الخميس 23 أكتوبر 2014 / 17:43

في العلاقات الإنسانية



في علاقات الإنسان، البعض يستخدم الطرف الآخر مثل عود الثقاب يشعله ثم يطفئه ويلقيه في الفراغ، أو مثل ورق المحارم ينشف به عرق الرغبات ثم يقذف به في سلة المهملات، فعندما تتورم الأنا وتتضخم يصبح الفرد مثل بالون خاوٍ، إلا من هواء فاسد، يمضي في فضاءات الآخرين في تيه وغي وطغيان، ليملأ حياتهم بالأشواق إلى كاتب هدام فارغ من المشاعر، مهشم من الداخل، مثل زجاجات متناثرة في طريق عابري السبيل.

في مثل هذه الحالات يكون الشخص الأناني مستديراً هو على نفسه لا يرى إلا نفسه، ولا يشعر إلا بما يعترك في داخله من مركبات النقص وعقد الدونية المريعة، هذا الشخص نتاج علاقات أسرية اختنقت بالطلاق العاطفي، وبالتالي اكبرت هذه الشجرة الجروار في داخله حتى صارت أشواكه واخزة تدق كفوف الآخرين، فهذا الشخص يعبر عن واقع شخص متأزم مضطرب، خرب، هذا الشخص لا يكترث بالآخر إلا كونه ملكية خاصة والواجب على الطرف الآخر أن يكون طوع الحاجة ورهن اليد، وإن خالف الأوامر أصبح عدواً لدوداً لابد من إقصائه ومعاقبته بأفظع أساليب التوبيخ والتنكيل، لأنه شخص لا يلبي مطالب النفس التي رهنت حياتها بالأخذ دون عطاء، وبرفض الأوامر دون إبداء ما يرضب ِ الطرف الآخر.

مثل هذه الأحاسيس التي يكتنزها البعض، تصبح العلاقة العاطفية كقدور عاتمة متى ما رفضت الغطاء على وجهها تدفق الدخان الحار والحارق فاحرق كل من يقترب منه.

فالإنسان كائن يهيم في بحيرات مضطربة هائجة مائجة، وإذا ما أراد شئياً من الطرف الأخر فيجب أن يكون، وإذا لم يكن فإن القيامة تحشر وتنشر، وتسيطر وتفرض سطوتها، ولا مجال للمعايشة، وبالتالي يكون الفراق مؤلماً، وصحون المصالحة مثله.

الأنا من يحب نفسه، نرجس، والى ورجه التقوقع ذاته إلى ورجه التمركز حول الذات ولا يرى الذات سوى صورته مرأة العقل ولا يشم إلا رائحة ماضية الذي عكس صورة شائنة لواقع العلاقات الإنسانية أو قلب مشهد إنسان إلى علاقة ضدية لا تكتمل فيها شخصية الأنا، إلا بمحو الطرف الأخر والقضاء على آخر ذرة من ذرات التنفس. الأنا في كائن لا يؤمن بالفضاءات المفتوحة، كونه ينتج عن مرحلة طفولية اختزلت العالم ف طرف بأبسط التغدر وآخر مشتكن وضائع. قانع بالأمر الواقع، خافض جناح الذل، ولا يعترف الأناني إلا بطرفي المغناطيس السالب والموجب، و دائماً ما يكون هو الموجب السالب لإرادة الآخر، القلق جداً من الأسئلة، الخائف من أمر علامات الاستفهام. الأناني يحطم العلاقات الأسرية بعقول التزمت والتعنت والتشتت في خضم أفكار سوداوية بغيضة، الأناني عندما يريد أن يعبر عن دونيته ببسط النفوذ على الطرف الآخر، فإنه كالمستجير بالرمضاء من النار، أو كمن يحاول أن يقلد الطير فيجنح بالطيران فيقع ويخسر آخر رصيد له بالحياة، الأناني على الرغم من جبروته فهو ضعيف ومهشم.