القاتلين الأكراد يدخلون مدينة كوباني عبر تركيا (أرشيف)
القاتلين الأكراد يدخلون مدينة كوباني عبر تركيا (أرشيف)
السبت 1 نوفمبر 2014 / 08:40

البشمركة يدخلون كوباني وضربات التحالف مستمرة

عبرت قافلة من قوات البشمركة الكردية العراقية في تركيا، الحدود مساء أمس الجمعة إلى سوريا، لمساعدة الأكراد هناك في الدفاع عن مدينة كوباني المحاصرة، والتي أصبحت محور تركيز الحرب التي يدعمها الغرب ضد مقاتلي جماعة الدولة اللا-إسلامية.

وأصابت ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة مواقع للدولة اللا-إسلامية حول كوباني في وقت سابق يوم أمس الجمعة، في مسعى على ما يبدو لتمهيد الطريق للقوات الكردية المدججة بالسلاح للدخول.

وانطلق مقاتلو البشمركة وهم يهللون ويلوحون بعلامات النصر في أكثر من 12 شاحنة وعربة جيب برفقة عربات مدرعة من منطقة على بعد حوالي 8 كيلومترات من الحدود صوب كوباني.

وقال مقاتل من البشمركة لرويترز عبر الهاتف بعد ذلك "لقد عبرنا".

ويبلغ عدد أفراد القوة حوالي 150 فرداً فقط لكنها تحمل معها أسلحة وذخائر. وهذه أول مرة تسمح فيها تركيا لقوات من خارج سوريا بتعزيز أكراد سوريا الذين يدافعون عن كوباني منذ أكثر من 40 يوماً.

ومع توجه البشمركة صوب الحدود، سمع صوت انفجار هائل في منطقة كوباني كان الأحدث ضمن سلسلة متتابعة من الانفجارات في علامة على ما يبدو على تصاعد القتال.

وأصبح حصار كوباني (عين العرب) اختباراً لقدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على التصدي لتقدم الدولة اللا-إسلامية، لكن الغارات الجوية المستمرة منذ أسابيع لم تفلح حتى الآن في كسر الحصار الذي يفرضه مقاتلو التنظيم المتشدد عليها.

ودخلت قوة متقدمة مكونة من 10 أفراد من البشمركة كوباني لفترة قصيرة من الوقت أمس الخميس لتضع استراتيجية مشتركة مع وحدات حماية الشعب، وهي الجماعة المسلحة الكردية الرئيسية التي تدافع عن المدينة.

مذبحة
وفي العراق حققت القوات الحكومية والكردية مكاسب ضد الدولة اللا-إسلامية في الشمال، خلال الأسابيع الأخيرة، بيد أن الغارات الجوية الأمريكية اخفقت في وقف تقدم المتشددين في محافظة الأنبار وهي منطقة واسعة في غرب العراق.

وبدا أن إعدام أكثر من 220 من رجال القبائل هذا الأسبوع ممن قاوموا تقدم الدولة اللا-إسلامية في وادي الفرات، أسوأ عمليات قتل جماعي للسنة على أيدي جماعة سنية دأبت في السابق على قتل الشيعة وغير المسلمين.

وكان قد عثر على 220 جثة لرجال من عشيرة البونمر -كان تنظيم الدولة اللا-إسلامية قد أسرهم قبل ذلك بأيام- في مقبرتين جماعيتين خلال الأيام القليلة الماضية. وكانوا قد قتلوا بإطلاق النار عليهم من مسافة قريبة.

وأيد كثير من العراقيين السنة تنظيم الدولة اللا-إسلامية خلال تقدمه في البلاد، إذ ينظرون إلى هؤلاء المقاتلين كحماة لهم في مواجهة الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد.

وتأمل واشنطن باحتمال إقناع العشائر بأن تبدل ولاءها لتساعد حكومة بغداد في محاربة المتشددين مثلما حدث في الأنبار خلال حملة عام 2006 إلى 2007، وهي أشرس فترة من الاحتلال الأمريكي للعراق. لكن حتى الآن فإن العشائر التي تقاوم الدولة اللا-إسلامية تواجه عمليات انتقامية فيما تشكو من ضآلة الدعم من حكومة بغداد.

السيستاني
ودعا المرجع الشيعي العراقي البارز آية الله علي السيستاني، الحكومة يوم أمس الجمعة، إلى المسارعة لمساعدة العشائر السنية التي تقاتل جماعة الدولة اللا-إسلامية بعد إعدام ما لا يقل عن 220 من رجال العشائر.

وقال السيستاني (84 عاماً) في خطاب تلاه مساعد له في مدينة كربلاء عقب صلاة الجمعة، إن "على الحكومة العراقية تقديم دعم سريع لأبناء هذه العشيرة وغيرها من العشائر التي تقاتل الإرهابيين". وأضاف أن هذا من شأنه أن يتيح الفرصة للعشائر الأخرى للانضمام للمقاتلين الذين يواجهون الدولة اللا-إسلامية.

وقال أحد زعماء عشيرة البونمر الشيخ نعيم الكعود لرويترز، إنه "يخشى اعتقال المزيد من أبناء القبيلة وقتلهم من مسافة قريبة ووضعهم في مقابر جماعية". وقال إن قبيلته كانت قد ناشدت الحكومة مساعدتها في الأيام التي سبقت قيام الدولة اللا-إسلامية بالاستيلاء على القرية في هجوم.

