الخميس 30 أكتوبر 2014 / 14:12

كيف يغسل داعش أدمغة الشباب



ما الذي جعل مغنية الروك سالي جونز تترك طفليها المراهقين وتذهب إلى سوريا؟ ما الذي جعلها تستبدل السلاح بالغيتار؟ هل هي أزمة منتصف العمر كما يقول أحد المحللين؟ أم أنها تريد اللحاق بحبيبها الذي انضم لداعش؟ وما الذي يجعل فتاتين بريطانيتين صوماليتي الأصل تلتحتقان بداعش لتصبحا من أخطر نسائه؟ وما الذي يجعل ثمانين كندياً، ناهيك عن أعداد كبيرة من الأوروبيين والأمريكيين، يتركون بلادهم للانضمام إلى داعش؟

أهي الجنة الموعودة التي أقامها أبو بكر البغدادي في مناطق من سوريا والعراق تحت مسمى الدولة الإسلامية؟ حيث يوزع التنظيم صكوك الغفران للشباب على ما ارتكبوه في ماضيهم، إضافة إلى إعطائهم مفاتيح جنة الدنيا من خلال عملهم مع التنظيم في أي مجال.

لكن قبل هذا كله كيف يصطاد تنظيم داعش غير المسلمين؟ ومن هم ضحايا داعش المحتملون؟ إن التنظيم يطمح إلى اصطياد الشباب وتجنيدهم لما في هذه المرحلة العمرية من الجموح والطموح والاندفاع والرغبة في الخروج عن سيطرة الأهل، وهؤلاء غالباً ما يرسلهم التنظيم إلى الخطوط الأمامية للقتال. وكثيراً ما يركز داعش على غير المسلمين لتشربهم أفكاراً مضللة عن الإسلام، وكما تركز على الدول العربية وخاصة أبناء الخليج العربي، لتستفيد من دعمهم التقني والمالي ولترسلهم للقتال في الخطوط الأمامية.

وحتى لا يبقى الكلام تنظيراً سأقف عند قصة ليا الفرنسية التي نشرتها وسائل الإعلام للوقوف على طريقة تجنيد داعش للشباب. ليا تم تجنيدها عن طريق الإنترنت ثم الهاتف، وحين سقطت في حبال أول داعشي أو داعشية تم إضافة حسابها في أحد وسائل التواصل الاجتماعي من قبل خمسين شخصاً آخر من المنتمين للتنظيم. ووعدوها بغفران ذنوبها ودخولها الجنة إن انضمت إليهم، كما عزلوها نفسياً عن والديها باعتبارهم كفاراً، وعن المسجد في باريس لأنه - من وجهة نظرهم- يقدم إسلاماً مغلوطاً.

وإذا كان الشخص ناضجاً راشداً فإن صائدي الضحايا في داعش سيركزون على تضخيم سلبيات المجتمع الذي ينتمي إليه الضحية، ويقزمون أية إيجابيات فيه، ومن ثم يوظفون أزمات الأفراد الشخصية وغضبهم في مقابل سعادة مزعومة سيجدها تحت ظلال تنظيم داعش.

والأمر الآخر هو عزل الشخص عن الآخرين ومنعه من التواصل معهم بشأن أفكارهم فلا يحق له مناقشة الآخرين، ولا الحصول على أية معلومات أخرى عن التنظيم إلا من خلالهم، ولهذا قالوا لليا حين ترددت في الانضمام إليهم بأن هذا عار عليها، وستدخل النار.

ويتبعون ذلك بإرسال الأفلام ذات الروح الهوليودية عن الحياة في المناطق التي يسيطر عليها داعش، ويظهر رجال داعش المفتولو العضلات الوسيمون، مع استغلال صور الأطفال الأبرياء الذين يلعبون بكل حرية، وتصوير الحياة في مناطق داعش كأنها الجنة الموعودة، وأما بقية العالم فيظهرونه مشوهاً والإنسان فيه متعباً من وتيرة الحياة السريعة، ومطحوناً بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية. وكثيراً ما يركزون على تعدد الجنسيات، وليخاطب كل داعشي أبناء بلده ليكون مؤثراً، بحكم معرفته بهم.

واللافت أن عدداً كبيراً من جماعة داعش يركزون على شخص واحد؛ ليحكموا الحصار حوله، وهم يوفرون كل الحلول البديلة للشخص إن اعتذر عن العمل معهم. وإذا اعتذر الشخص عن الذهاب إلى سوريا لأسباب قاهرة، فهم لا يعذرونه بل يطلبون منه تنفيذ أعمال إرهابية في بلاده، وأضعف الإيمان عندهم هو أن يجند غيره ويعمل على نشر أفكار التنظيم والترويج لها. وهم يختارون أشخاصاً من خلفيات علمية مختلفة؛ كي يستفيدوا منه في مجال تخصصه. 

وأما اصطيادهم للقبائل في سوريا والعراق فيعتمد على تأجيج الخلافات بين هذه القبائل، وإثارة النزاعات لتنشغل ببعضها وتنسى التنظيم. وللحديث بقية عن تنظيم داعش في الفضاء الإلكتروني.