الأحد 5 أكتوبر 2014 / 15:17

عفواً سيد بايدن.. هل تعرف الإمارات؟




تحمل تصريحات نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، الكثير مما لا يثير العجب فحسب، بل الاستهجان والاشمئزاز، ذلك أن السيد بايدن وإدارته، كما العالم أجمع، يعرفون أن آخر من يمكن اتهامه بدعم الإرهاب في المنطقة أو تمويله هو دولة الإمارات، التي اتخذت منذ بداية أحداث ما يسمى بالربيع العربي موقفاً متوازناً، لا تحكمه الانفعالات ولا التحريض التلفزيوني ولا الشعارات، بقدر ما ينطلق أولاً وقبل كلّ شيء من مصلحة الشعب الإماراتي، ثم الخليج العربي والأمتين العربية والإسلامية عامة.

ومع أننا نعلم تمام العلم أن ما أطلق عليه الإعلام الأمريكي وصف "زلات لسان" بايدن، ليس جديداً، خاصة حين تصل زلات اللسان هذه إلى أخطاء في أسماء شعوب ودول، وإلى إساءات حتى للرئيس الأمريكي نفسه، وللمنصب الذي يحتله بايدن "نادماً على ما يبدو، وهو الذي أخفق مرتين في الوصول إلى سدة الرئاسة.. مع علمنا التام بذلك، فإن الرجل يبقى نائب الرئيس الأمريكي، والغضب مما أدلى به من اتهامات قبل يومين، ينطلق من حساسية منصبه، أكثر مما من شخصه، وإن كان شخصه مليئاً بمثل هذه "الزلات" كما أشرنا. ولعلّ مسارعة بايدن نفسه إلى التراجع عن كلامه، في معرض اعتذاره من الرئيس التركي أردوغان، حين قال إن "تركيا والدول الحليفة لأمريكا" ليست ضالعة في الإرهاب، وذلك بعد أن انهالت عليه الانتقادات داخل أمريكا، قبل خارجها، يعبّر عن حجم المأزق الذي أوقع بايدن إدارة أوباما فيه، لاسيما وأنها تبحث عن المزيد من الحلفاء في الحرب على داعش، لا إلى إنقاص أولئك الحلفاء، فإن الاعتذار المباشر من الإمارات والسعودية، مطلوب وبشدة، على نحو ما أشار محقاً بيان الخارجية الإماراتية الذي طالب الإدارة الأمريكية (وليس بايدن نفسه) بتوضيحات حول تلك التصريحات المسيئة.

وواقع الأمر، أن مثل هذه التصريحات غير المسؤولة، كان يمكن أن تنال شيئاً من "التسامح" أو الصبر عليها من الجانب الإماراتي، لو أنها صدرت في شأن مختلف عن الشأن السوري، الذي يعرف القاصي والداني أن الإمارات، وبحكمة بالغة، قررت عدم الخوض فيه، إلا من الجانب الإنساني، ودعماً للاجئين السوريين في أكثر من مكان، أما "تمويل" و"دعم" جماعات إرهابية ومتشددة في سوريا، مما أفضى إلى نشوء "داعش"، على ما ألمح بايدن، فهي نكتة ما بعدها نكتة، وزلة لسان تصل حدّ الخطيئة وسوء القراءة والتقدير السياسيين، بل وتدلّ على أن السيد بايدن يجهل كلياً المواقف الإماراتية، كما يجهل مواقف غيرها من الدول القريبة والبعيدة، خاصة وأنه من المعروف جيداً من الذي موّل ولا يزال جماعات متشددة مثل "النصرة" في سوريا، ولأية أهداف، وذلك في الوقت الذي كانت الإمارات تخوض فيه معركة أخرى لمساعدة مصر على الوقوف على قدميها، وتجاوز حقبة الإخوان المسلمين السوداء.

هو موقف يخص بايدن بالفعل، وبايدن رجل لا يجيد المزاح ولا يحسن التقدير السياسي بالفعل، لكن بالنسبة إلى دولة الإمارات، فإن الكلام الذي صدر عنه، يمثّل الإدارة الأمريكية، والشعب الإماراتي، قبل القيادة، هو الذي يطالب بتوضيحات، بل باعتذار، حاسم وواضح، وذلك احتراماً لعقله وحسه ومنطلقاته الأخلاقية والإنسانية في التعامل مع كافة قضايا المنطقة، قبل المعطيات والحسابات السياسية الباردة.