الشاعر الفنزويلي رفائيل كاديناس(أرشيف)
الشاعر الفنزويلي رفائيل كاديناس(أرشيف)
الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 / 01:26

الشاعر رفائيل كاديناس: الشعر يملأ ما تفرغه السياسة من معنى

24 - إعداد: أحمد ضيف

إذا كان ثمة شاعر حي مطارد بسبب قصائده، فهذا هو رفائيل كاديناس، والمطاردة تأتي بسبب قصيدة عنوانها "هزيمة"، كتبها الشاعر الفنزويلي وهو في الثانية والثلاثين، بحسب ما أفادت صحيفة "البايس" الإسبانية.

يؤكد شاعر فنزويلا الكبير أنه لم يخف أبداً من قول ما يريد قوله ويضيف: أحياناً يسبونني لكن لم يعتدوا عليّ أبداً

كاديناس بلغ الآن الرابعة والثمانين، ويبتسم بخجل عندما تسأله إن كان مرهقاً من المديح الذي يلاحقه، والذي بدأ مع: "لم أكن أبداً صاحب مهنة \ كنت محارباً ضد كل شيء وشعرت بأني ضعيف \ خسرت كل ألقابي في الحياة \ وبلغت بالكاد مكاناً أريد أن أرحل عنه (معتقداً أن الرحيل هو الحل)..."، ولا يزال يرسم صورةً بالضمير الأول لشخص كان يعتقد أن أبيه أبدي، وكان "مدرسو الأدب يهينونني"، و"الجميع يهجرني لأني لا أتكلم إلا قليلاً "، و"أشعر بالخزي لأفعال لم أرتكبها".

شاعر الأمس واليوم
الشاعر الخجول والصامت، يمد يده ليمسك كتاباً على المنضدة، ويقرأ قصائد كأنها لشاعر آخر، ثم يقول:"لست مرهقاً، لكن هذه القصيدة لا تمثلني الآن، كتبتها وسط أزمة شخصية، وسط اكتئاب عارم، وإن كانت نالت الإعجاب فذلك لأنها اتفقت مع الوضع السياسي الفنزويلي في الستينيات".

 فاز كاديناس بجائزة الدولة الفنزويلية عام 1985، وبجائزة معرض الكتاب بجوادالخارا بالمكسيك عام 2009، وهو الآن في مهرجان الشعر بمدريد ليشارك بكلمة حول أعماله، ويقول لصحيفة "الباييس" الإسبانية إنه على وشك إصدار ديوانه الجديد "عن المفتوح"، الذي يلتصق بالحياة اليومية، لكنه أيضاً قريب من أفكاره الخاصة.

ويضيف :"أعتقد بما قاله أنطونيو ماتشادو، إن الشعراء الكبار ميتافيزيقيون فاشلون، والفلاسفة الكبار شعراء يؤمنون بواقع قصائدهم".

رفائيل كاديناس مؤلف أعمال كبيرة مثل "كراسات الهجران"، و"مناورات مزيفة"، الذي يضم قصيدة "هزيمة"، وديوان "في الخلاء"، و"ذكرى"، و"عاشق"، و"إيماءات".

لغز وتفكير
ويقول كاديناس:"الواحد لا يعرف لماذا يكتب ما يكتب، فالحياة اليومية مليئة بالألغاز".

يتميز كاديناس بأنه بطيء ومقتضب على طريقة الحكماء، يوزن الكلمات ويستخدم كتفيه وحاجبيه مع ردوده، ربما يفعل ذلك حتى لا يقال عنه إنه مزهو بنفسه، لذلك يستخدم كلمة "لغز" بدلًا من "أهمية"، ويقول "تفكير" بدلًا من "فلسفة".

بسبب شيوعيته ومناهضته لحكم الديكتاتور ماركوس بيريث خيمينيث، تعرض للنفي في جزيرة ترينيداد وهو في العشرينيات، ويصفها بقوله: "هي جزيرة تقع على بعد 30 كيلومتر من فنزويلا، يمكن الوصول إليها عبر مركب"، يقول ذلك دون أية درامية عن حدث كان السبب في كتابة ديوانه الأكثر شهرة "كراسات الهجران".

ويضيف: "في البداية كنت أعيش بمساعدة العائلة، بعدها، عملت مدرساً"، وقضى هناك أربع سنوات ثم عاد إلى كاراكاس عام 1957، وبعد عدة شهور سقط الديكتاتور، يقول :"كان أحد ديكتاتوريات القرن العشرين، أما الديكتاتورية الآن فليست مباشرة".

سب بلا اعتداء
في عام 1958، نشر ديوان "الجزيرة"، وافتتحه بتصدير للشاعر البولندي تشيسلاف ميلوش: "تعيس تحت الاستبداد \ تعيس تحت الجمهورية \ في الأولى نطمح للحرية \ وفي الثانية نحارب الفساد".

لكن، ما طموح فنزويلا اليوم؟ يقول كاديناس: "مع مرور الأيام، يتضاءل هامش الحرية، فالحكومة تغلق قنوات المعارضة التليفزيونية، والآن في طريقها لإغلاق الجرائد الناقدة، التي بقت بلا دور لقمعها، ويتم هذا بشكل متعمد، لهذا أصر على الدفاع عن الديمقراطية رغم أخطائها، أعتقد أننا في حاجة إلى إصلاحات".

يؤكد شاعر فنزويلا الكبير أنه لم يخف أبداً من قول ما يريد قوله، ويضيف: "أحياناً يسبونني، لكن لم يعتدوا عليّ أبداً".

مع ذلك يرتاب كاديناس في الدور الاجتماعي للقصيدة، فيقول: "الشعر له سلطة هائلة وغير مجدٍ في نفس الوقت، غير مجدٍ لأن تأثيره في العالم ضئيل جداً، وذو سلطة في علاقته باللغة، السياسة تفرّغ من المعنى كلمات مثل ديمقراطية – عدالة - حرية، والشعراء يملؤون هذا الفراغ".