الصحافية العراقية ليلى سيدو (المصدر)
الصحافية العراقية ليلى سيدو (المصدر)
الخميس 30 أكتوبر 2014 / 18:19

الإيزيدية ليلى تروي كيف نجت من داعش

روت الصحافية الإيزيدية ليلى سيدو (26 عاماً) قصة الرعب التي عاشتها بعد نجاتها من حصار مقاتلي تنظيم داعش الذي دام 9 أيام متواصلة، لجبل سنجار، وفقاً لصحيفة الغد الأردنية.

وتبدأ سيدو برواية تجربتها محاولة قدر المستطاع أن تبدو متماسكة، فتقول: "في عصر 2  أغسطس  (آب) كنت برفقة جارتي في السوق، وهناك أخبرتني عن إشاعات تفيد بقرب دخول تنظيم داعش إلى سنجار"، غير أن سيدو لم تأخذ تلك الإشاعة على محمل الجد، استناداً إلى ثقتها بالرواية الأمنية الحكومية وبالأحزاب في مدينتها، والتي كانت تؤكد أن مدينة سنجار "آمنة من داعش".

وفي عصر أحد الأيام، بدأت هذه الإشاعة تتحول الى "معلومة أقرب للدقة"، وفي فجر اليوم الثاني استيقظت على صوت جارتها وهي تلح عليها أن تجهز نفسها ولوازم طفليها استعداداً للهروب من منزلها، وتقول: "لم يكن لدينا سوى خيارين إما الهرب أو الاستسلام للموت".

النزوح في الجبل
وجاء شقيق زوجها المسافر لأخذها وطفليها خارج سنجار، التي باتت على مشارف الاشتباكات مع داعش، وفي الطريق شاهدت الناس يهربون من الرصاص الحي، وصولاً إلى منطقة مغلقة بحواجز رملية أمنية، ما اضطرهم الى استكمال الطريق مشياً على الأقدام إلى حين وصولهم قرية "سولاخ".

وتضيف: "وفي أثناء وجودي في منزل أهل زوجي في سولاخ ذاك الصباح، نظرت من النافذة ورأيت رجالاً يرتدون لباسا أسود بجانب مزار السيدة زينب للشيعة وقاموا بتفجيره".

وأدركت سيدو وعائلة زوجها أن قوات داعش أصبحت قريبة جداً من قرية "سولاخ"، وتقول: "هرعنا إلى السيارات للهروب إلى الجبل، وشاهدنا الناس وهم يهربون بالاتجاه نفسه، وكنا نجسد مشهد الهجرة الجماعية، ولاحظت من خلال مشاهداتي أن هناك أشخاصاًَ يركضون بالملابس الداخلية، فضلاً عن أشخاص دون أحذية، واستقررنا أسفل الجبل".

الاستسلام للموت
وتابعت "بدأنا ننصب الخيام للنساء في أسفل الجبل، وكان معنا تموين بسيط، كما سمعنا أن من يضع على سطح منزله قماشاً أبيض فهو إشارة للاستسلام، واقترحت على أهل زوجي أن نقوم بذلك، ثم بدأ صوت إطلاق الرصاص يزيد ويقترب بعد عودتنا، وورد اتصال إلى مختار القرية يعلمه بقرب قدوم داعش".

وتقول: "عدنا الى الجبل، وهنا دخلنا في اليوم الثالث من الحصار"، وتصف سيدو صعوبة الحال هناك، سواء من حيث درجات الحرارة المرتفعة للغاية، والحالة النفسية الأقرب إلى الانهيار التي اجتاحت صفوف النازحين من الإيزيديين في الجبل، فضلاً عن القلق من قرب شح المواد التموينية.

وتضيف: "بتنا نسمع أخباراً عن قرب وصول داعش إلى الجبل، ما جعل رجال الجبل من النازحين يصنعون حاجزاً من خلال اصطفاف سياراتهم ليحموا النساء والأطفال، كنا شبه متأكدين من أن نزوحنا إلى الجبل سيطول، وأننا على موعد قريب مع إبادة جماعية".

كما تصف سيدو الأوضاع: "كنا ننتظر الموت، وفجر اليوم الثالث سمعنا صوت إطلاق رصاص قريب، وجاءت سيارات من داعش باتجاهنا، وبدأت المقاومة من الرجال الذين كانوا معنا، وبدأنا نصعد الى الجبل، نساء وأطفالاً ومسنين، من خلال نفق ضيق، لكننا صعدنا مسافة بسيطة، إذ كان من الصعب تسلق الجبل".

وتضيف سيدو: "بدأت آثار التعب تظهر على أجسادنا، كما فرغت كميات المياه، وكان يستغرق زمن إحضار الماء ساعة كاملة في كل عملية، وفي اليوم الخامس بدأ الوضع الصحي ينهار، أطفال ومسنون يتوفون، وفي اليوم السادس قررنا الذهاب إلى مزار شرف الدين، فهناك كانت المقاومة قوية، وفيها قوات حماية من حزب العمال الكردستاني".

وتتابع: "في مزار شرف الدين، في اليوم الثامن، هناك شربنا مياهاً، وتركنا خلفنا أمواتاً في الجبل، وفي تلك المدينة منحونا طعاماً لم أقم بتناوله، بل خبأته لأولادي تحسبا للأيام المقبلة".

الهرب إلى سوريا
وتضيف سيدو: "هناك سمعنا أن قوات حزب العمال الكردستاني فتحت نفقاً يسمح للناس بالهروب إلى الحدود السورية، لكن حتى الهروب الى هناك كان يحتمل الموت أيضاً، لكن وردتنا أنباء عن قدوم مدرعات لداعش وفي نيتها القيام بإبادة جماعية، وهنا قررنا القيام بهجرة جماعية باتجاه النفق المؤدي الى الحدود السورية، وجاءت سيارات حزب العمال وأقلت الأطفال والمسنين الذين كانوا بين الحياة والموت".

تلتقط نفساً بصعوبة ثم تتابع: "وصلنا الحدود في اليوم التاسع، وجاءت حافلات سورية من حزب العمال وأقلتنا من الحدود باتجاه زاخو التي تتبع لإقليم كردستان، حيث قوات البشمركة، وهناك توزع النازحون على المدارس والمنازل لثلاثة أيام ثم انتقلنا إلى المخيمات".

وتضيف: "عندما جاء زوجي لم يعرفني عندما رآني، وبقي يسأل "وين ليلى"، وكان وضع النازحين الإيزيديين أصعب من باقي النازحين، والآن أعيش في سرداب مع عائلتي تقطن فيه أيضاً 5 عائلات".