الجمعة 24 أكتوبر 2014 / 18:38

الكاتب الإسباني ماسوليبير يواجه الموت بالفكاهة

24- إعداد: أحمد ضيف

يعتبر الكاتب الإسباني خوان أنطونيو ماسوليبير، أحد أشهر سكان جمهورية الأدب، فهو شاعر وروائي ومترجم وناقد أدبي وبروفيسور في الأدب خلال أكثر من أربعة عقود.

ومؤخراً أصدر مجموعة من القصص القصيرة تحت اسم "الأعمى في النافذة"، والتي تتمتع برأي النقاد، بقدر كبير من التجلي والفكاهة، وتشكل سرداً وقعياً.

وفي حوار لماسوليبير مع جريدة "لابانجوارديا" الإسبانية، أوضح أن المجموعة "ليست مذكرات أو يوميات، كما أنها ليست كتاب أمثال، أو مجموعة قصصية، كنت أكتب دون أن أعرف ماذا أكتب".

ويعتبر الكاتب "الأعمى في النافذة" نصاً مفتوحاً، ليس فقط في تصنيفه، بل أيضاً في إمكانية إضافة نصوص أخرى له، دون أن يؤثر ذلك على بنيته.

بعداً جديداً للوقت
وقال ماسوليبير:"بنية العمل تختلف تماماً عن كتبي الأخرى التي كتبتها في شكل يوميات، هنا تحررت تماماً من التواريخ لأعطى بعداً جديداً للوقتية، ومن البداية قررت أن أشيده كوحدة واحدة، وأشرت لذلك في المقدمة والخاتمة، لكنني حاولت أن يقوم على نظام ينبع من الفكرة وليس الواقع، فلا الفكرة ولا الواقع له نظام يفرض المنطق أو الخطية المصطنعة للرواية الواقعية"، مضيفاً: "على أي حال، هناك سردية على هامش الأنواع وباسم الحرية والواقع الأعلى".

الكاتب البرشلوني صنّف كتابه الجديد تحت اسم "عزف منفرد"، معللاً ذلك بقوله: "بشكل ما يجب أن يسمى بشيء ما".

لكن هل يشعر بارتياح مع تصنيف السرد السيري؟، أجاب ماسوليبير:"سرد سيري، قصص قصيرة جداً، إلى آخره، تصنيفات يهتم بها الأكاديميون، أما العزف الفردي فهو قريب للأمثال أو الأقوال المأثورة لكنه أبعد من التأمل النقي وأقرب للعب والحكمة الشخصية، للمفارقة، لصنع نسيج سردي".

الحقيقة والخيال
والمعضلة في هذا النوع من الكتابة، بحسب وجهة نظر القارئ، عدم معرفة الحقيقة من الخيال، حتى أن القارئ يتساءل عن حياة الكاتب في النص وربما يتعجب من صراحته.

وتابع ماسوليبير: "أحاول أن أمزج حقيقة السيرة الذاتية مع التأليف، وفي النهاية يلعب الخيال دوراً هاماً جداً في حياتنا اليومية، من جانب آخر، سعيت أن أعيش جزءاً كبيراً من حياتي كمغامرة وصنعت قطيعة مع الثوابت".

يضم كتاب "الأعمى في النافذة الكثير من الأسئلة، ولا يقدم أي يقينيات، إنه كتاب يؤكد على أهمية الأسئلة، كأن المؤلف يريد أن يبقى بلا إجابة".

زيرى ماسوليبير أن كل حياتنا سلسلة من الأسئلة والباحث اليائس عن يقين، إذ "ليس سيئاً أن نعيش في أسئلة، بل لا يمكن تجنب ذلك، فنحن ننطلق دوماً من سؤال كبير بلا جواب، أصل العالم وأصل حياتنا نفسها، وبالطبع نحتاج إلى اختراع إجاباتنا حتى لا نسقط في الفراغ".

ويرى أن الأدب السيء، أدب الأفضل مبيعات، هو تحديداً الأدب الذي يعثر على إجابات أو يجهل كل نوع من الأسئلة.

وكتب ماسوليبير القصة والرواية والشعر، وترجم أعمالاً ودرّس الأدب، لكن أي عمل من هذه الأعمال حصد ثماره؟.

وعن ذلك قال الكاتب السبعيني:"كل نشاط من أنشطتي الأدبية أفادت النشاط الآخر، الترجمة سمحت لي بالغوص في عالم المبدع، وهو ما أفادني جداً في الإبداع وفي النقد الأدبي، كل كاتب جيد قارئ جيد للشعر، والشعر طريق للتعمق أكثر في اللغة، والنقد مثل التعلم، ساعدني على العثور على الوضوح الضروري لأتواصل مع القارئ، حتى عندما نكتب لأنفسنا فنحن في الحقيقة نكتب لآخر، لكن بشكل عام، أنا مشهور أكثر كشاعر وكناقد، ولطريقتي في فهم السرد، أبتعد عن قراء كثيرين يفضلون الطرق الواسعة أكثر من الحارات والمتاهات".

اكشاف الذات 
قضى ماسوليبير أكثر من 4 عقود في لندن في محاولة لاكتشافها ولم تعجبه، بعدها عاد إلى برشلونة ليؤكد أن ما حدث لمدينته هو نفس ما حدث لإسبانيا عندما قرر الهروب من المناخ الميديوكري، من القناعات الكثيرة والقمع الكبير.

يوضح: "صنعت أو اكتشفت نفسي في إيطاليا، وإيرلندا وبوينوس آيرس والمكسيك وإنجلترا بالطبع، ولم أشعر بأنني غريب في أي من هذه الأماكن، غير أنني شعرت بذلك في إسبانيا وفي كتالونيا".

في نهاية كتابه الجديد، يطرح فكرة الموت كأنه يريد أن يضلله، يقول ماسوليبير:"ما من أحد يمكنه تجاهل حقيقة الموت، وأنا حاولت، كتاباً وراء كتاب، أن أتآلف معها، أن أشرب كأساً في صحبتها، أو ألعب معها البلياردو، في شبابنا يرعبنا الموت لأنه يبدو لنا كبيراً جداً وغامضاً، لكن مع مرور السنين نشعر به قريب منا أكثر، يهجرنا الأصدقاء، وهذا مؤلم جداً، لكنهم يصحبوننا كذلك وهم من يفتحون لنا أبواب العالم الآخر، ويضيئون لنا الطريق لنراه في كل مرة أكثر ألفة، وأعتقد أن ثمة علاجاً ناجعاً لمواجهة الرعب من الموت، الفكاهة، التي تصحبني في كل كتاب من كتبي".