• أفق لا أمل فيه
    أفق لا أمل فيه
  • انعدام الحياة في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة
    انعدام الحياة في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة
الخميس 23 أكتوبر 2014 / 22:03

24 يكشف أسباب هجرة الشباب من قطاع غزة

24 - غزة ـ محمد عرب

زادت في الآونة الأخيرة حدة الخلافات التي أثارتها قضية غرق عدد من المهاجرين الفلسطينيين من قطاع غزة في عرض البحر المتوسط.

أنصح كل شاب الهجرة حتى يرى نور الحياة ويتمكن من تحقيق ذاته

هو نتاج للحالة السياسية الداخلية

وفتحت قضية غرق سفينة المهاجرين، سجالاً واسعاً بين أقطاب المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، كان عنوانه الأسباب التي تدفع بالشباب الفلسطيني وبالعائلات إلى ترك القطاع والتوجه إلى أوروبا من خلال طرق غير شرعية، وبظروف سيئة وشروط مجحفة.

موقع 24 يفتح ملف الهجرة غير الشرعية من قطاع غزة من خلال البحث في دوافعها وأسبابها.

أبو ابراهيم: انعدام الحياة في غزة
نبدأ بقصة أبو إبراهيم عوض الله الذي لم يجد غير التمني وإطلاق المناشدات، والحلم بالخروج من غزة أسوة بأبنائه الذين نجوا بأعجوبة من حادثة غرق مركب المهاجرين غير الشرعيين قبالة السواحل القبرصية .

ويعتبر علي عوض الله 51 عاماً، أن الخارج من غزة، المولود والداخل إليها مفقود حيث انعدام الحياة في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي تعج بقرابة 2مليون نسمة، وتعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية لثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية دموية قضى خلالها مئات الفلسطينيين.

وعن سبب خروج أبناءه قال عوض الله لـ24: "باستطاعتك أن ترى كيف أن القطاع اليوم مغلق تماماً من كل الأصعدة، حيث لا تعليم والبطالة في ازدياد، لا يمكن أن نحصل على عمل وحتى يمكننا ان نحصل على فرصة في الحياة والأنكى من ذلك أننا نعيش بالإيجار"، متسائلاً "كيف يمكن أن يعيش الشاب بعد أن يصل إلى الخامسة والعشرين من عمره من دون أن يحقق أي شيء في حياته أو حتى يدخل إلى جيبه شيكل واحد؟".

ويواصل عوض الله سرد قصة أبنائه بكثير من اللوعة والألم "بالنسبة للأولاد هم يريدون العيش هنا، ولكن ليس من فرصة لحياة الكريمة، وخطرت ببالهم فكرة الهجرة، وأنا لم استطع منعهم بل ساعدتهم على ذلك من خلال استدانة مبلغ من المال من بعض المعارف، وقلت لنفسي "فلندعهم يجربون حظهم في الخارج، إذ بالإمكان إيجاد عمل وقليلاً من الكرامة".

وأشار عوض الله أنه حاول اللحاق بأبنائه أكثر من مرة ولكن المشكلة التي تواجهه حالياً هي قلة ذات اليد، حيث تتطلب عملية الهجرة غير الشرعية مبلغاً يتراوح بين الثلاثة والخمسة آلاف دولار أمريكي.

وبالكثير من الدموع والألم، يرد عوض الله على من يتهموهم بالخيانة وانعدام الوطنية بعد قصة هجرة أبنائه، قائلاً: "لدينا حس الوطنية أكثر بكثير من بعض الناس، ولكن ليس من مقومات للحياة هنا تساعدنا على البقاء ولذلك يجب أن نهاجر وأنا أنصح كل شاب في غزة أن يهاجر حتى يرى نور الحياة ويتمكن من تحقيق ذاته".

وللحكاية بقية
ولم يختلف حال الشاب محمود أبو نديم 25 عاماً كثيراً، سوى أنه أبصر حياة جديدة بعد الحرب على غزة بلا منزله يأويه، حيث عاد حديثاً من الإسكندرية.

ويقول أبو نديم لـ: 24" دفعت مبلغ 3000 آلاف دولار في غزة، حتى أهاجر عبر البحر، وكان ذلك قبل نحو الـشهر ولكن للأسف لم أستطيع الذهاب بسبب غرق السفينة، وبالتالي الجيش المصري شدد الرقابة على الأنفاق واعتقل بعض المهربين".

وعن قصة محاولته الأولى التي منيت بالفشل، يوضح أبو نديم :"مكثت في مصر لمدة 21 يوماً داخل مخزن كبير، وكل يوم يأتي عدد من الشباب والعائلات التي تود الهجرة، توجهنا إلى الإسكندرية للركوب في السفينة إلا أننا تفاجئنا بالمهربين يطلبون منا أضعاف المبلغ المتفق عليه، فقررت العودة إلى غزة".

أبو نديم أنهى دراسته الجامعية منذ ثلاثة أعوام وحتى اليوم لم يستطع الحصول على أي عمل في مجاله أو تخصصه في إدارة المشاريع.

وعن هذه الحالة يرى أن حياته تدمر في كل مرة يجلس مع أحد من زملاء الدراسة من خلال التحسر على الحالة التي وصلوا إليها، خصوصاً عندما يكونوا شهوداً على عمليات التوظيف التي يتم استخدام الواسطة والمحسوبية، "علشان هيك ما إلنا عيشة في هالبلد".

ويكمل بحسرة شديدة " كل يوم نستيقظ من النوم ونكذب على أنفسنا ونقول هناك أمل، ولكن للأسف تستمر المعاناة من دون أن نحقق أي شيء".

ويعاني قطاع غزة منذ سيطرة حركة حماس عليه عام يونيو (حزيران) 2007، من حصار إسرائيلي مشدد بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية حيث يعيش نصف سكان القطاع تحت خط الفقر، بحسب آخر إحصائيات وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين ( الأونروا ).

من جانبه، أكد رئيس مركز الفريق للقيادة الإعلامية ناهض عبد الواحد أن المجتمع لم يرحم الشباب المهاجرين حتى بعد غرقهم، عندما اعتبروهم خارجين عن الصف الوطني، مشيراً إلى أن هذا الادعاء باطل ولعب بالدين كما بمصير الناس.

وأشار عبد الواحد لـ24 إلى أنه "من الناحية اقتصادية والاجتماعية، لم يبقَ أي أفق للحياة في غزة، وهذا أمر معروف ولا يحتاج لأي شواهد أو أدلة، وهو نتاج للحالة السياسية الداخلية، ويتحمل وزرها الفصيلين السياسيين الكبيرين على الساحة الفلسطينية فتح وحماس حتى ولو حاولا رمي هذا الوزر على شماعة الاحتلال الإسرائيلي، ويضاف ذلك على الظروف الاقتصادية حيث انعدام فرص العمل وعدم تكافؤها والفقر".