شباب غزة يتابعون الكلاسيكو في المقاهي (أرشيف)
شباب غزة يتابعون الكلاسيكو في المقاهي (أرشيف)
الأحد 26 أكتوبر 2014 / 11:34

تحقيق: شباب غزة يهربون من واقعهم بمتابعة "الكلاسيكو"

24 - غزة - محمد عـرب

امتلأت المقاهي في قطاع غزة مساء أمس السبت بمشجعي العملاقين الأسبانيين – ريال مدريد وبرشلونة – لمتابعة الكلاسيكو الذي انتهى بفوز الريال 3 - 1.

وعلى الرغم من أوضاع قطاع غزة السيئة، وخروج أهالي القطاع من عدوان إسرائيلي استمر 51 يوماً، إلا أن الشباب أقبلوا بكثافة على المقاهي والأماكن التي تتيح لهم مشاهدة المباريات الهامة.

هروب من الواقع
ويلجأ معظم الشباب في غزة إلى متابعة الدوريات الأوروبية، كنوع من ملء الفراغ الكبير الذي سببته البطالة المنتشرة، وانعدام فرص العمل سواء للخريجين الجامعيين أو حتى للعمال .

الشاب إسماعيل أبو عون كان جالساً برفقة مجموعة من أصدقائه ولفت انتباهنا تفاعله الشديد من أجواء المباراة، فتوجهنا إليه لسؤاله عن سبب وجوده في المقهى فقال: "انا لا أعمل، وأقضي معظم وقتي بالخارج برفقة الأصدقاء، وجلوسي في المقهى أفضل من جلوسي في الشارع".

وفيما يتعلق بتكلفة الجلوس في المقهى، أضاف أبو عون أنه يعتمد في مصروفه حتى اليوم على والده الذي يعمل موظفاً بسيطاً في الحكومة، مشيراً إلى أن والده يعلم جيداً الظروف النفسية التي يعاني منها ابنه وأقرانه بسبب انعدام فرص العمل.

وبعد دقائق قليلة على بداية المباراة تمكن برشلونة من إحراز الهدف الأول له عن طريق اللاعب نيمار، ليضج المكان بصوت واحد هاتفاً "جووووووول" وكأن الفريق هو أحد الفرق المحلية الفلسطينية على غرار الأهلي والزمالك في مصر.

وبابتسامة وفرح غامرين قال الشاب أحمد أبو عيدة لـ 24: "أنا من مشجعي الريال منذ طفولتي، وأصدقائي منقسمون بين البرشا والريال، وهذا بالتأكيد يجعلنا نخرج من واقعنا السيء إلى عالم الكرة الواسع من خلال متابعة المباريات وتحليل نتائجها ووقائعها بعد انتهاء كل مباراة".

وأضاف أبو عيدة أن مشاعر الشباب المتابعين للمباراة تتحركُ فجأة وتنتقل إلى معقل المباراة في "سنتياغو برنابيو" –ملعب ريال مدريد- حتى يتمكنوا من تفريج بعض همومهم وأحزانهم والبعد عن واقعهم الذي تسبب به الحصار المشدد المفروض على القطاع.

الفتيات لهن نصيب
ولا تقتصر متابعة المباريات الأوروبية على الذكور فقط، بل إن الفتيات في غزة أيضاً يتابعن الدوري الأسباني والانجليزي بشغف كبير، وهذا ما لمسناه عندما دخلنا إلى قطاعة مطعم "روتس" في غزة الذي تتمكن الفتيات فيه من متابعة المباريات بكل حرية.

وصيحات الفتيات المتابعات للكلاسيكو لا تختلف كثيراً عن صيحات الشباب، إلا من حيث نعومة الأصوات، ولكن الشتائم التي يكيلها المشاهدون سواء للحكم أو لبعض اللاعبين تقريباً واحدة.

وتقول الشابة حنين شهاب متسائلة: "لماذا لا نتابع المباريات؟ هل هي حكر على الشباب فقط؟ ثم أن واقعنا كفتيات سيء بالقدر الموجود لدى الشباب، فنحن أيضاً نعاني من انعدام فرص العمل، وكذلك فرص الزواج المتدنية جداً".

واعتبرت شهاب أن عدم حصول الشباب لاسيما الخريجون في غزة على فرص عمل جيدة، تؤدي إلى منعهم من الإقبال على الزواج، وبالتالي بدأت ظاهرة العنوسة بالانتشار في القطاع بشكل ملحوظ.

وأضافت: "لذلك تجد الفتيات أيضاً يتابعن المباريات فهن في حالة نفسية سيئة جداً، ويتحينوا أي فرصة للخروج من هذا الواقع ولو لمدة 90 دقيقة فقط".

فوائد الكلاسيكو
ولعل أهم فائدة للكلاسيكو بالنسبة للشاب عبد الله عبد الوهاب صاحب كافتيريا "يلا كورة" أن الكافتيريا تمتلئ بالمتابعين، الأمر الذي يدر عليه دخلاً وفيراً لا يتكرر إلا في المباريات الكبيرة فقط.

وقال عبد الوهاب: "كما ترى الكافتيريا اليوم لا يوجد به مقعد أو طاولة فارغة، طبعاً إضافة إلى المشاريب والنرجيلة، فالحمد لله نعوض خسارتنا في الأيام الماضية في مثل هذا اليوم الذي لا يتكرر إلا قليلاً عندما تلعب الفرق الكبيرة مع بعضها".

الطب النفسي له رأي
من جهتها قالت الباحثة المجتمعية والمحللة النفسية تمام حسين لـ 24: "ظاهرة انشغال الشباب بمتابعة كورة القدم، لها إيجابياتها كما أنها دليل على تعافي المجتمع من بعض الأمراض العصرية، كالتحرش الجنسي والإدمان".

وأكدت حسين أن المجتمع الفلسطيني عامة والغزي بشكل خاص مجتمع محافظ، وأن انشغال الشباب بالمباريات "أدى إلى عدم اهتمامهم بغرائزهم التي قد تثور في أي لحظة بفعل عوامل الفقر والحاجة"، مشيرة إلى أن حوادث التحرش الجنسي أو الاعتداءات على الفتيات والإدمان قليلة وتكاد تكون معدومة في القطاع.