الخميس 23 أكتوبر 2014 / 21:46

ليس دفاعاً عن دحلان بل عن فتح!!



ما تسرب عن اجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح الذي انعقد الاسبوع الماضي يبعث علي الحزن والأسى لما وصلت له حركة ثورية عملاقة كحركة فتح، قادت النضال الوطني الفلسطيني علي كل المستويات عقود طويلة، فرغم كل الأحداث الخطيرة التي تحيط بالمشروع الوطني الفلسطيني وزيادة التطرف الإسرائيلي ضد الأرض والشعب الفلسطينيين، وتراجع الاهتمام بصورة تبعث علي القلق بمجمل القضية الفلسطينية في ظل زيادة ظاهرة الإرهاب بسبب التنظيمات الإرهابية وعلي راسها داعش، قفز محمود عباس رئيس الحركة على كل تلك التحديات وتوقف فقط عند قضية القضايا بالنسبة له، والتي أستطيع أن أسميها "بعبع دحلان" أو "عقدة دحلان".

فحسب ما تسرب من تلك الاجتماعات، فإن بعض أعضاء المجلس الذين ما زالوا يمتلكون حريتهم الفكرية والسياسية بعيداً عن التبعية العمياء التي تكرست عبر السنوات الماضية لعباس وإرادته، أدرجوا على جدول الأعمال بنداً يتعلق بقرارات الفصل التي اتخذتها اللجنة المركزية ومن بينها قرار فصل محمد دحلان واعتبروها غير نظامية، هنا قام المقربون من الرئيس عباس بإبلاغه بهذا التطور، فقام وعلي وجه السرعة بالحضور إلى مكان الاجتماع بعد سجال جرى بين المؤيدين لقرارات الفصل وبين المعارضين لها، وتدخل حاسماً الموضوع بقوله: "يلعن أبو هيك حركة، يلعن أبو هيك حركة وحدتها ما بتم إلا بدحلان، يا عمي دحلان انفصل وصار ورا ظهورنا وأي واحد بحكي مع دحلان أو بقول دحلان راح ينفصل، ودحلان أوراقوا في المحكمة وبالنسبة للمفصولين إذا في إجراءات ناقصة راح نسويها والذي لديه تظلم يروح على المحكمة الحركية".

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا وضع صحيح أو صحي أن تدار الأطر التنظيمية في أكبر حركة وأعرق حركة وطنية علي وجه الكرة الأرضية بهذه الطريقة والتي هي أقرب ما تكون للخلافات الزوجية في ظل زواج فاشل؟، وهل تستحق حركة فتح أن تشتم بهذه الطريقة لأنها تريد أن تحافظ علي عافيتها وديمقراطيتها وحيويتها ولا تريد أن تكون أداة بيد من يرأسها كائناً من كان، ولماذا يا ترى يتصرف عباس مع الرأي الآخر أو الصوت الآخر أو حتى الاختلاف بالرأي، ولا اقول الخلاف فيه، بهذه الطريقة الديكتاتورية التي أفقدت فتح عافيتها وكذلك السلطة وكذلك منظمة التحرير؟

أتذكر مواقف كثيرة للراحل الكبير ياسر عرفات رمز النضال الفلسطيني وأسطورته بحكم عملي في منتصف الثمانينات صحافيا في صحيفة الوطن الكويتية ومسؤولاً عن الملف الفلسطيني، أتذكر أحداثاً كثيرة كان عندما يختلف معه إخوانه أمثال صلاح خلف "أبو إياد"، أو خالد الحسن "أبو السعيد"، أو حتي عباس نفسه في المجالس الوطنية أو المجالس المركزية للمنظمة مع قادة الفصائل أو داخل مؤتمرات فتح وبخاصة المؤتمر الخامس للحركة الذي تابعت أعماله في أغسطس من عام 1988 في تونس، لم يكن يلجأ إطلاقاً إلى أساليب التهميش أو مخالفة الأطر التنظيمية المعمول بها لا داخل فتح ولا داخل منظمة التحرير ولا حتي زمن السلطة الفلسطينية، كان يسعي جاهداً لكسب أصوات الأغلبية لتمرير ما يعتقده صحيحاً، وفي أحيان أخرى كان يفشل ولكنه وبروحية الزعيم يمتثل للأغلبية، وهذه كانت واحدة من ميزاته كقائد التصق نضال الشعب الفلسطيني باسمه وبرمزية كوفيته .

"يصعب علينا تخيل مدى التغيير الذي حصل في روح الحركة وفكرها بعد أبو عمار، وأبكي في كل مرة أتحسس فيه عمق التراجع والضعف في فتح، إنها الظلماء التي يفتقد فيها البدر".

بهذه العبارات قال لي صديق عزيز في اللجنة المركزية لحركة فتح معلقاً علي اجتماعات المجلس الثوري.