضيف

يشارك الكاتب الفرنسي الحائز على جائزة نوبل غوستاف لوكليزيو في "مهرجان الشعر الكوني" المعقود حالياً في مدينة قرطبة في الجنوب الإسباني، وهو ما استغلته جريدة الكولتورال الثقافية لإجراء حوار معه.

الأدب هو التواصل مع العالم بأسره والتبادل الثقافي هو الطريقة الوحيدة للتعايش

ويزور لوكليزيو الذي ألف كتباً مثل "موسيقى الجوع" و"السمكة الذهبية"، إسبانيا هذه الأيام، وهو الآن في "مهرجان الشعر الكوني" بقرطبة، وسيكون ضيفاً في "مهرجان هاي"، في نهاية الأسبوع بمدينة سيجوبيا، الذي تحضره أيضاً هيرتا موللر، فائزة أخرى بنوبل، ثم سيسافر إلى باريس ومنها إلى الصين.

وقال لوكليزيو: "أنا بدوي، وعائلتي كانت كذلك، مهاجرون فرنسيون في جزر ماوريثيو، ومثل كل أبناء الجزر كان يجب أن أخرج من جزيرتي، وفي طفولتي كنت أشعر بأنني سجين في جزيرة ضيقة".

ولهذا كان الكاتب الفرنسي يسافر دائماً، أو بمعنى أدق يعزّل، ينتقل من بيت لبيت، وعن تنقله الدائم يوضح لوكليزيو "أقضي هنا ثلاث سنوات، وهنا أربع سنوات، وهكذا". ويفهم الأدب كرحلة إذ أضاف: "حياتي هي التعمق والكتابة في نفس الوقت، والكتابة تسمح لي أن أواصل الترحال: لا أسافر من أجل الكتابة، بل من أجل الهرب من الكتابة، لهذا لا أعتاد الكتابة عن الأماكن التي أقيم فيها".

وقالت عنه لجنة تحكيم نوبل إنه "كاتب القطيعة، المغامرة الشعرية والحسية الممتعة"، ويقول هو "التعريف مختزل جداً، لكنني أتفق معه".

وأثناء الحوار أشار لوكليزيو عدة مرات إلى المساحة القليلة المتاحة لشرح العالم. بالفعل كتب 40 أو 50 كتاباً، لا يتذكر جيداً، وينتظر إضافة كتب أخرى، في شبابه كتب هواجسه التجريبية، وانفصل عنها، يوضح: "الأعمال الأولى تراكمت مثل سحابات، وجاءت لحظة شعرت فيها بالعجز، لم أكن أتحرك إلى أي مكان، وفجأة لم أستطع الكتابة مرة أخرى، حينها سافرت إلى أمريكا اللاتينية، وعشت هناك ما يزيد عن ثلاث سنوات في غابة بنما. أقمت مع بعض السكان الأصليين الذين لم أستطع في البداية التواصل معهم، وقليلاً قليلاً تعلمت اللغة المحلية، وهناك، حدثت لي أشياء تستحق أن تكون قصة طويلة، لكن لعل أهم حادثة كانت في اليوم الذي تعرفت فيه على سيدة في الأربعين، عزباء، تتجول من قرية لأخرى بأغانيها، بصوت شديد العذوبة، وبأساطير تحكيها عن المشية بطريقة شخصية جداً، شعرت حينها بأنني أرى ميلاد الأدب، كانت مثل مسرح بدائي، تلك الخبرة جددت ثقتي فيما كنت أقوم به".

غموض الأدب 
 وتحدث لوكليزيو بعد ذلك إلى ما يسمى بـ "غموض الأدب"، هذا الذي يرفع الشعراء إلى الصفاء الصوفي-وليس غريباً أن يكون التصوف له جذور مختلفة داخل عمله- ويجعلهم يتصلون بالآخرين. يقول: "في زمن صعب جداً، الأدب يفتح طريقاً بين الناس، وهذا يحدث في كل مكان، وبنفس الدرجة، أياً كان المكان أو الظرف الاجتماعي، وهذا ما تعلمته في ترحالي".

 وعن سؤال حول شعوره بالانتماء لمكان ما قال: "لو ربطنا اللغة بالثقافة فأنا فرنسي بلا شك، لكن لا يهم من أين يأتي الكاتب، المهم أن يستطيع طفل في أي مكان في العالم أن يقرأ الكيخوتيه بلغته الخاصة".
  
وهكذا بالنسبة لصاحب "ثورات"، الفائز في سن الثالثة العشرين بجائزة رينودو المرموقة، الأدب هو اللقاء، هو إذن التواصل مع العالم بأسره، يقول: "أعتقد أن التبادل الثقافي هو الطريقة الوحيدة للتعايش، والتعليم خطوة هامة في هذا الإطار، مثل الأدب تماماً، فهو الطريقة المثلى لمقابلة الآخرين، وهو المضاد لفكرة القومية".