الثلاثاء 21 أكتوبر 2014 / 10:57

الحياة الراقية لا تكون مجانية!

سامي الريامي - الإمارات اليوم



كثيرون هم من يستمتعون بالخدمات الراقية، المقدمة في أبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكثيرون هم من يؤمنون بأن البنية التحتية، التي تشمل الطرق والمواصلات والجسور هنا، هي أرقى من مدن عالمية كثيرة، وكثيرون هم الذين يدركون أن مستوى الحياة في الإمارات لا يقارن أبداً بكثير من المدن التي عاشوا فيها، أو زاروها، ومع ذلك كله فإنهم يريدون كل هذه الخدمات الراقية مجاناً دون مقابل!


يحصلون على أرقى الخدمات التي لا تقل، إن لم تكن تزيد، عن لندن ونيويورك وباريس وهونغ كونغ وسنغافورة، لكن عندما يتحدثون عن المقارنات السعرية ورسوم الخدمات، فإن المقارنات تنخفض إلى دول عربية وآسيوية، لا يمكن مقارنة خدماتها بمستوى خدمات الإمارات، وفي ذلك كثير من الإجحاف، فلا يمكن مقارنة السيارة بالطيارة، ولا يمكن مقارنة التفاحة بالبرتقالة، والأجدر عندما نتحدث عن خدمات مدينة مثل دبي أن نتحدث عن الرسوم المطبقة على هذه الخدمات في لندن أو باريس، هذه هي العدالة، وهذا هو الإنصاف!

دبي وبالأرقام، ودون مبالغة أو تهويل، هي الأرخص في تقديم خدمات التنقل والمواصلات العامة، وبشكل عام هي الأرخص في المأكل والملبس والمشرب، من الدول الأوروبية، ومع ذلك فكثير من الأوروبيين، قبل غيرهم، يضجون في حال فرض رسوم مثل «سالك»، في حين أنهم يدفعون ضعفيها على شوارع لا تقارن مع أصغر شارع في دبي، وكذلك الآسيويون يتنقلون في أرقى حافلات المواصلات العامة، والتي كلفت الحكومة مليارات الدراهم، ويريدون أن يدفعوا تسعيرة حافلات الهند أو بنغلاديش، القديمة المتهالكة التي تعج بالركاب داخل وخارج وأعلى الحافلة!

لا أقصد الإساءة إلى أحد بالتأكيد، لكن من يرد حياة كريمة هانئة، ورفاهية، ولأبنائه أن يعيشوا في مستويات حياة راقية، فعليه أن يسهم في استمرار هذه الخدمات الراقية، من خلال الالتزام بالرسوم، والمبالغ الزهيدة التي تفرضها الحكومة مقابل هذه الرفاهية!

ما تقوم به الحكومة هنا لا تفعله حكومات أخرى، وما تنفقه في بند الخدمات العامة من مليارات الدراهم، لا تنفقه كثير من الحكومات، ووتيرة النمو والتطور، والمشروعات وعددها وحجمها، لا يمكن أن نراه في مكان آخر من العالم، والدعم السنوي المخصص لعمليات التشغيل والصيانة مرتفع جداً، وجميع الرسوم والدخل المتوقع من هذه المشروعات الخدمية لا يلبي سوى أقل من 35% من الكلفة، لذلك فلا مبرر أبداً لعدم تقبل الرسوم المفروضة على هذه الخدمات!

في مقابل ذلك، لابد من بعض الضوابط، لضمان استمرارية دبي كمدينة جاذبة للمستثمرين والمقيمين والزوار، أهمها ضبط ارتفاعات الأسعار غير المبررة في الإيجارات، أو ازدواجية بعض الرسوم بين الدوائر، أو تغييرها وزيادتها في دوائر أخرى، من دون الاعتماد على قانون لذلك، مثل هذه الأمور تؤدي حتماً إلى رفع كلفة الحياة بشكل يؤثر في طبقة اجتماعية مهمة، هي الطبقة الوسطى، وهي عنصر حيوي وفاعل في الدورة الاقتصادية، ومن الضروري الحفاظ عليها، لذا لابد من التوازن في الحفاظ على مستوى حياة راقية، ودفع المقابل نظير هذا الرقي.