وقال لرويترز في مقابلة، إنه أخطر الحكومة قبل الهجوم بيوم أن الدولة اللا-إسلامية تستهدف العشيرة وأنه تحدث إلى قائد القوات الجوية ومع قادة آخرين مشيراً إلى أنه أعطى لهم إحداثيات المواقع التي يوجدون بها لكن لم يعره أحد التفاتاً.

ووصول قوات أكراد العراق عبر تركيا للمساعدة في حماية كوباني في سوريا تطور سياسي مهم في صراع أشاع العنف في المنطقة.

أكراد تركيا غاضبون
واستوعبت تركيا خلال الأسابيع الأخيرة نحو 200 ألف لاجئ من منطقة كوباني، لكن عدم مشاركتها في العمل على حماية المدينة الحدودية أغضب أفراد الأقلية الكردية في البلاد، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات في أكتوبر (تشرين الأول) قتل فيها نحو 40 شخصاً.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الذي يتردد في تأييد التحالف لكنه سمح بمرور البشمركة من شمال العراق عبر بلاده- إن "الولايات المتحدة وحلفاءها يركزون على كوباني فقط، وإن عليهم أن يوجهوا اهتمامهم إلى أماكن أخرى".

وأضاف في مؤتمر صحافي في باريس، عقب محادثات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند "لماذا كوباني بالذات وليس إدلب أو حماة أو حمص، فيما تسيطر الدولة اللا-إسلامية على 40 % من أراضي العراق؟" وأضاف أن عملية السلام مع الأكراد ستستمر رغم أحداث الشغب.

وقال الجيش الأمريكي إنه "يواصل استهداف الدولة اللا-إسلامية قرب كوباني السورية أول من أمس الخميس وأمس الجمعة. وقال في بيان إن الغارات الأربع التي وقعت قرب كوباني على مقربة من حدود تركيا أوقعت أضراراً بأربعة مواقع قتالية وأحد المباني التي يستخدمها التنظيم المتشدد.

وقال أكبر مسؤول اداري في كوباني، أنور مسلم "على مدى الخمسة عشر يوماً الماضية ظلت الدولة اللا-إسلامية تشن هجمات محاولة السيطرة على البوابة الحدودية وشمل ذلك تفجير سيارات. لكننا نقاوم".

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، أمس الجمعة إن "المعلومات الأولية تشير إلى مقتل 21 من مقاتلي الدولة اللا-إسلامية في ضربات جوية للتحالف حول كوباني من بينهم جهادي من الدنمرك".

وقال صحافي من المدينة، إنه "وقعت عدة غارات خلال الليل ورصد مراسل لرويترز ضربة جوية أمس الجمعة إلى الشرق من كوباني.
ودخل نحو 200 مقاتل من الجيش السوري الحر -الذي يضم عشرات الجماعات المسلحة التي تقاتل الدولة اللا-إسلامية والرئيس السوري بشار الأسد على حد سواء- كوباني من تركيا للمشاركة في الدفاع عن المدينة.

وتساند تركيا -التي تريد أن تتضمن استراتيجية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا الإطاحة بالأسد- المعارضة السورية وهي سياسة قال أولوند إن بلاده توافق عليها.

وقال "ندرك بوجود عدوين في سوريا. هذا هو السبب الذي يدفعنا لمساندة الجيش السوري الحر، وهو الأمر الذي بحثناه لأننا على يقين أن النصر ينتظر الجيش السوري الحر وحده على الأرض".

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست، إن "الاستراتيجية الأمريكية ضد الدولة اللا-إسلامية تؤتي ثمارها نافياً أن واشنطن تركز على أضعاف مقاتلي الدولة اللا-إسلامية على حساب هدفها الموازي لذلك ألا وهو الإطاحة بالأسد".

واعترف وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل أول من أمس الخميس بأن الأسد ربما يكون قد استفاد من الهجمات الأمريكية على مقاتلي الدولة اللا-إسلامية في بلاده رغم قوله إن السياسة الأمريكية لا تزال تؤيد تنحية الأسد من السلطة.

ولاقت قافلة قوات البشمركة وهي تعبر هذا الأسبوع جنوب شرق تركيا الذي تقطنه غالبية كردية في طريقها إلى كوباني قادمة من قاعدتها في كردستان العراق.

ولم يتضح ما إذا كانت فرقة البشمركة الصغيرة هذه ستكون قادرة على تغيير دفة المعركة لكن إرسال هذه القوات العراقية إلى ساحة القتال إبراز لوحدة الجماعات الكردية التي حرصت في أحيان كثيرة على إضعاف بعضها بعضاً.

وردت سوريا على وصول قوات البشمركة العراقية بالتنديد بتركيا لأنها سمحت لمقاتلين أجانب و"إرهابيين" بدخول سوريا ما يمثل انتهاكاً لسيادتها. واستهجنت وزارة الخارجية السورية هذه الخطوة. ورفضت تركيا -التي أوضحت انها لن ترسل قواتها إلى سوريا- هذه التصريحات.