السبت 25 أكتوبر 2014 / 09:14

خريف الإخوان المسلمين وشهوة السلطة



أهمية بعض الأحداث وقدرتها على إثارة الجدل، تكمن في صعوبة تجاوز الأسئلة التي تطرحها، وإن كانت الإجابة عليها ممكنة في بعض الأحيان، مثل سؤال إيمان جماعة الإخوان المسلمين بالديمقراطية، وتفريعاته التي تدور حول استعدادهم لتسليم الحكم في حال خسارتهم الانتخابات وهم في السلطة .

أسئلة الخريف العربي المفتوحة على المجهول، طفت على سطح الأحداث باستحياء، وقدرة أقل على إثارة الجدل هذه المرة، بعد فقدانها قوة الوهم الذي حاولت مراكز البحث الأمريكية تسويقه على شعوبنا، باعتباره ربيعاً.

في تونس مثلاً استعادت حركة النهضة وهي تخوض الانتخابات التشريعية، صورة الحزب المستعد للذهاب بعيداً في تكتيكات ومناورات وتجاوزات انتخابية يفارق بعضها القيم السماوية التي تنادي بها الحركة، والوضعية التي يتمثلها خصومها، بدءاً بعروض التحالفات السخية، مروراً باختراق اللجان الانتخابية وأشكال الدعاية المتبعة.

سعي الجماعة للسيطرة على مؤسسات ائتلاف المعارضة السورية الذي أسفر عن إعادة انتخاب أحمد طعمة رئيساً للحكومة المؤقتة، دفع خصوم الإخوان إلى اتهامه بإحياء مشروعهم المتعلق بإقامة دولتهم الدينية، بعد إيحائهم بالتنازل عن هذا الطرح .

المشهد الفلسطيني بقي يراوح في ذات الدائرة، مع إصرار حركة حماس على الاحتفاظ بسلطتها في قطاع غزة، لتبقي المصالحة وحكومتها الهشة عرضة للانهيار .

إدارة الإخوان المسلمين للصراع على السلطة في مصر، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، لم تخرج عن ذهنية إدامة التوتر في البلاد، حتى استعادة الحكم .

بشكل أو بآخر، تحاكي محاولات الاستحواذ على أكبر قدر من السلطة، السياسة الداخلية التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، وطريقته في إدارة الأزمات .

الصراع على السلطة أخذ شكلاً آخر في أوساط إخوان الأردن حيث فشلت مبادرة المراقب العام همام سعيد في لملمة صفوف الجماعة، لخلو بنودها من الاستجابة لشرط استقالته الذي يصر عليه خصومه، ما يعيد إلى الأذهان إصالة النزعة الاستحواذية في الحياة الداخلية لمثل هذه الجماعات .

بذلك لا تخلو آليات الصراعات السياسية في المنطقة، ودور الإخوان المسلمين فيها، من إعادة تذكير باستعجال الجماعة الوصول إلى السلطة باستخدام مختلف الأساليب للوصول إلى هذه الغاية والانقلاب على الخصوم، والحلفاء حين تقتضي الضرورة .

خريف الإخوان المسلمين لم يبعدهم عن شهوة السلطة، التي بلغت أوجها في ربيعهم، شأنهم شأن الأحزاب الشمولية التي خلفت وراءها بعد رحيلها أرصدة من الهزائم وتشوهات لحقت بالمشهد السياسي والبنية الاجتماعية.