الرئيس التركي رجب طيب أردوغان(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان(أرشيف)
الأربعاء 22 أكتوبر 2014 / 23:22

نيويورك تايمز: أردوغان يسعى لتجريم المعارضة السياسية التركية

24 - إعداد: مروة هاشم

حذر الكاتب التركي، مصطفى أكيول، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الأربعاء، من أن أردوغان يسعى إلى الإبقاء على عملية السلام مع الأكراد لتحقيق أهدافه السياسية الخاصة، وتمرير إصلاحات قانونية من شأنها أن تعطيه سلطات واسعة للقضاء على المعارضة السياسية داخل تركيا.

في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة اقترحت الحكومة إصلاحات قانونية من شأنها منح أردوغان سلطات واسعة للقضاء على المعارضة

ويرى أكيول أنه إذا تم بالفعل تمرير تلك القوانين، سيكون من السهل على السلطات الاستيلاء على الأموال والممتلكات في حال ارتكاب "جرائم ضد الحكومة"، وفي الوقت نفسه يخشى الكثيرون استخدام هذا التعريف الفضفاض لتجريم المعارضة السياسية.

استنفاد كل البدائل
ويبدو أن الدول لا تتصرف بحكمة إلا بمجرد استنفاد كل البدائل الأخرى، وهو ما بدأت تفعله أخيراً الحكومة التركية فيما يتعلق بموقفها تجاه الأكراد المُحاصرين في كوباني من الدولة اللا-إسلامية (داعش).

وبعد ممارسة جميع الضغوط الممكنة، تساعد تركيا من يدافعون عن كوباني بعد تجاهلها لاشتعال المعركة عبر حدودها طوال أسابيع رفضت فيها – رغم الغارات الجوية الأمريكية وحقيقة أن تركيا من حلفاء الناتو – مساعدة المقاتلين الأكراد العلمانيين للدفاع عن أنفسهم ضد التعصب الديني الوحشي، بحسب الصحيفة.

موقف معقد
ومن وجهة النظر التركية، يبدو الأمر في غاية التعقيد؛ إذ يقود الدفاع عن كوباني حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يتشارك في الأيديولوجية مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية.

ويلفت أكيول إلى أنه كان يجب على أردوغان أن يكون أكثر استعداداً لمساعدة المقاتلين الأكراد في كوباني؛ إذ بدأت عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني في ظل قيادته للحكومة التركية قبل عامين، الأمر الذي يستحق الثناء، حيث ازدادت الآمال للوصول إلى حل دائم للمشكلة الكردية في تركيا.

ورقة المساومة
ويصف أكيول عملية السلام تلك بأنها كانت بطيئة نتيجة انعدام الثقة بين الجانبين من ناحية، وتصرفات أردوغان من ناحية أخرى، مشيراً إلى أنه يريد الإبقاء على عملية السلام كورقة للمساومة، تستهدف المساعدة في تحقيق أهدافه السياسية الخاصة، مثل صياغة دستور جديد يمنحه المزيد من السلطة، وفي الوقت نفسه، يكرر حزب العمال الكردستاني تهديده بتجديد الصراع الملسح واستخدام العنف والتخريب.

ويقول أكيول: "كان من الممكن الاستفادة مما يحدث في كوباني للتغلب على هذه المشاكل مع الأكراد، إذا استخدمت الحكومة المزيد من التعاطف في لغتها، واتخذت خطوات رئيسية للسماح للمقاتلين الأكراد العراقيين بالمرور عبر أراضيها لمساعدة كوباني منذ شهر مضى. وبدلاً من القيام بذلك، اتسمت لغة الحكومة باللامبالاة وتسببت سياسات أردوغان المتقاعسة في إثارة غضب الأكراد، الأمر الذي دفعهم إلى الاحتجاجات العنيفة".

ويدين الكاتب التركي العنف الذي يلجأ إليه الموالون لحزب العمال الكردستاني، غير أنه في الوقت نفسه يشير إلى أن موقف تركيا تجاه الأكراد في سوريا يحتاج إلى الإصلاح الشامل، معتبراً أن الأكراد لايزالون أفضل حليف لتركيا في الوقت الراهن، خاصة في ظل ما تشهده الدول المجاورة من حالة الفوضى. ويضيف أكيول: "ينبغي على الحكومة التركية إدراك حقيقة أن الدولة اللا-إسلامية ليست أقل خطراً من نظام بشار الأسد الوحشي، فهي مرض مميت في حد ذاته، ومن المحتمل أن يؤدى إلى الإضرار بتركيا وزعزعة استقرارها".

أردوغان وتجريم المعارضة السياسية
وفي نهاية المقال، يحذر أكيول من محاولات أردوغان لتجريم المعارضة السياسية؛ حيث يقول: "في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة، اقترحت الحكومة إصلاحات قانونية، من شأنها منح أردوغان سلطات واسعة للقضاء على المعارضة، وإذا تم تمريرها، سيكون من السهل على الشرطة وضع أجهزة تصنت للمشتبه بهم، وستكون للمحامين فرص محدودة للوصول إلى أدلة أدانة موكليهم، فضلاً عن ذلك، ستكون السلطات قادرة أيضاً على مصادرة الأموال والممتلكات في حال العثور على جرائم ضد الحكومة، ويخشى الكثيرون من استخدام هذا المصطلح الفضفاض في تجريم المعارضة السياسية".

ويضيف: "تعود المشكلة الرئيسية في هذا الشأن إلى أن الحكومة تعتبر أية معارضة لحكمها عبارة عن مؤامرة مُحكمة للإطاحة بها، وهو ما يعيد إلى الأذهان (تركيا القديمة)، ومن سخرية القدر أن مشكلة (تركيا القديمة) كانت تتمثل في العقلية التآمرية نفسها، التي أسفرت على وجه التحديد عن المظاهر السلطوية ذاتها".

وينصح أكيول قائلاً: "من أجل تحقيق (تركيا الجديدة) – التي لن تكون جزءاً من الفوضي في الشرق الأوسط بل علاجاً له – يجب أن تتحرك الحكومة التركية قدماً في عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني، وإدراك مدى تقاربه مع الأكراد، إضافة إلى الشروع في عملية سلام جديدة مع جماعات المعارضة داخل البلاد، التي جرى تشويهها ووصف أعضائها بالخونة والأعداء داخل الدولة".